خمسيني من الرقة يعيش أمل اللقاء بشقيقته المفقودة إبان سيطرة “داعش”

الرقة – نورث برس

وسط حي رميلة الشعبي على الأطراف الشمالية الشرقية لمدينة الرقة، شمالي سوريا، يعيش علي الظاهر (57 عاماً) أمل اللقاء مرة أخرى بشقيقته سارة المفقودة منذ عدة سنوات.

فقد الرجل الخمسيني، شقيقته خلال الأشهر الأخيرة من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على الرقة، بعد أن اختفت هي وزوجها منتصف العام 2017.

وخلال العام 2014، سيطر “داعش” على مدن وأرياف الرقة وحلب ودير الزور، ليعلن لاحقاً “الخلافة الإسلامية” على أراضٍ واسعة في عدة مدن ومناطق سورية وعراقية، وأصبحت الرقة عاصمة لتلك الخلافة المزعومة وتحولت إلى مقر قيادة التنظيم.

ووفقاً لما يقوله “الظاهر” فإن زوج سارة الذي يحمل اسم “حسين الحمادي” كان مصاباً بشظايا في الرأس نتيجة قصف تعرض له منزله بمزرعة ميسلون، 18 كم شمال الرقة نقل على إثرها إلى مشفى الرقة الوطني.

ويذكر لنورث برس أنه وخلال آخر اتصال بينه وبين شقيقته قالت له إنها في منزل بحي رميلة بالقرب من دوار البرازي هي وزوجها المصاب، بعد أن فرّغ تنظيم “داعش” مشفى الرقة الوطني من المدنيين.

وخلال تلك الفترة كان “الظاهر” هو وعائلته يعيشون في مدينة منبج بعد أن نزحوا من الرقة إثر اشتداد المعارك بين “داعش” وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”.

“لا أثر لها”

وبعد عودة عائلة “الظاهر” إلى منزلها في حي رميلة، توجه الشقيق إلى الحي الذي وصفته له شقيقته خلال آخر اتصال باحثاً عنها وعن زوجها.
وحينها استطاع الرجل إيجاد المنزل لكنه لم يجد أحداً من الذين يبحث عنهم، وعندما سأل الجوار قالوا له إن مالك المنزل توفي قبل نحو شهر.

وسأل “الظاهر” زوجة صاحب المنزل، وأخبرته الأخيرة أنه وبعد تحرير المدينة وعودة المدنيين للحي، وجد زوجها جثةً لرجل مجهول الهوية ليقوم هو وأشخاصٌ آخرون بدفنها في مقبرة المدينة.

كما وجدوا بالقرب من الجثة، بقايا أدوية ووصفات طبية عليها اسم “حسين الحمادي” وهو اسم زوج شقيقته، لكن سارة لم يكن لها أثر.

لم يكن لـ “الظاهر” أن ينسى سارة وفقاً لما يرويه لنورث برس، فبحث عنها حتى في المقابر الجماعية، ويقول إنه طلب من أصدقاء له يعملون في فريق الاستجابة الأولية إخباره عن أي معلومة أو وصف أو أوراق يتم إيجادها تتوافق مع معلومات شقيقته المفقودة أو مواصفاتها.

وترك “داعش” في المناطق السورية التي كان يسيطر عليها، عشرات المقابر الجماعية يرجح أنها لمعتقلين كانوا بحوزة التنظيم، اكتشف في الرقة وحدها 28 مقبرةً جماعية ضمت آلاف الجثث معظمها لم تعرف هويتها، لعدم وجود جهاز لفحص الحمض النووي (دي إن أي)، بحسب فريق الاستجابة الأولية في الرقة.

ولم يستعبد الشقيق إمكانية خطف سارة من قبل عناصر “داعش” لاستخدامها مع مدنيين آخرين دروعاً بشرية خلال الاشتباكات التي دارت في الرقة مع “قسد” قبل طرد التنظيم منها في تشرين الأول/ أكتوبر 2017.

وخلفت شقيقة “الظاهر” المفقودة وراءها عائلة تتكون من ثلاثة ذكور وأربعة من الإناث، أكبرهم من الذكور بعمر (30 عاماً) اعتقلته قوات الحكومة السورية خلال عام 2015 أثناء عودته من لبنان وساقته للتجنيد وما يزال يؤدي الخدمة العسكرية حتى الآن.

بينما تعيش الإناث مع شقيق لهن في مخيمات سهل البقاع في لبنان ويعملون في الحقول الزراعية، في حين أن الأخ الثالث تطوع في قوى الأمن الداخلي (الآسايش) في مدينة الرقة.

ويروي “الظاهر” عدة مشاهد لـ”القصاص” كان شاهداً عليها، “ضحايا بعضهم كان بعمر الـ 12 عاماً قتلهم داعش بتهمة العمالة للتحالف الدولي وقسد أو الحكومة السورية”.

ويقول إن غالبية التهم التي كانت جاهزة ليتم تلفيقها بالمدنيين هي “الردة والكفر” و”العمالة” وجعلت هذه التهم سكان الرقة آنذاك يعيشون عشرات عمليات “القصاص” التي نفذها “داعش”.
ويعمل “الظاهر” ناشطاً حقوقياً ويحاول حالياً هو وآخرون في الرقة من ذوي المفقودين إبان سيطرة “داعش” على المدينة إنشاء “رابطة ذوي مفقودي الرقة” للبحث عن الأدلة أو أي شيء يدل على المفقودين.

ويتمنى الشقيق لو أنه يجد أثراً يدله على حتمية مصير سارة سواء كانت قد ماتت مع الذين ماتوا أو أنها لا تزال على قيد الحياة وهو الأمر الذي يستبعده الرجل مع طول المدة التي مضت على تحرير المدينة.

إعداد: عمار عبد اللطيف – تحرير: سوزدار محمد