بعد إجبارهم على توقيع عقود.. صناعيون في إدلب يخشون فقدان مصدر عيشهم

إدلب نورث برس

أجبرت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، محمد الشواف (50عاماً) وهو اسم مستعار لصناعي من سكان مدينة إدلب، على توقيع عقد استئجار لمحلة التجاري الكائن في المنطقة الصناعية بالمدينة.

ويقول الرجل الخمسيني إنه نهاية نيسان/ أبريل الماضي، قامت دورية أمنية تتبع للهيئة، بإغلاق جميع المحلات التي تعود ملكيتها بالأصل للدولة بـ”القوة”، وذلك لإجبار مستثمري هذه المحال على توقيع عقود تعود بالنفع لتحرير الشام.

والمحل بالأساس هو تعويض من قبل الحكومة السورية، قامت منذ أربعة عقود بإعطائه لوالد “الشواف”، بدلاً عن محله القديم في سوق الحدادين والذي تم هدمه لتوسعة الطريق، حيث كانوا حينها يدفعون أجوراً شهرية رمزية مقابل العمل فيها.

ولا يخفي “الشواف” قلقه من إجراءات الهيئة الأخيرة، التي تصل في نهاية المطاف لفرض ضرائب وإتاوات تفوق طاقته فيخسر مصدر رزقه.

ويعمل الرجل الذي فقد اثنين من أولاده بغارة جوية، “كحداد في المحل الذي ورثه من أباه، برفقة ابنه الأصغر، إذ أن أجرتهم الأسبوعية لا تتجاوز 300 ليرة تركية (نحو 80 ألف ليرة سورية) أسبوعياً”.

ودأبت هيئة تحرير الشام منذ سيطرتها على إدلب أواخر عام 2015، على استثمار أملاك الدولة لصالحها من خلال تأجيرها وفرض ضرائب وإتاوات على النازحين الساكنين فيها، بالإضافة لتوزيعها على قياداتها وأشخاص محسوبين عليها.

مخاوف من رفع الإيجار

وأجبرت حكومة الإنقاذ عن طريق تحرير الشام، المستثمرين من أصحاب المحال التي تعود ملكيتها للدولة على توقيع عقود مدتها ثلاث سنوات، وفق بنود معينة “تخدم مصالحها”، وفقاً لـ  غزوان صطوف (35 عاماً) وهو اسم مستعار لمستثمر أحد المحلات.

ويضيف “صطوف” الذي يقيم في مدينة إدلب، أن “القوة الأمنية التابعة لحكومة الإنقاذ أجبرته أيضاً على التوقيع على ذات العقود وذلك بعد إغلاق محله لثلاثة أيام”.

ويشير إلى أنهم كانوا “يدفعون أجوراً رمزية للحكومة والتي كانت عبارة عن (50 ) ليرة سورية”.

ويقول “صطوف” إن من أبرز ما جاء في هذه العقود، أن “الشخص المستثمر غير مخول بالتصرف في العقار بأي شكل من الأشكال سواء البيع أو الشراء، ولا يحق له حتى ترميمه تحت طائلة المسؤولية”.

ويضاف إلى تلك الشروط أيضاً، تسيير لجان متخصصة للكشف عن هذه المحلات، لتحديد الأجرة الشهرية، في حين تصبح حكومة الإنقاذ حرة التصرف بهذه المحلات بعد انتهاء مدة العقد المقدرة بثلاث سنوات”.

ويتخوف الرجل الثلاثيني الذي يعمل بمهنة تصليح الدراجات النارية، من رفع الهيئة لإيجار المحل وخاصة بعد جولة اللجان التابعة لحكومة “الإنقاذ” التي اضطلعت على محله نهاية الشهر الماضي.

ويشير “صطوف”  إلى أنه الآن يدفع أجوراً شهرية يصفها “بالمقبولة نوعاً ما”، حيث يدفع مبلغ 100 ليرة تركية شهرياً (نحو 26 ألف ليرة سورية).

“منافية للقانون”

وبحسب رائد علوان (45 عاماً) وهو محامٍ مقيم في مدينة إدلب، فإنه لا يحق لأي جهة التصرف بممتلكات جاءت أساساً كتعويضات مقدمة للأشخاص المتضررين من مشاريع خدمية سابقة للحكومة السورية.

ويقول “علوان”، إنه وفي هذه الحالة “يتم أخذ أجور سنوية رمزية من أصحاب هذه المحلات كونها تبقى ضمن أملاك الدولة، إذا لم ترغب الإنقاذ بتسليمها لأصحابها ومستثمريها”.

ويضيف أن “القانون السوري رقم 61 لعام 2004، يحمي ملكية المستثمر” أي أنه بموجب المادة 1 من القانون المذكور يعدّ المنتفع من أملاك الدولة مالكاً للأرض الموزعة عليه من تاريخ اعتماد التوزيع”.

ويشير المحامي في حديث لنورث برس، إلى أن توقيع العقود بالإجبار والتهديد والوعيد وعدم السماح لصاحب العلاقة بالاطلاع على البنود أو تسليمه نسخه طبق الأصل منها، ما هي إلا ممارسات وصفها “بالتشبيحية” ولا تمت للقوانين والدستور بصلة.

 إعداد: سعيد زينو- تحرير: مالين محمد