نساء في ريف ديرك يخسرن أجنتهن وأخريات يرين تشوهات أطفالهنّ

ديرك – نورث برس

ما تزال آمنة عباس (24 عاماً) وهو اسم مستعار لإحدى سكان قرية فطومة بريف بلدة تل كوجر، تحت تأثير الصّدمة، بعد أنّ عرفت أنّ طفلتها الأولى غير قادرة على فتح عينيها.

ومنذ ثمانية أشهر، رزقت العشرينية بطفلة تعاني من تشوه في العينين، وفتحة في القلب وضمور في الدّماغ وتأخر النّمو، حسبما تقول لنورث برس.

وتشير “آمنة” إلى أنّ “تشخيص الكثير من أطباء الأطفال بمدينة القامشلي، لم يأتي بنتيجة واضحة، فالبعض يقول إنّ الطّفلة تعاني من غياب كامل للعينين وآخرون يرون أنها موجودة ولكن تحت الجّلد”.

وتأمل أن تأخذ طفلتها للعلاج عند مختصين في دمشق، إلا أنّ وضعها المادي لا يساعدها.

وخلال الأعوام الأخيرة ظهرت حالات التّشوه بنسب كبيرة عند الأطفال حديثي الولادة، فضلاً عن فقدان حوامل لأجنتهن، في بلدة ديرك وريفها.

ويرجح سكان محليين، إنّ السبب هو التّلوث البيئي الذي تسببه الحراقات النّفطية، إضافة لمرور وادي الأملاح الذي يحمل مُشتقات النّفط من القرى.

ارتفاع نسب التّشوهات

وبدورها لاحظت داليا عسكر (40 عاماً) من قرية فطومة، والأم لسبع أطفال، أنّ ابنها غير طبيعي، “حجمه صغير ويبكي باستمرار”، حسبما تقوله.

وشخص الأطباء حالة الطّفل بـالتسرع في نبضات القلب، لتأخذه السّيدة إلى دمشق لتلقي العلاج، نظراً لتدهور وضعه الصّحي، وهناك قرروا إجراء عملية بأسرع وقت، حسب “عسكر”.

وتشير الأربعينية إلى أنّ نسبة نجاح العملية كانت 50 بالمئة حسب الأطباء، لذا رفضت مشفى مواساة إجراءها، ليقرر كل من الطّبيبين سمير سرور وخالد حمزة القيام بها.

والآن وصل طفلها إلى سن الخّامسة، وفي كل فترة تراجع طبيبه بدمشق لمتابعة حالته، ولكنه بحاجة لعملية تبادل شريان القلب، لأنه يعاني تشوهاً فيه.

ويعاني طفلها الآخر (3  سنوات) من ضمور في الدّماغ وتأخر الحركة، حسبما تفيد.

ومن جانبه يقول طبيب أخصائي في طب الأطفال منذ 15 عاماً في تل كوجر، إنّ التّشوهات الجنينية تزايدت بشكل ملحوظ كـ “ضمور الدّماغ، ونقص الأكسجة، وتشوه الأطراف، وغيرها”.

ويشير الطّبيب إلى أنّ معدل مرضى الرّبو ارتفع بنسبة خمس أضعاف، فضلاً عن التهاب الأنف التّحسسي، بسبب تلوث البيئة، الأمر الذي يتطلب جهوداً كبيراً لتغيير الواقع الصّحي للمنطقة.

نساء فقدن أجنتهن

كما ولاحظت مها حميرة، القابلة القانونية في بلدة تل كوجر، تكرار حالات إسقاط النّساء لأجنتهن، “وصل عدد الحالات إلى أربع أو خمس مرات خلال أسبوع واحد”.

وتضيف: “في كافة الحالات لا يتجاوز عمر الجنين الشّهرين”، في حين تعاني نساء المنطقة بشكل عام من هذه المشكلة.

ومنذ عامين، فقدت فوزة عسكر (42 عاماً) من سكان تل كوجر، جنينها ذو الأربع أشهر، وعند مراجعة الطّبيبة، أرجعت السّبب إلى وجود جرثومة في الرّحم.

وتقول: “حالات الإسقاط لا تشمل النّساء فقط، بل إنّ الحيوانات تتأثر كذلك، إذ نلاحظ تغير طعم اللبن، بسبب مرض الأبقار الدّائم، ونلقح الطّيور ست مرات في السّنة كي لا تموت”.

وتأمل السّيدة من الجهات المعنية حل ما تصفه  بـ “المشكلة الحقيقة”، لأن الرّائحة الكريهة لمشتقات النّفط والحراقات “لم تعد تحتمل”.

وكذلك فقدت مها المهدي (45 عاماً) أجنتها قبل أربع سنوات تقريباً، ثلاث مرات متتالية، وتوفي لها طفلان بعد الانجاب، دون أن يعرف الأطباء السّبب.

وكالحالة السابقة، أخبرتها الطّبيبة أنّ السّبب يرجع لجرثومة في الرّحم، وبعد تلقيها العلاج أنجبت طفلاً.

وتشرح طبيبة أخصائية نّسائية في بلدة كركي لكي (المعبدة)، إنّ تعرض الأم في الأسبوع الثالث من الحمل للملوثات، يتسبب بنقص التروية المشيمية، مما يفقدها جنينها.

ويؤثر تعرض الحامل للملوثات على الدّورة الدّموية للأم، وبالأخص الشّريان الرّئيسي المغذي للجنين، الأمر الذي يؤثر على حجمه ونموه مستقبلاً، حسب الطّبيبة.

وتضيف: “ظهرت شفة الأرنب بكثرة مؤخراً، وفشل النّمو والولادة المبكرة، ونسبة تشوهات تصل إلى5  بالمئة”.

إعداد: دلال علي – تحرير: آيلا ريّان