محللون يصفون قمة بوتين روحاني أردوغان بـ"الكاذبة"”.. ومحلل روسي يقرؤها من زاوية أخرى
اسطنبول ـ نورث برس
وصف مراقبون، القمة الثلاثية الافتراضية الأخيرة التي جمعت (روسيا، إيران وتركيا) بأنها "كاذبة"، وأن بيانها الختامي فيه الكثير من الادعاءات الصادرة عن الأطراف الثلاثة الضامنة لتطورات الوضع خاصة شمال وشرقي سوريا، في حين يرى آخرون أن هدف القمة كان لمصالح تلك الأطراف وليس للسوريين أي شأن فيها.
ومن أبرز ما أثار سخط السوريين عقب تلك القمة هو تأكيد الأطراف الضامنة في بيانهم الختامي على أن النزاع في سوريا لن يزول إلا بعملية سياسية يقودها السوريون بتسهيلات من الأمم المتحدة.
وقال المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات السياسية، يحيى العريضي، في منشور على حسابه في "فيسبوك" إن "بوتين- أردوغان- روحاني، أجمعوا في قمّتهم على أن الحل في سوريا سياسي فقط، شكراً على هذا الاكتشاف، ولكن ماذا تفعلون في بلدنا؟ المغرم بالقتلة يأخذهم معه، ويريح سوريا، وسيتدبر السوريون أمورهم".
وأكد المجتمعون في القمة وعلى رأسهم الرئيس الإيراني حسن روحاني، على الحل السلمي للأزمة، وقال إن "محادثات أستانا هي العملية الوحيدة التي ساهمت في الحل السلمي للأزمة السورية، ونشدد على ضرورة الحفاظ على المكاسب التي تحققت وحمايتها وتطويرها من قبل الدول الثلاث إيران وروسيا وتركيا".
وتعليقاً على ذلك نشر المحلل السياسي، سامر خليوي، على حسابه في "فيسبوك" إن "بيان القمة الثلاثية بين تركيا وروسيا وإيران كاذب وسخيف ومثير للضحك، فهو يتحدث أن الحل في سوريا ليس عسكرياً وإنما سياسياً يقوده السوريون، وحسب روحاني فإن مسار أستانا هو الناجح، ويعلم هذا أنهم هم من يقرروا الحل الذي يناسبهم ولا دور للسوريين به سواء معارضة أو موالاة".
وأجمع الأطراف الثلاثة على أنهم ساهموا من خلال تحالفاتهم على إرساء الأمن والاستقرار في سوريا، وأن مستوى العنف قد تراجع في المنطقة، مع تأييدهم الكامل للحل السياسي في سوريا وأن الحلول العسكرية لا تؤدي إلى أي نتيجة.
إثبات استمرار
وفي قراءة منه لتلك القمة، قال المحلل السياسي الروسي دينيس كوركودينوف، لـ "نورث برس"، إن "أهمية قمة روسيا وتركيا وإيران فيما يتعلق بالوضع في سوريا هو إثبات استمرارهم في كونهم الضامنين للأمن في منطقة الشرق الأوسط، وقد تم توجيه هذه الرسالة في المقام الأول إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبعد المؤتمر من المرجح أن تكثف موسكو وأنقرة وطهران عملياتها العسكرية في شمال غربي وشمال شرقي سوريا، حتى تحصل على نفوذ إضافي".
وأجمع الأطراف الثلاثة في بيانهم على أن "الولايات المتحدة فشلت سابقاً في تحقيق أهدافها عبر الضغوط العسكرية والمنظمات الإرهابية، وستفشل أيضاً رغم ضغوطها الاقتصادية ومعاقبة الشعب السوري".
وتابع "كوركودينوف" أن "الموضوع الرئيسي للمحادثات كان قانون قيصر، الذي دخل حيز التنفيذ بمبادرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أجل إضعاف الاقتصاد السوري، إضافة لمكافحة الجماعات الإرهابية وفي المقام الأول (هيئة تحرير الشام) في إدلب وتنظيم (الدولة الإسلامية) في شمال شرقي البلاد".
وأضاف أنه "في هذه المواضيع، تلتزم روسيا وتركيا وإيران بنفس وجهة النظر، معتبرة أنه من الضروري تركيز اهتمامها الرئيسي على قضايا استعادة الأمن في سوريا، بما في ذلك الأمن الاقتصادي والعسكري السياسي، وهذا هو حجر الزاوية في سياسة الشرق الأوسط للدول الثلاث المهتمة في الوصول إلى حقول النفط في سوريا في سياق الأزمة الاقتصادية المتزايدة، ومع ذلك، تخلق الأعمال العدائية وقانون قيصر عقبات كبيرة أمام هذه السياسة".
ورأى أن "مصالح موسكو وأنقرة وطهران تتقاطع في سوريا، لأنه بدون تنسيق ودعم متبادلين واضحين لهذه الدول سيكون من المستحيل عملياً الحفاظ على مواقفها على الأرض، لكن أيضاً مصالح الدول الثلاث لا تتطابق دائماً، لذا فإن العقبة الرئيسية بين الكرملين ونظام آية الله لا تزال الضغط الذي تمارسه إسرائيل ضد المنشآت العسكرية الإيرانية في سوريا، وبالتالي تفضل روسيا عدم ملاحظة النشاط العسكري لتل أبيب، بينما تشعر طهران بالقلق".
وتابع أنه "في غضون ذلك لا يمكن لروسيا وتركيا الاتفاق على دور فصائل المعارضة المسلحة في محافظة إدلب، إذ إن تصرفات المسلحين الموالين لتركيا في شمال غربي سوريا تنذر بالخطر للكرملين وتخلق صعوبات كبيرة في تنفيذ اتفاقي سوتشي وموسكو، ومع ذلك لا ينوي رجب أردوغان الحد من موقف وكلائه على أساس أنهم يعملون كقوة حفظ سلام على الرغم من أن هذا غير صحيح".
التهدئة
ووسط كل ذلك يرى مراقبون أتراك وعقب بيان القمة الثلاثية أنه "وفق المعطيات الحالية وما تمخض عن هذا اللقاء، بأن التهدئة هي عنوان المرحلة المقبلة إلى حين انعقاد اجتماع اللجنة الدستورية في آب/ أغسطس المقبل وبعد ذلك لكل حادث حديث".
وفي هذا الجانب قال "كوركودينوف" إنه "حتى الآن تمكنت أطراف عملية التفاوض من تقييد سياسة الاتهامات المتبادلة والتفاوض في سوريا على وجه الخصوص".
وتمكن الأتراك بفضل الضغط من موسكو "من تحفيز قادة مجموعة (هيئة تحرير الشام) على القضاء على منافسيهم في إدلب، الذين تشتتوا وتداخلوا في معارك ضد الجيش الروسي، والآن بعد أن تم تفكيك الجماعات الإرهابية الصغيرة وقتل قادتها يمكن لروسيا أن تحدد بوضوح التهديد في إدلب، وتبدأ القتال مباشرة ضد مقاتلي الهيئة"، بحسب المحلل الروسي.
مسألة المساعدات الإنسانية
ورأى "كوركودينوف" أن الاجتماع ركز أيضاً على الجوانب الإنسانية خاصة فيما يتعلق بمسألة إدخال المساعدات عبر الأراضي التركية، وسط مخاوف تركية من التلويح الروسي بالفيتو ضد إدخال المساعدات والوقوف بوجه قرارات مجلس الأمن تمديد إدخال المساعدات الإنسانية للسوريين خاصة في الشمال السوري.
وقال إن "من بين أمور أخرى، كانت الحاجة لعقد اجتماع ثلاثي ترجع إلى حقيقة أنه في 10 تموز/ يوليو 2020 سينتهي قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (2165) وآخر تحديث له رقم (2504)، و بموجب هذا القرار كان للأمم المتحدة الحق في استخدام نقاط التفتيش لمدة /6/ أشهر أي النقاط على الحدود السورية التركية (باب الهوى وباب السلام) لتقديم المساعدة الإنسانية لسكان شمال غربي سوريا".
وأضاف أنه "إذا لم يتمكن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من الاتفاق على تمديد القرار اعتباراً من 11 الشهر الجاري، فسيتم حظر المساعدات الإنسانية لمخيمات النازحين والمواد لعمل منظمة الصحة العالمية ضد كورونا، وبما أن المساعدة الرئيسية في سوريا وفقًا لهذه القرارات يتم تسليمها الآن عبر أراضي تركيا، فإن رجب طيب أردوغان مهتم بشكل خاص بتشجيع فلاديمير بوتين على دعم مجلس الأمن الدولي في مشروعه لتمديد مدة القرار".
معبر اليعربية
وتابع أنه "بالإضافة إلى ذلك فإن روسيا التي تعاني الآن حاجة ماسة لحقول النفط في شمال شرقي سوريا، قد تتقدم بمبادرة إيصال الإمدادات الإنسانية من خلال نقطة تفتيش على الحدود السورية العراقية (اليعربية)، الأمر الذي سيتطلب تفاعل موسكو مع قوات سوريا الديمقراطية".
وقال أيضاً إنه "ومع ذلك وبما أن مواقع الجيش الأمريكي قوية جدًا في شمال شرقي سوريا، فإن موسكو التي تفتح معبر اليعربية سوف تثير رد فعل حاد من الولايات المتحدة، والذي من المحتمل أن يكون ضد تعزيز الموقف بين قوات سوريا الديمقراطية وروسيا".
إذ من المرجح أن "تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً على (قسد)، مطالبةً إياها بمقاومة روسيا وتركيا"، بحسب "كوركودينوف".
وختم المحلل السياسي بالقول إن "المؤتمر بين روسيا وتركيا وإيران يمثل إعلانًا بشأن استعادة القوة في سوريا، ويشكل إشارة أكيدة لمرحلة جديدة في تصعيد النزاع، حيث أن الهدف الرئيسي هو السيطرة على إدلب وشمال شرقي سوريا".