ارتفاع أسعار السيارات وصيانتها يبقي اقتنائها مستحيلاً لسكان في حلب
حلب- نورث برس
يبحث أنيس ياسين (40 عاماً) وهو محامي من مدينة حلب، منذ أكثر من شهر عن سيارة يكون سعرها بقدر الأموال التي بحوزته، لكن دون جدوى، فمبلغ 25مليون ليرة الذي يمتلكه بات رقماً فاقد القيمة وغير ذي جدوى في سوق السيارات في مدينته.
ودفعت حاجة “ياسين” إلى سيارة بسبب صعوبة وصوله اليومي إلى مكان عمله في ظل قلة المواصلات العامة وارتفاع أجور النقل الخاصة، إلى بيع مصاغ زوجته الذهبية واستدانة 10 ملايين ليرة من أصدقائه وأقاربه لاقتناء سيارة، لكنه لم يوفق بذلك.
وفي حلب، تشهد أسعار السيارات ارتفاعاً ملحوظاً، حيث يتراوح سعر القديمة منها ما بين 25 و30 مليون ليرة سورية، فيما السيارات الكورية مثل الكياريو والفيرنا يتراوح سعرها ما بين 45و60 مليوناً.

أما السيارات الأحدث والتي تتميز بمواصفات أفضل، يفوق سعرها 70 مليون ليرة. يقول “ياسين” إن تلك الأسعار “صادمة” ولا يتاح شرائها إلا للنخب وأصحاب الثروات.
ويعمل المحامي كموظف في قصر العدل بحلب، وفي أفضل الأحوال مدخوله الشهري يصل إلى 500ألف ليرة ما بين راتبه الحكومي وعمله الخاص بمكتب محاماة، وفقاً لما يذكره لنورث برس.
ويضيف بتهكم، أنه فيما إذا أراد اقتناء سيارة بسعر 50 مليون، فعليه أن يعمل لثمانية أعوام كاملة وأن لا يصرف من مدخوله الشهري ويحرم نفسه وعائلتي من الطعام وأن لا يكون منزله بإيجار، “لربما أتمكن حينها من شراء سيارة”، ويزيد على ذلك: “معادلة مستحيلة طبعاً”.
وفي المقابل يشتكي أصحاب السيارات من ارتفاع أجور الصيانة وغلاء المحروقات التي يضطرون لشرائها من السوق السوداء بسبب قلة المخصصات التي تمنحها الحكومة لهم.
وفي حي الحمدانية بحلب، يقول زياد قلنجي (35 عاماً) إنه يشتري ليتر البنزين من السوق السوداء بسعر 6500 ليرة، وخاصة أن الحكومة تمنحه كل 12 يوماً وأحياناً أكثر 25 ليتر فقط بسعر 1100ليرة، “وهذه الكمية لا تكفي لبضعة أيام”.
ولا تقتصر معاناة “قلنجي” الذي يعمل في مخبر تحاليل طبية على ذلك فحسب فالأجور العالية للتصليح باتت ترهق طاقته.
وتتراوح تكلفة إصلاح المحرك ما بين مليون و 600ألف ومليوني ليرة، فيما تكلف إجراء عملية الطلاء مليونين ونصف، في حين تصل قيمة تبديل العجلات إلى مليون وربما أكثر.
أما تغيير زيت المحرك يكلف 70ألف ليرة كحد أدنى، بحسب أصحاب محال صيانة سيارات في حلب.
ويرى عز الدين نابلسي (54 عاماً) وهو دكتور في كلية الاقتصاد بجامعة حلب أن السياسيات الاقتصادية في سوريا منذ بدايات عقد الستينيات وحتى الآن، أدت إلى “تخلفنا عن السياق التطوري للعالم”.
ويشير إلى أن المشكلة ليست باقتناء سيارة أو فتح المجال للاستيراد، إنما “تكمن في عجزنا عن خلق بنى تحتية لاستقبال السيارات ووسائط النقل سواء طرق أو جسور أو حتى مواقف وكراجات للسيارات”.
ويضيف: “نحن عاجزون عن صناعة سيارة واستيرادها وحتى لو استوردناها لا نجد لها مكاناً في شوارعنا”.
هذا بالإضافة إلى الضريبة الجمركية التي تحققها الحكومة من استيراد السيارات، وبالتالي تؤدي إلى ارتفاع سعرها في سوريا.
ويستشهد “نابلسي” على ذلك بمثال، “السيارة التي تباع في أوروبا أو كوريا واليابان بخمسة آلاف دولار، تباع في سوريا بـ15 ألف دولار، أي أن الحكومة تحقق من خلال الضريبة الجمركية ضعفي قيمة السيارة أو سعرها ببلد المنشأ”.
وفي نظر الحكومة طالما تحقق هكذا أرباح فلا داعي للسعي لنقل تكنولوجيا السيارات وصناعتها لسوريا، بحسب قول “نابلسي”.