إدلب – نورث برس
للعيد الثالث على التوالي لم يتمكن الثلاثيني حسن حجيرة، وهو نازح مقيم في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، من شراء لباس العيد لأطفاله الثلاثة، أكبرهم بلغ السابعة من عمره، وذلك لتردي الأوضاع المعيشية والظروف الاقتصادية السيئة التي يعاني منها نتيجة قلة فرص العمل أو انعدامها في المنطقة التي يسكن بها.
وأدى ارتفاع أسعار الألبسة في أسواق مدينة إدلب شمال غربي سوريا، إلى عزوف الكثير من العائلات في مدينة إدلب عن شراء لباس العيد لأطفالها، وتشهد الأسواق إقبالاً ضعيفاً كون الأسعار لا تتناسب نهائياً مع دخل أكثر من 85% من سكان المنطقة و النازحين، وفقاً لحديث سكان.
ويقول “حجيرة”، نازح من خربة غزالة بريف درعا، لنورث برس، إن “الأجور التي يأخذها لقاء عمله لأكثر من سبع ساعات يومياً بالكاد تكفي لشراء مستلزمات المنزل من طعام وشراب وأحيانا لا تكفي”.
ويضيف: “للأسف يمر العيد الثالث دون أن أتمكن من شراء شيء جديد لأطفالي يفرحون به كبقية الأطفال، منذ سنوات لم تلبس أجسادهم الجديد، واعتادت على ألبسة البالة التي تكون أسعارها مقبولة نوعاً ما”.
ويذكر “حجيرة”، الذي يحصل على مبلغ 40 ليرة تركية (نحو 10.500 ليرة سورية) لقاء عمله في معمل لمواد البناء كأجر يومي، أن عليه العمل لمدة شهرين متواصلين بدون عطلة ودون صرف شيء من أجره اليومي ليتمكن من شراء لباس العيد لأطفاله الثلاثة.
ويشتكي “حجيرة” من تردي الأوضاع المعيشية، بالقول “أننا نعمل يومين أو ثلاث في الأسبوع كله نتيجة ضعف حركة البناء”.
ويصف الأوضاع التي وصل إليها الناس في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا وفصائل المعارضة، بقوله: “العيد اليوم لم يعد كما كان في السابق، فالفرحة بالعيد تكمن في فرح الأطفال وتجمع الأهل والأصدقاء في بيتٍ واحد، أما اليوم يمر العيد كأي يوم عادي”.
ويضيف: “العيد ومنذ سنوات بات عيد ميسوري الحال الذين لا تتأثر حياتهم كثيراً بغلاء الأسعار”.
وتقول سمية الخطابي (35عاماً)، نازحة من مدينة صوران شمالي حماة، وتقيم مع عائلتها بالقرب من مدينة إدلب، إنهم يعتمدون في معيشتهم على ما يتقاضاه زوجها من عمله في رعي وتربية الأغنام في المزرعة التي يقيمون بها قرب مدينة إدلب.
وتضيف “الخطابي”، وهي والده لخمسة أطفال، أنها “لم تشتري لأطفالها لباساً جديداً منذ عامين”.
وتذكر: “بات همنا الأساسي هو تأمين قوت أطفالنا الذين لا ذنب لهم سوى أن خلقوا في هذه البلاد التي لم تعد في الحقيقة صالحة للعيش، لأن البلاد التي لا تجد فيها ما تسد رمق أطفالك هي بلادٌ ليست لك”.
ويتوقع أدهم الصيادي (17 عاماً)، أنه “لن يشتري ثياب العيد التي يريدها هذا العام، خاصة بعد مرض والده الذي فقد عمله مؤخراً”.
ويقول: “والدتي تعمل في مجال تنظيف البيوت، وبالكاد تستطيع تأمين الدواء لوالدي والطعام، وإذا استطاعت تدبير مبلغ من المال من خلال الزكاة، ستفكر أولاً بتأمين العلاج لوالدي، ثم الطعام للعائلة”.
واضطر “الصيادي” وهو من سكان إدلب، وأخ لأربع أطفال آخرين، لترك المدرسة والعمل في مشغل للخياطة لقاء أجري أسبوعي قيمته 150 ليرة تركية، يصرفها على المنزل.
في حين تعمل والدته في المنازل وتحصل على أجري يومي يتراوح ما بين 30 و 50 ليرة تركية تخصص أكثر من نصفها لشراء أدوية والده والنصف الآخر تجمعه لشراء أسطوانة الغاز، وفقاً لحديث “الصيادي”.
ويتفق “الصيادي” مع من سبقه بوصف الأوضاع الاقتصادية بالسيئة وسط غلاء الأسعار، فمنذ أكثر من ثلاث سنوات لم يشتري هو وإخوته لباساً جديداً، وإن بقيت الأوضاع بهذا الشكل فلن يتمكنوا حتى من تأمين قوت يومهم.
وقال أنس الرزوق (37عاماً)، صاحب متجر ألبسة في مدينة إدلب، إن “الإقبال على الشراء ضعيف”، معللاً السبب في الارتفاع الكبير للأسعار هذا العام.
ويرى أن “انهيار الليرة التركية أمام الدولار الأميركي فاقم تدهور الأوضاع المعيشية أيضاً”.
ويصف “الرزوق” زينة العيد في أسواق إدلب، بالقول “وحدها الزنية توحي بقدوم العيد، أما الحركة الكثيفة في الأسواق ليست للشراء”.