القامشلي – نورث برس
صعدت القوات التركية وتيرة قصفها واستهدافها لمنطقة “وقف إطلاق النار”، وسط مخاوف من غزو تركي جديد تزامناً مع انشغال العالم بالحرب الروسية الأوكرانية.
وليل الأحد، قتل شخص مدني وأصيب آخر، في قصف تركي بالأسلحة الثقيلة، في ريف تل أبيض، فيما اتسعت وتيرة القصف لتشمل ريف عين عيسى أيضاً.
خرق المتفق
مسؤولون محليون يتهمون تركيا بعدم التزامها باتفاقيات وقف إطلاق النار الموقعة مع موسكو وواشنطن.
المخاوف من غزو تركي محتمل جاءت بشكل واضح على لسان المتحدث باسم وحدات حماية الشعب، نوري محمود، الذي أوضح إن تركيا تستغل الظروف الدولية وموقعها الاستراتيجي في الحرب الأوكرانية- الروسية لتنفيذ أجنداتها في شمالي سوريا.
ويتزامن ذلك مع عملية عسكرية أطلقتها أنقرة قبل أسبوع ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان.
وقال محمود في تصريح لوسائل إعلام محلية: “هناك احتمالات جدية لتنفيذ تركيا هجمات جديدة على شمال شرق سوريا”.
وتتحرك أنقرة ضمن مساحات الصراع بين روسيا والولايات المتحدة، وكانت قد أغلقت مجالها الجوي أمام الطيران العسكري الروسي أو المدني التي تقل جنود من والى سوريا.
في وقت نفذت كل من روسيا وتركيا عشرات الغارات الجوية على مناطق مختلفة في شمال غرب سوريا، كل منها استهدف مناطق نفوذ أو سيطرة الأخرى.
استهداف كلّ من تركيا وروسيا لمناطق نفوذ الطرف الآخر قد لا يكون مؤشراً على إنّ الطرفين على عداء بل إن أغلب الترتيبات الميدانية ووضع نقاط خفض التصعيد وتغيير دور بعض فصائل المعارضة او نقلها من مكان إلى آخر وغيرها من التحركات الميدانية جاءت بعد توترات عسكرية بين الطرفين، بل بات اي تصعيد عسكري في سوريا مقدمة ليس لرسم واقع سياسي جديد فقط بل واقع ديمغرافي أيضا، يتفق مراقبون.
وفي حين لم تعلن تركيا عن أي عملية عسكرية جديدة لغاية الآن، رغم القصف والاستهداف اليومي، فإن الأهداف التركية قد تتجاوز كوباني إلى عين عيسى وتل تمر.
لكن في الوقت نفسه يصعب التنبؤ بتجاوز الموقف الروسي على اي عمل عسكري أحادي، وهذا مرتبط بما يمكن أن يؤول اليه التصعيد في شمال غربي سوريا، مع احتمالية أن تكون التصعيد العسكري الحالي مقدمة لرسم واقع جديد في شمال غرب سوريا وربما في شمال شرقها أيضاً.
أنقرة ودمشق ضد القامشلي
وتشير مستجدات سياسية وميدانية إلى خطوات تنسيقية بين دمشق وأنقرة للتضيق أكثر على الإدارة الذاتية، وكانت الخارجية التركية قد أكدت إمكانية قبولها التعامل مع النظام الحاكم في سوريا دون الاعتراف به رسمياً.
وقد يكون هناك تفاهمات تركية-روسية في هذا المنحى، وربما ليس صدفة أن يتزامن التصعيد العسكري التركي ضد شمال شرق سوريا مع المساعي الحثيثة للحكومة السورية بفرض التسويات في حلب والشهباء وإنهاء اي دور سياسي لمجلس سوريا الديمقراطية في تلك المناطق.
نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية، بدران جيا كرد قال إن “تركيا من أجل القضاء على المشاريع الديمقراطية ومكاسب مكونات المنطقة والكرد تدخل في اتفاق مع الجميع”.
وقال جيا كرد: “الاتصالات التركية مع دمشق لم تنقطع حتى يتم إعادتها على الأقل على المستوى الاستخباراتي، مؤكدا أن هناك اتفاق ولو بشكل غير مباشر على محاربة تجربة الإدارة الذاتية”.
الولايات المتحدة من جانبها، لا يبدو أن مواقفها ستأخذ منحى مختلف عن الاعتداءات التركية السابقة. وكانت السفارة الأميركية في واشنطن قد أعربت عن أسفها وأبدت قلقها حيال الاعتداء التركي على كوباني، داعية الأطراف إلى التهدئة.
ويعتقد الشارع المحلي أن القلق الأمريكي يعني بأن الأمور تسير باتجاه التصعيد، وربما اكتفائها ببيان موقفها عبر صفحة السفارة مؤشر على عدم جدية واشنطن في لجم التصعيد التركي، في وقت يتهمها محللون سياسيون بأنها شريك في التصعيد السياسي في شمال غرب سوريا وشمال شرقها.
المحلل السياسي السوري، محمود حمزة، قال لنورث برس أنه “قد يكون هناك بعض الترتيبات التركية الأميركية في شمال سوريا، والتي قد لا تصب في مصلحة أو أجندة روسيا”.
وأشار إلى أن هناك “تسريبات تتوقع أن تقوم تركيا و برعاية أميركية بإنشاء منطقة آمنة شمال سوريا، من خلال ابعاد قسد عن الحدود التركية، وهو ما تطلبه الأخيرة منذ سنوات”.
الظروف الدولية الحالية قد تخدم أنقرة للقيام بخطوة عسكرية جديدة لجهة ضعف حضور الملف السوري في ميزان العلاقات السياسية الدولية وتصدر الملف الأوكراني وغير ذلك من القضايا السياسية والاقتصادية الأخرى المرتبطة به للمشهد السياسي العالمي، وهذا ما قد يعطي فرصة لدمشق وأنقرة للتنسيق بهدف ترتيب واقع عسكري وسياسي جديد على حساب المعارضة والإدارة الذاتية.