بسبب مضايقات وتهديدات.. الهجرة ملاذ صحفيين في شمال غربي سوريا

إدلب نورث برس

دفعت المضايقات التي تعرض لها باسم الجبلي (29 عاماً) وهو اسم مستعار لصحفي من إدلب من قبل هيئة تحرير الشام ( جبهة النصرة سابقاً)، للهجرة لخارج البلاد، وذلك بسبب نشاطه الإعلامي.

ووفقاً لصحفيين وعاملين في المجال الإعلامي في مناطق سيطرة الهيئة، فإنهم يتعرضون لمضايقات وتهديدات واعتقال وأحياناً لمحاولات اغتيال، أثناء محاولتهم كشف ممارسات وانتهاكات الهيئة والفصائل وإظهار الأزمات المعيشية أو العمل لصالح جهة إعلامية تمنعها “تحرير الشام” في مناطق سيطرتها.

ولم يتردد “الجبلي” وهو مراسل سابق لوكالة “سمارت للأنباء”، في اتخاذ قرار الهجرة، بعد تعرضه “للضرب هو ومجموعة من الصحفيين أثناء قيامهم بتغطية مرور دورية روسية على الطريق الدولي حلب- اللاذقية المعروف بـ M4”.

ويذكر لنورث برس أنه بعد حادثة الضرب شارك في تنظيم وقفة احتجاجية نددت بممارسات الهيئة بحق الصحفيين، لتقوم مجموعة أمنية بعد ثلاثة أيام من الوقفة، باعتقاله.

ويشير “الجبلي”، إلى أنه تعرض للتهديد المباشر والصريح بأنه في حال تكرار هكذا عمل ستكون المعاملة معه “مختلفة”.

ونتيجة تلك المضايقات التي حالت دون  قدرته على متابعة عمله وخاصة في مدينة إدلب “اضطررت لترك المهنة بشكلٍ كامل”، فما كان أمامه سوى الهجرة، ليكون ملاذه الوحيد.

ويقول الصحفي الذي ينحدر من مدينة كفرنبل جنوب إدلب، في سرد بعض تفاصيل هجرته التي بدأت بدخول الأراضي التركية في العاشر من آب/ أغسطس 2021، “كان الدخول إلى تركيا أصعب من الموت”.

وحاول، “الجبلي”  عبور الحدود اليونانية التركية لأكثر من ثلاث مرات عن طريق البر من منطقة أدرنة، ليحالفه الحظ ويتمكن من الوصول اليونان ليستقر به الوضع في هولندا اليوم.

اعتقال بسبب استطلاع رأي

ولا تختلف قصة مهند السفراني وهو اسم مستعار لصحفي من مدينة حلب، عن سابقه كثيراً، فهو الآخر اعتقل في وقت سابق  بسبب إعداده استطلاعاً لصالح جهة إعلامية تمنع “تحرير الشام” عملها في مناطق سيطرتها.

ويقول “السفراني” إنه وبسبب قلة فرص العمل اضطر للعمل مع جهة إعلامية إماراتية ممنوعة من العمل في إدلب، “بسبب سياستها التحريرية المناهضة للهيئة”.

ويضيف أنه كان يعمل باسم مستعار، ولكن الهيئة تمكنت من معرفته بعد قيامه بإعداد استطلاع للرأي في مدينة سلقين شمال إدلب، “حيث لاحقت جميع من قمت بتصويرهم لمعرفة المصور”.

ويشير إلى أنه وبعد أقل من 24 ساعة، ” لم أرى نفسي إلا في أحد الأفرع التابعة لجهاز الأمن العام للهيئة، ووجهت لي تهمة العمل المخابراتي لصالح التحالف الدولي وتهم أخرى”.

وأصدرت الجهة القضائية للهيئة، “حكماً بسجنه لمدة عام كامل بتهمة تصوير مواقع عسكرية لصالح جهات معادية” بحسب “السفراني”.

ولكن تدخل أحد أقاربه الذين يعملون في هيئة تحرير الشام، “خفف الحكم إلى ثلاثة أشهر”.

ويضيف “السفراني”: “ومنذ ذلك الوقت قررت الخروج من إدلب ومن كافة المناطق التي يفترض أنها محررة، لأن ما رأيته هو أسوأ بكثير من الشيء الذي رأيته إبان فترة اعتقالي في سجون النظام السوري عام 2012”.

ويشير الصحفي إلى أنه استدان مبلغاً وقدره عشرة آلاف دولار أميركي ليبدأ رحلته التي استمرت لأربعة أشهر نحو تركيا ومنها إلى أوروبا.

محاولة اغتيال

وبعد تعرضه لمحاولة اغتيال في مدينة الباب شرقي حلب، وتلقيه تهديدات بشكلٍ شبه يومي من قبل قياديين في الجيش الوطني السوري وأفرع الشرطة العسكرية اضطر سليمان الأسمر، الذي كان يعمل مراسلاً لـ”مركز حلب الإعلامي” المعارض، لمغادرة المنطقة.

ويقول “الأسمر” لنورث برس، إنه كان يقوم بالنشر والحديث عن “انتهاكات قادة وفصائل تابعة للجيش الوطني السوري الموالي لتركيا، والفساد والمحسوبيات المنتشرة في المؤسسات التابعة للمعارضة في شمال وشرق حلب”.

وعلى الرغم من توقفه عن  نشر تلك الانتهاكات، إلا أن التهديدات لم تتوقف لتصل في شباط/ فبراير عام 2021، إلى قيام أشخاص يستقلون دراجة نارية بإطلاق النار على سيارته بشكلٍ مباشر، بحسب ما يرويه “الأسمر” لنورث برس.

ويشير إلى أن الأضرار اقتصرت على المادية فقط، وبعد نشره عن تلك الحادثة على حسابه الشخصي في “الفيس بوك”، جرى استدعاؤه من قبل الشرطة العسكرية في مدينة الباب، وتهديده بالسجن في حال لم يقوم بحذف المنشور.

عندها رأى “الأسمر” نفسه مضطراً للخروج من المنطقة بعد أن أصبحت حياته مهددة بأي لحظة، حيث خرج إلى الأراضي التركية بطريقة غير شرعية برفقة عائلته في تموز/ يوليو من العام 2021.

إعداد: بهاء النوباني- تحرير: فنصة تمو