تنمر ومحسوبية الآباء على “داعش” تحرم أطفال التنظيم حياةً طبيعية في الرقة
الرقة – نورث برس
تتردد ابتسام العيسى (35 عاماً) من سكان حي الانتفاضة في الرقة، شمالي سوريا، في إرسال طفلتها (9 أعوام) إلى المدرسة بعد المضايقات التي تعرضت لها من أطفال آخرين والتنمر الذي توجه لها، بصفة أن والدها عنصرٌ في صفوف تنظيم “داعش”.
وتقطن المرأة رفقة طفلتها في منزل ذويها، بعد خروجهم من مخيم الهول العام الماضي 2021، بعد كفالة أحد وجهاء العشائر من أقاربها.
وتسعى “العيسى” طوال هذه الفترة، للتأقلم مع المجتمع المحيط وممارسة حياتها بشكل طبيعي، إلا أن نظرة المجتمع لم تتغير خاصة أن زوجها اعتقل في المعارك التي دارت لطرد لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وانضم الزوج للتنظيم بعد سيطرة الأخير على مدينة الرقة خلال العام 2014، ليخرج رفقة زوجته إلى مناطق دير الزور التي كان يسيطر عليها التنظيم آنذاك، ليتم اعتقاله بعد طرد “داعش” من بلدة الباغوز وحجز العائلة في مخيم الهول، بحسب الزوجة.
ويواجه أبناء عناصر التنظيم صعوبة في إعادة دمجهم في المجتمع من خلال عوائق وتحديات يتعرضون لها، سواء في المدارس أو من خلال الأحياء التي يسكنون فيها.
“بنت داعشي”
وتواجه ابنة “العيسى” الكثير من التنمر والكلام الجارح من زملائها في المدرسة أو من الفتيات التي تحاول اللعب معهن في الحي، إذ دائماً ما تحاول التقرب منهم، وتتراجع بسبب نعتها بكلمة “بنت داعشي”.
وأصبحت الطفلة تكره الذهاب للمدرسة خوفاً من توجيه كلام جارح لها وتحميلها ذنب والدها الذي “لم نكن قادرين على ردعه أو منعه من الانتساب”.
وهذا التنمر، أثار قلق الأم على ابنتها من أمراض نفسية قد تتعرض لها، خاصة في ظل غياب التوعية لهؤلاء الأطفال، وغياب الجهة المسؤولة التي تتمكن من إعادة دمجهم وتأهيلهم، وإثبات أن لا ذنب يتحملونه بخطأ أباءهم، بحسب الأم.
وبلغ عدد العائلات التي خرجت من مخيم الهول باتجاه مدينة الرقة 817 عائلة تتألف من 2763 شخصاً جلهم من النساء والأطفال ممن هم دون الخامسة عشر عاماً.
تنمر وحرمان
قالت نجاح إسماعيل (33 عاماً) من سكان حي الانتفاضة في مدينة الرقة، إنها منعت طفلها من الذهاب للمدرسة بعد مشكلة أحدثها مع أقرانه في الشعبة الدراسية بسبب نبذهم له وعدم الاختلاط معه، ووصفه بـ”الداعشي”.
ومنعت المرأة أطفالها من الذهاب إلى المدرسة وأجبرتهم على المكوث في المنزل نتيجة تعرضهم لتنمر مستمر من قبل زملائهم، ما حال دون اندماجهم بالشكل الذي ترغب به الأم في المجتمع.
وأضافت لنورث برس، أن الواقع الحالي الذي تعيشه رفقة أطفالها ليس بجيد، مع فقدان المعيل وعدم قدرتها على سد حاجات أساسية لأطفالها مع تدهور الوضع الاقتصادي بالمدينة.
وتشتكي معظم النساء في العائلات الخارجة من مخيم “الهول” والمستقرة في الرقة وأريافها، من التنمر الذي يحصل لأطفالهن، بالتزامن مع انعدام الدخل أو عدم كفايته، وغياب المساعدات الإغاثية.
وأشارت إلى أن من المشاكل الكبرى التي واجهت أطفالها هي نبذ أقاربهم لهم وعدم الاعتراف بهم بعد خروجهم من مخيم الهول، بسبب انضمام والدهم للتنظيم.
إعادة تأهيل
وقالت أميرة الحسن الرئيسة المشاركة لمكتب حماية الطفل في مجلس الرقة المدني، إن المكتب وبالتعاون مع جمعيات ومنظمات محلية سيعمل على تنفيذ خطة لإعادة تأهيل الأطفال الذين خرجوا من مخيم الهول.
وأضافت: “المفترض أن يبدأ برنامج عمل المكتب لإعادة تأهيل أطفال مخيم الهول خلال الفترة القريبة القادمة، وستتضمن الخطة برامج للدعم النفسي وفعاليات اجتماعية ومتابعة لوضع الأطفال ومعرفة أحوالهم إلى حين الاجتياز بهم ما عانوه في مخيم الهول”، وفقاً لما ذكرته “الحسن”.
وأشارت “الحسن” إلى أن تجاهل ما وقع فيه الأطفال والأفكار التي من الممكن أنهم لا زالوا يحملونها، “تسبب عواقب خطيرة سيدفع المجتمع الثمن الأبرز لها”.