درعا.. سنوات من الغياب لم تفقد ذوو معتقلين أمل لقاء أحبتهم أو معرفة مصيرهم

درعا- نورث برس

كلما يسمع بوصول دفعة من المعتقلين إلى مبنى محافظة درعا، يذهب جمال الزعبي (59 عاماً) وهو اسم مستعار لوالد معتقل منذ عشر سنوات لدى القوات الحكومية، مسرعاً للبحث عن ابنه بين المفرجين عنهم.

ومنذ صدور مرسوم العفو مؤخراً وخروج دفعات من المعتقلين من السجون، لجأ الرجل الخمسيني كمئات العائلات، لنشر صورة ابنه على وسائل التواصل الاجتماعي مع معلومات تتعلق باسمه ومكان تولده لعل وعسى أن يجد من يتعرف عليه أو يكون من بين المعتقلين الذين خرجوا وهم فاقدي الذاكرة.

لكن حتى الآن، لم يتحقق ما يتمناه الأب ويخشى أن يفارق الحياة قبل أن يرى ابنه الذي لا يدري إن كان لا زال على قيد الحياة أم لا.

وفي الثلاثين من الشهر الماضي، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد، عفواً عاماً عن مرتكبي الجرائم “الإرهابية” من السوريين قبل تاريخ  الثلاثين من نيسان/ أبريل الماضي، باستثناء الجرائم التي أفضت إلى موت إنسان.

ومنذ ذلك الوقت، لا تزال عشرات العائلات تنتظر قدوم دفعات جديدة من المعتقلين، فيما تبحث عائلات أخرى عن أبناءها عبر نشر صورهم في مواقع التواصل الاجتماعي على أمل معرفة مكانهم أو الحصول على أي معلومة حول مصيرهم.

“مماطلة”

 ويقول “الزعبي” إن خروج العشرات من المعتقلين “أعاد الأمل إلى قلبي بأن يكون ابني لا يزال على قيد الحياة وسيتم الإفراج عنه في إحدى الدفعات”.

ويأمل أن يخرج ابنه ويعيد الحياة إلى المنزل وخاصة أن شقيقيه قتل أحدهما بقصف للقوات الحكومية واغتيل الآخر على يد مسلحين مجهولين، ويطلب من الله أن لا يفجع مرة أخرى بولده المعتقل.

ويعد ملف المعتقلين والمفقودين في الحرب السورية من أكثر الملفات تعقيداً التي تتكتم عليها الحكومة السورية.

ويقول عمار الشولي (50 عاماً) وهو اسم مستعار، لعضو اللجنة المركزية في درعا، إنه “حتى اللحظة لا يوجد صدق في الوعود التي أطلقت من قبل ضباط الضامن الروسي لاتفاق التسوية بين المعارضة والقوات الحكومية في 2018”.

وضم الاتفاق حينها، كما باقي التسويات التي شهدتها درعا، العمل على إطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير من قتل منهم.

ويشير “الشولي” إلى أن الحكومة “تناور في وعودها وتماطل بحجة دراسة الملفات وانشغالها بأمور أكثر أهمية”.

ووفقاً لأعداد حصلت عليها نورث برس من “مكتب توثيق الشهداء” في درعا فإنهم وثقوا حتى السبت الماضي، 115 معتقلاً أفرج عنهم بالعفو الأخير.

“لم نفقد الأمل”

ولم تفقد عائلة أحمد السلامة (37 عاماً) وهو اسم مستعار لشقيق معتقل منذ ثماني سنوات، الأمل في أن ابنها ما يزال على قيد الحياة، رغم أن الوالد استلم قبل أربع سنوات الأوراق الشخصية للابن المعتقل وتم إخباره بأن ابنه قضى بسبب انتشار أحد الأمراض في السجون لكن دون تسليم جثته.

ويقول “السلامة” وهو من سكان مدينة درعا، إنهم حينها أقاموا مجلس عزاء، “لكن في ذات الوقت لم نقتنع أنا ووالدتي في رواية موت شقيقي ولا زلنا حتى اللحظة ننتظر خروجه”.

ويشير إلى أن والدته مع بداية اعتقال شقيقه باعت قطعة أرض لا يمتلكون غيرها، بهدف العثور على وسيط يعمل على إطلاق سراح ابنهم أو تحديد مكان تواجده مقابل المال لكن “لم نجد أحداً”.

وحتى الآن، لا زالت والدته تحتفظ بثمن قطعة الأرض رافضة أن يتم التصرف ولو بجزء بسيط منها، إذ تخشى أن تتكلف دفع أموال لمعرفة مصير ابنها وقد يتطلب دفع الأموال لإطلاق سراحه.

إعداد: مؤيد الأشقر- تحرير: سوزدار محمد