استخراج الأوراق الثبوتية معضلة في إدلب فتحت أبواباً للاستغلال والتزوير

رزان السيد –إدلب- نورث برس

 

تستمر معاناة السكان في مناطق إدلب شمال غربي سوريا مع استخراج الأوراق الثبوتية والشخصية التي أضحت حكراً على الأغنياء وميسوري الحال في هذه المنطقة، وذلك بسبب ما يصفه السكان بـ"التعقيدات" التي فرضتها حكومة دمشق على المدنيين في إدلب.

 

فقبل نحو عام فقد سمير منصور، وهو من سكان مدينة إدلب، هويته الشخصية بعد رحلة نزوح متكررة ولم يستطع استخراجها مجدداً، نتيجة الصعوبات "الكبيرة" التي عرقلت كل محاولاته في استخراج هوية بديلة.

 

"تكاليف باهظة"

 

وقال لـ"نورث برس"، "فقدت هويتي أثناء نزوحي من مدينة إدلب بعد الحملة الأخيرة التي شنتها قوات الحكومة السورية على المدينة، لم أستطع إخراج هوية بديلة لما في ذلك من مخاطر التوجه لمناطق الحكومة والعبور من الحواجز الأمنية التي باتت مصدر رعب للشعب السوري".

 

وأضاف، "حاولت استخراج هوية عن طريق بعض الموظفين اللذين يعملون في دوائر السجل المدني بمدينة حماة، إلا أن التكلفة التي ستترتب علي تعادل نفقات معيشة ثلاثة أشهر لي ولعائلتي مما دفعني للعزوف عن استخراجها".

 

و"تمنع الحكومة السورية السكان الذين يعيشون خارج مناطق سيطرتها من أدنى حقوقهم في استخراج الأوراق الثبوتية عن طريق حرمانهم من الهوية أو أي شيء يثبت شخصيتهم"، بحسب "منصور".

 

وتتفاوت أسعار استخراج الأوراق الشخصية والثبوتية من شخص لآخر بحسب السماسرة الذين باتوا يستغلون السكان في تلك المناطق لعدم وجود أي مؤسسة تصدر مثل هذه البيانات لعدم حصولها على الاعتراف الدولي.

 

ووصلت تكلفة استخراج الهوية الشخصية لأكثر من /200/ ألف ليرة سورية، كما وصل ثمن استخراج دفتر العائلة إلى ما يقارب ثلاثمئة دولار أمريكي، ليتفاجأ فيما بعد معظم الذين استخرجوها أنها "مزورة وغير مقيدة في السجلات المدنية التابعة للحكومة السورية" وهو ما حصل مع محمد الحمدو (38عاماً) عندما اكتشف أن أحد السماسرة قام بإعطائه هوية مزورة بعد أن دفع ثمن استخراجها مسبقاً.

 

"ضحايا للتزوير"

 

ويضيف الحمدو :"لا يخفى على الجميع مدى أهمية الهوية الشخصية وخاصة في الداخل السوري بسبب كثرة الحواجز الأمنية التي دائماً ما تطلب الهويات الشخصية للأشخاص الذين يضطرون للعبور منها".

 

ويكشف "الحمدو" أنه عمل على استخراج هوية شخصية عن طريق أحد الأشخاص الذين يمتهنون استخراج الأوراق من مناطق سيطرة الحكومة ليكتشف بعدها أن الهوية مزورة عن طريق أحد الأشخاص المختصين وأصحاب الخبرة.

 

ويقول المحامي، أمجد الأحمد (42عاماً) لـ"نورث برس" : "الأوراق الثبوتية والشخصية تعطي الفرد كامل حقوقه المدنية في الحماية والتعليم والهوية وفقدانها يعني عدم اعتراف من الدولة على الأشخاص الذين لا يملكونها، فمعظم الأطفال الذين ولدوا خلال (الثورة) لا يمتلكون أي وثيقة تثبت شخصيتهم ونسبهم وهذا أمر خطير يحرمهم في المستقبل من حقوقهم وخاصة التعليم".

 

"نساء متضررات"

 

وأشار "الأحمد" إلى أن النساء كن المتضررات الأكبر نتيجة هذه المعضلة وما رافقها من عدم تسجيل زواجهن في أي محكمة أو دائرة رسمية والاكتفاء بالشيخ والشهود "عقد براني" مما يحرمهن من حقوقهن الكاملة وهو أمر كثير ما يواجهنه في رفع قضايا الطلاق إذ تضطر المرأة للتنازل عن جميع حقوقها مقابل حريتها وطلاقها.

 

وسبق أن كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان نشره عبر معرفاته أن "أزمة الأوراق الثبوتية من بين أكثر الأزمات تعقيداً في شمال غربي سوريا، وذلك لعدم حصول المؤسسات المدنية في الشمال السوري على الاعتراف الخارجي من أجل تسجيل المعاملات الرسمية  مثل عقود الزواج والطلاق والنفوس وغيرها من المعاملات".

 

وباتت تلك المسألة معضلة للمدنيين في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية في الشمال بالتزامن مع الحاجة الملحة لهذه المعاملات بعد الازدياد الكبير في أعداد السكان في الشمال الغربي من سوريا وخاصة "بعد عمليات التهجير التي مورست بحق الشعب السوري"، بحسب المرصد الحقوقي.

 

وذكر المرصد أن المؤسسات المدنية المختصة والتي تتبع لكل من حكومتي "الإنقاذ" و"المؤقتة" لا تحظى بثقة كبيرة بين المدنيين إذ ينظر لهذه المؤسسات على أنها غير معترف بها.

 

ولا توجد إحصائية رسمية ودقيقة عن نسبة العائلات التي لا تمتلك أوراقاً ثبوتية بسبب الكثافة السكانية في منطقة بلغ عدد سكانها /3,8/ مليون نسمة بحسب إحصائيات فريق منسقو الاستجابة في سوريا.