في إدلب نساء يؤسسن مشاريع صغيرة لتأمين حياة كريمة

إدلب – نورث برس

ضمن خيمتها القماشية الصغيرة في مخيم الشيخ بحر قرب مدينة معرة مصرين شمالي إدلب، تبدأ رحاب اليوسف، (43 عاماً) صباح كل يوم عملها في صناعة أحواض مزروعات الزينة والمزهريات.

وبدأت رحاب، وهي من نازحي ريف حلب الغربي، بمشروعها الصغير، الذي تتخذه مصدر رزق لها ولعائلتها، في خيمتها قبل نحو أربعة أشهر، وذلك حين وقع عليها دور المعيل بسبب وفاة زوجها.

وتقول لنورث برس، إنها خشيت في البداية من عدم تمكنها من تصريف ما صنعته من الأحواض والمزهريات، وخاصة أنها تعيش في مخيم سكانه من الطبقة الفقيرة وتكاد تكون معدومة.

ولكن استمرارها يعود الفضل فيه إلى جاراتها اللاتي شجعنها على الاستمرار في العمل وأبدين إعجابهن بالقطع والمزهريات التي أصنعها.

وتشير السيدة إلى أنها تبيع ما تنتجه بسعر مناسب مقارنة مع أسعار الأسواق، “القطعة الواحدة أبيعها بـ20 أو 30 ليرة تركية، وتباع في السوق بـ50 ليرة”.

وتعتمد في المواد الأولية مثل الأقمشة، على محال الألبسة المستعملة (البالة) بأسعار تعتبرها مناسبة، في حين ترسل طفلها ذو الستة عشر عاماً لشراء الإسمنت من المراكز التجارية القريبة.

وتقول رحاب، إن المزهرية التي تبيعها بسعر يتراوح ما بين 20 و30 ليرة تركية تكلفها بين 10- 15 ليرة تركية، وبذلك تكون قد حصّلت أرباحاً تعتبرها جيدة.

وتضيف، أنها “لم تعد بحاجة لانتظار السلة الغذائية كما كانت في السابق، وقد أصبح لديها مصدر للعيش تؤمن به ما يحتاجه أطفالها الأربعة”.

تغني عن الحاجة

ونتيجة الأوضاع المعيشية والظروف الاقتصادية السيئة للسكان في مناطق سيطرة المعارضة السورية بشمال غربي سوريا، لجأت عشرات النسوة لتأسيس مشاريع منزلية خاصة بهن تغنيهن عن العوز والحاجة.

وتمكنت الثلاثينية، منال القاسم وهي من سكان مدينة معرة مصرين شمال إدلب، بمساعدة أحد أقاربها المقيمين في الخارج قبل نحو عام من شراء ماكينة خياطة.

فبعد اعتقال زوجها من هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)، قبل نحو ثلاث سنوات، وجدت نفسها وحيدة خاصة أن إخوتها وعائلة زوجها تخلو عنها أيضاً.

وتقول منال لنورث برس: “اضطررت للعمل بمهن مختلفة وشاقة، إلى أن تمكنت من تأسيس عمل خاص بي”.

وتضيف أنها تعمل منذ نحو عام في خياطة الألبسة النسائية والأطفال، “كوني أملك خبرة كبيرة، وهو ما جعلني مقصداً لمعظم نساء الحي”.

وتحصل المرأة في نهاية اليوم مبلغاً يتراوح ما بين 60 و75 ليرة تركية، وهو “مبلغ ممتاز بالنسبة لي ويكفي لأن أعيش حياة كريمة مع أطفالي، على أمل عودة رب الأسرة الذي يقبع في سجون الهيئة”.

كسرت القاعدة ونجحت

وبإمكانيات متواضعة وتشجيع ذويها وصديقاتها، افتتحت ملك النوري (36 عاماً) وهي من سكان مدينة معرة مصرين شمالي إدلب، مصنعاً صغيراً للحلويات بدأت به من منزلها.

واعتمدت ملك، وهي أم لثلاثة أطفال، على خبرتها التي كانت قد “اكتسبتها من عمل والدها وإخوتها في صناعة الحلويات والمعجنات منذ أكثر من 30 عاماً”.

وتقول لنورث برس: “اعتدنا أن يكون عمل المرأة محصوراً في تلبية الاحتياجات المنزلية للزوج والأولاد فقط، ولم يكن سائداً في منطقتنا أن يكون للمرأة مشروعها الخاص، لكن الظروف تغيرت والقواعد كان لا بد أن تكسر”.

وتضيف أن زوجها كان منتسباً لفصيل عسكري وقتل إبان المعارك التي شهدتها مناطق ريف حماة عام 2019.

وبقيت تعيش هي وطفليها على الراتب الذي يقدمه الفصيل حيث لم يكن يتجاوز الـ 300 ليرة تركية، إلى أن توقف بشكلٍ كامل في شباط/ فبراير من العام 2020.

وتشير المرأة إلى أنها منتصف العام الفائت، قامت بافتتاح مصنع في منزلها الصغير لصناعة الحلويات والمعجنات في محاولة منها للاعتماد على نفسها.

ولاقى  مشروعها “نجاحاً وإقبالاً كبيراً” حتى أنها باتت تقوم ببيع الحلويات لمحال في مدينة معرة مصرين، بحسب ما ذهبت إليه ملك.

وتضيف أنها أصبحت اليوم صاحبة عمل خاص، وتمكنت من فعل ذلك في وقتٍ قصير، وهي تسعى إلى تطوير مشروعها وتحديث المعدات التي تمتلكها.

إعداد: بهاء النبواني- تحرير: فنصة تمو