سكان ونازحون في إدلب: المناطق التي سترحل تركيا السوريين إليها ليست آمنة

إدلب نورث برس

تجتمع آراء سكان ونازحين في إدلب، شمال غربي سوريا، على أن المناطق التي تعتزم تركيا توطين نحو مليون لاجئ سوري فيها “غير آمنة” وهي معرضة للقصف من قبل أطراف النزاع المختلفة في سوريا.

والأسبوع الفائت، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن أنه يتم التحضير لمشروع إعادة نحو مليون من اللاجئين السوريين في تركيا إلى “المناطق الآمنة” في شمال سوريا، في إشارة منه إلى المناطق التي تسيطر عليها قواته مع فصائل موالية له من عفرين شمال غرب وصولاً إلى سري كانيه شرقاً.

كما وكشف وزير الداخلية التركي في وقت سابق من الأسبوع الفائت، عن مخطط بناء نحو 250 ألف منزل في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا وفصائل المعارضة السورية وهي سري كانيه وتل أبيض وجرابلس والباب بشمالي سوريا، وذلك “بهدف توفير العودة الطوعية لمليون سوري”.

وسيتم تمويل هذه المشاريع من قبل منظمات إغاثية دولية، تستهدف اللاجئين السوريين الحاصلين على الإقامة المؤقتة في تركيا.

ويرى محمد الآغا (39 عاماً) وهو نازح من ريف حماة الشمالي في مدينة إدلب، أن الحديث حول إعادة السوريين الفارين من جحيم الحرب إلى الأراضي التركية لما يسمى بـ”المنطقة الآمنة” لا يعدو أن يكون أكثر من فقاعة إعلامية.

ويشير إلى أن هدف هذا المشروع هو “تهدئة الشارع التركي والمعارضة التركية التي تطالب باستمرار بترحيل السوريين لا سيما قبل فترة الانتخابات التركية”.

ويضيف النازح الذي ينحدر من بلدة قمحانة شمالي حماة، أنه “لا يمكن تسمية تلك المناطق بالآمنة، فالجميع يشاهد أنها تتعرض للاستهداف بشكلٍ مستمر”.

“إرضاء المعارضة التركية”

وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، عملت العديد من المنظمات التركية مثل “وقف الديانة التركي” ومنظمة “آفاد” و”هيئة الإغاثة الإنسانية” على بناء عشرات القرى السكنية المبنية من الطوب في عدة مناطق بريفي إدلب وحلب الشماليين.

وتأتي هذه الخطوة بهدف توطين مئات آلاف السوريين الذين تنوي أنقرة ترحيلهم من أراضيها إلى تلك المنازل التي يراها سوريين أنها تأتي في إطار التغيير الديمغرافي وجعل النازحين ينسون منازلهم التي هجروا منها قبل سنوات نتيجة سيطرة قوات حكومة دمشق عليها باتفاق مع تركيا.

وفي مدينة إدلب، لا تختلف وجهة نظر محمود الخالد (31 عاماً) كثيراً عن سابقه، ويرى أن هدف تركيا من ترحيل السوريين من أراضيها، “هو في سبيل إرضاء مطالب المعارضة التركية خاصة وأنها مقبلة على استحقاق انتخابي جديد”.

بالإضافةً إلى إرضاء جزء كبير من الشعب التركي الذي يرغب اليوم بخروج السوريين من تركيا، بحسب “الخالد”.

ويضيف الرجل الثلاثيني: “الجميع يشاهد يومياً عدداً كبيراً من التصريحات العنصرية من قبل المسؤولين والمواطنين الأتراك تجاه السوريين ووجودهم في تركيا”.

ويرى “الخالد” أن توطين اللاجئين السوريين في مناطق ليست مناطقهم وإخراجهم من بلد استضافتهم بصفة لاجئين، “مشكلة” باعتبار أن البلد الذي سوف يتم توطينهم به لم تنتهِ الحرب فيه إلى الآن”.

ويزيد على ذلك، أن “المناطق التي تعمل تركيا على بناء مستوطنات سكنية فيها، هي مناطق غير آمنة والمشكلة الإنسانية الأكبر اليوم هي نزع صفة اللاجئ من هؤلاء الأشخاص وترحيلهم وتوطينهم في مناطق ليست مناطقهم”.

الترحيل ليس حلاً

ولم تحدد تركيا حتى الآن، آلية اختيار اللاجئين الذين ترغب بإعادتهم وخاصة أن الإحصاءات الرسمية التركية تشير إلى وجود نحو أربعة ملايين لاجئ سوري في تركيا، في حين أنها تتحدث عن ترحيل نحو مليون سوري فقط.

ويعتقد “الخالد” أن ما تنوي تركيا فعله “لا يعتبر حلاً لأزمة اللاجئين، إنما الحل الحقيقي يكمن في إسقاط نظام الأسد وإعادة هؤلاء اللاجئين إلى مناطقهم الأصلية التي هجروا منها مرغمين”.

في حين يرى حسين السويد (42 عاماً) وهو نازح من مدينة كفرنبل جنوب إدلب في مدينة سرمدا شمالي إدلب، أن ما تقوم به تركيا، هو محاولة لكسب الشعب التركي الذي ازدادت عنصريته مؤخراً ضد اللاجئين السوريين.

 كما أن تركيا تسعى ومنذ سنوات إلى بناء حاجز بشري من خلال ما تسميه اليوم بـ”المنطقة الآمنة” ليفصل بينها وبين مناطق سيطرة “النظام السوري” ومناطق سيطرة “قسد” في شمال شرقي سوريا، بحسب قول “السويد”.

ويضيف: “وبذلك تتمكن تركيا من تأمين ما تسميه بأمنها القومي الذي جعلته حجة للدخول في الحرب السورية لكي يكون لديها ورقة ضغط سياسي تستخدمها في عدة ملفات خارجية لا تعني الشعب السوري”.

ويعبر الرجل الأربعيني عن اعتقاده أن “تركيا أقدمت على هذه الخطوة في ضوء أخضر من المجتمع الدولي”.

إعداد: بهاء النوباني- تحرير: سوزدار محمد