دمشق – نورث برس
تحت جسر الرئيس وسط دمشق، يأمل محمد علي (50 عاماً) وهو اسم مستعار لصاحب بسطة لبيع كتب، أن يحالفه الحظ ويبيع على الأقل كتاباً واحداً بعد ساعات من الانتظار ولكن “دون جدوى”.
ويقول الرجل الخمسيني، إن شراء كتابٍ مستعملٍ من إحدى البسطات على قارعة الطريق بات يكلف القارئ من 3000 إلى 5000 ليرة.
ويضيف: “التكنولوجيا والحرب وضعتا القراءة في خطر ليس في بلدنا فحسب وإنما في كل بلدان العالم”.
ويشهد سوق الكتب الورقية تراجعاً في الحركة الشرائية والإقبال عليها ويرجع أصحاب المكتبات وباعة الكتب السبب إلى الظروف الاقتصادية وظهور الكتب الإلكترونية.
ويُقبل القُراء على اقتناء الكتب الإلكترونيّة بفعل أسعارها المنخفضة، ولا سيما بعد الغلاء الكبير الذي عصفَ بالكتب الورقية وتراجع القدرة الشرائية لدى الكثيرين.
وفي دمشق التي لطالما شكلت ملتقى المثقفين، تكافح دور نشر عريقة من أجل إبقاء أبوابها مفتوحة، بعدما اضطرت مكتبات عدة، طبعت المشهد الثقافي، إلى إقفال أبوابها وتحوّل بعضها إلى محال لبيع الألبسة والأحذية والفلافل.

ويعزو عاصف محمد (57 عاماً) وهو اسم مستعار لصاحب مكتبة في منطقة الحلبوني، ارتفاع أسعار الكتب إلى ارتفاع سعر الورق وتكاليف الطباعة التي ارتفعت لأكثر من 500% إضافةً لأجور اليد العاملة.
ويشير إلى أن عدة مكتبات “رائدة” أغلقت أبوابها بسبب ضعف حركة البيع.
ويعدد “محمد” بعضاً من تلك المكتبات، “مكتبة اليقظة العربية التي تأسست عام 1939 حلَّ مكانها متجرٌ لبيع الأحذية، ومكتبة ميسلون باتت مركز صرافة وكذلك مكتبة نوبل، أما دار دمشق للنشر، التي تأسست عام 1954 تحولت إلى مكتبة لبيع القرطاسية”.
ويتوقع صاحب المكتبة أن قائمة الإغلاق ستطول “ربما لأن الجيل الحالي لا تهمه المطالعة”.
ويضيف: “معظم رواد مكتبتي هم من فئة الشباب يطلبون كتباً تعنى بالتنمية البشرية والروايات, أما قراء زمن الجيل الجميل فهمّهم الكتب القيمة التي تحتاج إلى وقتٍ وجهدٍ لتأمينها”.
ويتقلص عدد قراء الكتب مع ازدياد دور التكنولوجيا وازدياد الأزمة الاقتصادية سوءاً، في سوريا, ويدق ناقوس الخطر “لقمة عيش” العاملين في المكتبات والبسطات، بسبب الوضع الحالي المُتردي.
ويرى علاء يوسف، وهو اسم مستعار لصاحب مكتبة في سوق الوراقين، أن السوق “يحتضر”،ويضيف: “عملنا ولقمة عيشنا باتا في خطرٍ، إذا ما استمر الهجر للكتب نحن في أزمة حقيقة”.
ويُشكل شراء الكتاب الورقي عبئاً مادياً للطالب فهد سليمان, في كلية الحقوق الذي يفضل ادخار المال لأجل الطعام على شراء الكتب.
ولكنه يجد أن “للكتاب الورقي نكهته الخاصة في القراءة على رغم من سهولة الحصول على أي كتاب إلكتروني دون تكاليف مادية”.
وتتفق نغم عبدالحي (28عاماً) من سكان منطقة الدحاديل بريف دمشق، معه حول أهمية الكتاب الورقيّ واقتنائه.
تقول: “رغم غلاء الكتب يبقى خير جليس للإنسان هو الكتاب، أستطيع الرجوع إليه، فهو مرجع معلوماتي وفيه متعة لا تضاهيها أي متعة أثناء القراءة ورقياً”.
وتضيف: “دائماً ما أنتظر معارض الكتب والتنزيلات لشراء الكتب”.