كتَّاب في السويداء: الأدب لا يملك حرية التعبير في سوريا بسبب الرقابة

السويداء – نورث برس

يقول كتاب وأدباء من محافظة السويداء، جنوبي سوريا، إنهم لا يملكون حرية التعبير في المجتمع السوري بسبب الرقابة الحكومية والتضييق عليهم.

ويشير هؤلاء إلى أن البعض كان يلجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي للكتابة بحكم أنها غير خاضعة لمعايير الرقابة ورمزية التكاليف ولكن مع صدور قانون الجريمة المعلوماتية مؤخراً سيحد من قدرتهم على إبداء الرأي.

ويقول الكاتب فراس المحيثاوي إن الرقابة والتضييق عليه من قبل السلطات أثر على معيشته اليومية وعلى إنتاجه الأدبي وكذلك حاضنته الاجتماعية.

ويضيف: “لست عضواً في اتحاد الكتاب العرب، لسبب واحد هو أن الاتحاد إحدى المؤسسات التي تغولت عليها السلطة لذا لا يمكن أن يكون لي دور حقيقي في أي شيء”.

وسعت السلطة السياسية منذ استيلائها على مفاصل الحياة إلى خلق شريحة من أشباه الكتّاب كأبواقَ لها، والناشر وجد نفسه مضطراً إلى طباعة المنتج الكتابي على حساب الكاتب وبأجورٍ مرتفعة، لذا جاءت وسائل التواصل الاجتماعي الخيار الأضعف أمام الأدباء، بحسب “المحيثاويّ”.

وحمَّل الكاتب، بالإضافة إلى قمع الحكومة، كلّ من يحاولون الكتابة جزءاً من المسؤولية في شتات الأدباء وانقسامهم في الرأي، والابتعاد عن إيجاد الحلول وقبول الآخر فكرياً وسياسياً.

ويشير الكاتب إلى أن قانون الجريمة المعلوماتيّة سيحد من لعب الأدباء أي دور في المجتمع “وسيعبث بجهودهم”.

فقر الحال

ويقارن مروان الخطيب، وهو اسم مستعار لشاعر فضل عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، بين الماضي القريب وحال الشعر اليوم بعد أن كان محظوراً على الشاعر القيام بأمسيات شعرية ما قبل 2011.

ويقول: “اليوم تغير الوضع وأصبحت المراكز الثقافية تدعو الشعراء لإقامة الأمسيات الشعرية خلافاً لما كان في السابق حيث التضييق والكبت”.

ويضيف: “الدعوات هي محاولات من السلطات لاتقاء شر كلمة الشاعر وتجنب تأثيره في مرحلة حساسة عاشتها البلاد”.

ولكن رغم كثرة الندوات، إلا أن فقر الحال أجبر أغلب الشعراء على مغادرتها، بحسب “الخطيب” الذي يتساءل: “هل يملك الشاعر ثمن بدلة رسمية ليقوم بأمسية شعرية؟”.

ويرى الشاعر أن الإهمال والتّهميش المتعمد من قبل السلطات للشعر الشعبي جاء مقابله دعم دافئ للشعر والأغنية الساحلية “الحاضنة له” على حساب التراث الغنائي للمحافظات الأخرى، رغم النجاح الكبير لبعض أغاني تراث السويداء.

ومما لا شك فيه فإن الوضع الاقتصادي المُتردي في سوريا ساهم بعزوف السكان عن قراءة الأدب الفصيح وبات منسياً في ذاكرتهم سوى الشعبيّ منه فقط، بحسب كتّابٍ في السويداء.

وتؤيد أمل الحلبي (25عاماً) وهو اسم مستعار لشابة من السويداء، ذلك وتتساءل، “في مجتمع السويداء بات حلم أبنائها لا يتجاوز تأمين مازوت للتدفئة والحصول على قوتهم اليومي، فكيف لي أن أقنع هكذا مجتمع بقراءة رواية عن الحب مثلاً أوعن الأمل بالمستقبل؟”.

وتضيف الشابة التي تحاول تطوير نفسها في مجال الكتابة، “أظنُّ هذا ضرباً من الجنون”.

ابتعادٌ عن المكان

وترى “الحلبي” أنه حتى يكون الأدب مؤثراً وعاملَ نهوضٍ في أي مجتمعٍ لابد أن يتوافر بالمجتمع أبسط مقومات الحياة “والتي بتنا نفتقدها اليوم”.

ويعتقد، ثاني صالح عرابي، وهو شاعر من السويداء، أن “الشاعر عندما يغادر الوطن يرى الأمور من زاوية أعمق وأشمل ويستطيع أن يلم بالموضوع من كل جوانبه ويقدم نصاً متكاملاً للفكرة التي يناقشها”.

ويشير إلى أن الإبداع في بعض الأحيان “يكون أكثر عند الابتعاد عن المكان الذي ولد فيه الشاعر أو الكاتب، ومع الاحتكاك والاستفادة من تجربة الشعراء والكتاب من الثقافات والبيئات المختلفة يستطيع الشاعر أن يرتقي بنصه إلى الإبداع”.

ويلفت “عرابي” النظر إلى أن هناك فجوة كبيرة بين الشعر والجمهور، “فلم تعد للكلمة والقصيدة تلك المكانة التي كانت في أوائل القرن العشرين”.

ويضيف: “دور الشعر يكمُن في تحفيز وتوعية الناس وتوسيع مداركهم ولا أعتقد أن الشعر في هذه الأيام قادرٌ على إحداث أي تغييرٍ، ربما هي نظرة تشاؤمية لكن هذا هو الواقع”.

 إعداد: رزان زين الدين – تحرير: سلمان الحربيّ