درعا.. رشوة مقابل العفو ومعتقلون لا يزالون في السجون

درعا- نورث برس

لا ينكر حسين المقداد وهو اسم مستعار لشقيق أحد المعتقلين المفرج عنهم مؤخراً بمرسوم عفو، من محافظة درعا، أنهم دفعوا 55 مليون ليرة سورية (ما يقارب 14 ألف دولار أميركي) كرشوة من أجل وضع اسم شقيقه في قائمة المفرج عنهم.

واعتقل شقيق “المقداد” في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، أثناء مراجعته لوزارة الداخلية في العاصمة دمشق وذلك بعد أن أجرى تسوية لوضعه.

ويقول “المقداد” إن شقيقه كان يعمل في الشرطة التابعة للقوات الحكومية قبل الانشقاق عنها مطلع العام 2012 وانضم إلى التسوية الأولى بعد الاتفاق بين المعارضة السورية والقوات الحكومية برعاية روسيا صيف العام 2018.

ويشير إلى أنهم لم يستطيعوا خلال العام الأول من اعتقاله، معرفة مكانه على الرغم من مراجعة زوجته لوزارة الداخلية أكثر من مرة.

ولكن وبعد دفع رشوة مالية لأحد الضباط في المخابرات التابعة للقوات الحكومية أخبرهم أنه مودع في سجن صيدنايا العسكري.

ويؤكد “المقداد” لنورث برس، أنهم دفعوا رشوة مرة أخرى من أجل السماح لزوجته بزيارته لمدة لا تتجاوز 15 دقيقة وبوجود عنصر من القوات الحكومية معهم.

وطيلة فترة اعتقاله، لم يتم عرض شقيقه على المحكمة ولم يسمح لهم بتوكيل محامٍ، وفقاً لعائلته.

استمرار الاعتقالات

ولكن ورغم مرور نحو أسبوع على المرسوم الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد، يشمل عفواً عاماً عن مرتكبي الجرائم “الإرهابية” من السوريين قبل تاريخ  الثلاثين من نيسان/ أبريل الماضي، ما تزال آلاف العائلات في درعا وباقي المناطق السورية تنتظر خروج أبنائها.

ووصل عدد المعتقلين الذي عملوا في صفوف المعارضة سابقاً في درعا إلى 1059 شخصاً منذ صيف العام 2018 ومعظمهم يحملون بطاقات تسوية، بحسب تصريح سابق لعضو “مكتب توثيق الشهداء” في درعا، محمد الشرع.

وتسجل قاعدة بيانات المكتب أكثر من 6800 شخصاً من درعا بين معتقل ومفقود ومغيب قسراً، كما وثق المكتب مقتل 25 شخصاً تحت التعذيب في سجون القوات الحكومية خلال 2021.

وقال “الشرع” لنورث برس، إنهم وثقوا حتى السبت الماضي، 115 معتقلاً من درعا أفرج عنهم بالعفو الأخير.

وأشار إلى أن غالبية المعتقلين المفرج عنهم خرجوا من سجن عذرا المركزي شرق العاصمة دمشق.

وذكر أنه تم توثيق خروج عدد من المعتقلين من سجن صيدنايا العسكري والأفرع الأمنية التابعة للقوات الحكومية.

وفي ظل خروج معتقلين من السجون الحكومية، لا تزال عمليات الاعتقال التي يقوم بها “نظام الأسد” مستمرة بحق أبناء محافظة درعا ولم تتوقف على الرغم من أربع عمليات تسوية، كان آخرها التي انتهت في الواحد والعشرين من نيسان/ أبريل الماضي، بحسب قول “الشرع”.

ووثق المكتب خلال الشهر الماضي، ما لا يقل عن 31 معتقلاً ومختطفاً، تم إطلاق سراح 11 شخصاً منهم، في وقت لاحق من ذات الشهر، وفقاً لما أفاد به الشرع” لنورث برس.

“عفو وهمي”

ومنذ الثلاثاء الماضي، تتجمع المئات من عائلات معتقلي سجن صيدنايا تحت جسر الرئيس وسط العاصمة دمشق، بعد صدور مرسوم العفو الرئاسي.

وفي وقت سابق من اليوم ذاته، قالت وزارة العدل في بيان إنَّه “تم خلال اليومين الماضيين إطلاق سراح مئات السجناء الموقوفين من مختلف المحافظات السورية، على أن يصار إلى إطلاق جميع المشمولين بالعفو تباعاً خلال الأيام المقبلة”، في انتظار استكمال الإجراءات.

ولم تنشر الوزارة قوائم بأسماء أو أعداد من شملهم العفو.

ومنذ صدور العفو أعلنت الأجهزة الأمنية في دمشق إطلاق سراح 252 معتقلاً، فيما لا تزال عشرات العائلات تنتظر قدوم دفعات جديدة من المعتقلين، في أماكن مختلفة من دمشق.

فيما تبحث عائلات أخرى عن أبناءها عبر نشر صورهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أمل معرفة مكانهم أو الحصول على أي معلومة حول مصيرهم.

ورأى عبد الله الحريري (36 عاماً) وهو اسم مستعار لناشط إعلامي في ريف درعا الشرقي، أن “العفو الوهمي أخذ صدى إعلامياً أكبر من حجمه”.

وأضاف أن سكان درعا توقعوا الإفراج عن أعداد كبيرة من المعتقلين نظراً للعدد الكبير من أبناء المحافظة الذين تم اعتقالهم منذ ربيع 2012 وحتى اليوم.

وأشار إلى أن غالبية المفرج عنهم من أصحاب القضايا الجنائية وعدد قليل من معتقلي الرأي.

والخميس الماضي، قامت الأجهزة الأمنية التابعة “للنظام السوري” بإطلاق سراح 72 معتقلاً بعد جلبهم من سجون العاصمة دمشق إلى المجمع الحكومي في درعا، بحسب الناشط الإعلامي.

وأكد “الحريري” أن جميع المعتقلين المفرج عنهم ذلك اليوم تم اعتقالهم بعد التسوية الأولى التي تمت صيف العام 2018.

إعداد: إحسان محمد – تحرير: سوزدار محمد