صحفيون ومحامون في حلب: قانون الجريمة المعلوماتيّة كمٌ لأفواه السّوريين بطابع قانوني
حلب ـ نورث برس
يرى موفق كرزة (40 عاماً)، وهو اسم مستعار لناشط إعلامي من سكان حي المحافظة بمدينة حلب، أنَّ صدور قانون الجريمة المعلوماتية والتعديلات الأخيرة التي طرأت عليها، ما هو إلا “كبت أفواه السّوريين”.
وفي الثامن عشر من هذا الشهر، أصدر الرئيس السوري، بشار الأسد، قانوناً يقضي بتعديلات على جرائم المعلوماتية المتضمنة في المرسوم التشريعي في العام 2012.
ويعرّف القانون أشكال الجريمة المرتبطة بالمعلومات، ويهدف إلى مكافحة الجريمة المعلوماتية بما يتوافق مع التطور التقني وانتشار الجريمة الإلكترونية والحد من إساءة استعمال الوسائل التقنية، بحسب ما نشرته وكالة “سانا” التي تديرها الحكومة السورية.
ويحمل “كرزة” أعضاء البرلمان، المفرزات التي سوف تلحق بالسكان نتيجة إصدار هكذا قانون يجرم أي منشور حول عمل مؤسسات الحكومة أو التعليق عليها عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ.
ويضيف: “مجلس الشعب تأسس للمطالبة بحقوق الشعب وحماية مصالحه وتحسين واقعه المعيشي، إلا أنه بعد أكثر من عشر سنوات من المعاناة والحرب يصادق على قانون لكمِّ حرية التعبير حتى عبر وسائل التواصل بعد أن أفشلَ حرية التعبير من خلال الشارع، ما يزيد من أعداد المعتقلين”.
“ينافي خطابات الرئيس”
ويضم القانون الجديد خمسين مادة، أبرزها العقوبات المتعلقة بالجرائم الواقعة على الدستور والنيل من هيبة الدولة والنيل من مكانتها المالية.
وبحسب القانون الجديد تتراوح عقوبة الحبس من شهر إلى خمسة عشر عاماً بحسب نوع الجرم، فيما تتراوح الغرامات المالية ما بين 200 ألف ليرة سورية إلى 15 مليون ليرة.
ويتضمّن أيضاً ما يقيد استخدام السكان لمواقع التواصل والتفاعل عليها أو حتى التعليق عليها وإبرازها، كـ “النيل من هيبة الدولة ومكانتها علنياً وإلكترونياً والتسجيل غير المشروع والضابطة العدلية المختصة وإقامة الدعوى العامة القدح أو التحقير الإلكتروني والجرائم الواقعة على الدستور”.
ويقول يوسف أحمد (50 عاماً)، وهو اسم مستعار لصحفي يعمل ضمن وسيلة إعلامية تابعة للقطاع الخاص، إنَّ التوقيع ينذر للوهلة الأولى بـ”حماية الفاسدين والمرتشين”.
ولكنه “يُنافي خطابات الرئيس السابقة حيث كان يتحدث عن الشفافية مع الإعلام ومكافحة الفساد الإداري والمؤسساتي في مفاصل الدولة”.
ويضيف: “تم توقيفي عدة مرات بجرم النيل من وهن الأمة وهيبة الدولة وإلى الآن لم يفهم الشارع السوري ما المقصود في وهن الأمة من خلال منشور عبر تطبيق على منصات التواصل الاجتماعي وماذا يتضمن هذا الجرم”.
وساهم التطور التقني على مواقع التواصل الاجتماعي في بداية الحرب السورية، إلى تنظيم الدعوات والتجمعات ضد الحكومة، ما دفع الأخيرة لإصدار قانون بمرسوم تشريعي حمل رقم 17 لعام 2012، يجرم استعمال الوسائل التقنية بحسب الصحفيّ.
“إذلال الشعب”
ويرى الصحفي، أنَّ “الصحافة في سوريا مقيدة سابقاً، ولكن بصدور هذا القانون لم يُعد لها أي دور ولا سيما بعد منع الصحفيين من إجراء أي لقاءات خاصة لصالح وسائلهم الإعلامية، إلا عن طريق المكاتب الصحفية التي تم إنشاؤها لكل مؤسسة حكومية”.
ويعرب عن اعتقاده في أن الغاية من القانون “عدم إحراج أي مدير أو مسؤول حول انعدام الخدمات أو توفر المواد الأوليّة للسكان، وذلك بعد التعاطي الملفت للإعلام مع أوجاع الشّارع وتفاعل السكان مع عجز الحكومة عن تأمين المستلزمات المعيشة لهم”.
وتنص المادتين (24 الذم الإلكتروني) و(25 القدح أو التحقير الإلكتروني)، على فرض غرامة ماليّة من ثلاثمائة ألف ليرة إلى خمسمائة ألف ليرة إذا اقترف المواطن القدح أو التحقير بحق المكلف بعمل عام أثناء ممارسته لعمله أو بسببه.
ويعيش الرأي العام السوري، “حالةً من كمّ الأفواه من قبل أن يصدر القانون التّعسفي الذي يحرم السكان من التعبير عن حقهم والمطالبة بحياة كريمة”، بحسب رؤوف العلي، وهو اسم مستعار لمحامٍ في حلب.
ويضيف: “البرلمان أراد إذلال الشعب وإركاعه من خلال قانون الجريمة المعلوماتية. ما يهم الحكومة السورية من هذا القانون هو فرض غرامات ماليّة”.
كما أن الاعتقال المؤقت قد يصل إلى مدى الحياة أو الموت تحت ضربات التعذيب في السجن، في إشارة للمواطن إلى عدم الاقتراب من ممارسات السلطة لوظائفها المستمدة من الدستور، أو قلب أو تغيير نظام الحكم في الدولة كما جاء في القانون، بحسب قول المحامي.