النوستالجيا حاضرة في بيوت سوريين من طاولة الإفطار وصولاً إلى مشاهد الدراما

دمشق- نورث برس

رغم عودة الدراما السورية بقوة هذا العام، لكن ما يزال الحنين إلى ماضي المسلسلات القديمة حاضراً في كل تعليق على مشهد جديد يحاكي الواقع، فالنوستالجيا حاضرة في بيوت السوريين من طاولة الإفطار وصولاً إلى مشاهد الدراما.

ويقول سكان في دمشق إنهم يحنون إلى الماضي الذي كان العام 2011 حاسماً فيه، لأن الحياة اليوم تكسر عظمهم مئة مرة في اليوم لأجل لقمة العيش، فيكون الحنين “للفصول الأربعة” متنفساً للذاكرة.

وبما أن كل أعمالهم اليومية مع وقف التنفيذ، تكون “مرايا” متنفساً آخر، أما “حوازيق وجوقة عزيزة” لم تشبع رغبات جمهور تربى على بقعة ضوء، على حد قول هؤلاء.

وتذكر هبة محمد (33 عاماً) وهي مهندسة مدنية تسكن في حي ركن الدين بدمشق، لنورث برس، أنها تحن لمسلسلات الفصول الأربعة، عائلتي وأنا، أحلام كبيرة، ومذكرات عائلة.

وتعتقد المهندسة أن المسلسلات السورية سابقاً “كانت أحلى، كان فيها جو العائلة والود والعلاقات الاجتماعية وكان تسليط الضوء على قصص الفساد والقضايا غير الأخلاقية قليل لأننا كنا نعيش بسلام أكثر من الوقت الراهن”.

ولكن الدراما الآن “تعكس واقعنا من فساد وقتل لأن هذه هي الحقيقة، حيث أصبح الشر أكثر من الخير”، على حد قولها.

ولم تنكر “محمد” أن المسلسلات الحالية تشهد تطوراً واضحاً بالنص والأداء مثل مسلسل كسر عضم، ومع وقف التنفيذ، في ظل انتهاء “مهازل الدراما السورية اللبنانية المشتركة وتصدير البطلة اللبنانية الخارقة”.

تباين وجهات نظر

ولكن محمد حسن (37 عاماً) وهو طبيب يسكن في منطقة مزة ٨٦ خزان بدمشق، يرى أن الفساد وكل ما تعكسه الدراما اليوم كان حاضراً في الأعمال الدرامية السابقة، لكن نسبة خوف الكتاب والرقابة التي تفرض على النصوص كانت أكبر بكثير من الآن.

ويذكر أنه بعد 2011، لجأ الكثير من الكتاب والمخرجين إلى الإنتاجات الخليجية، كما ساهمت المنصات الإلكتروني مثل “شاهد نت” وغيرها، بعرض المسلسلات بحرية تامة، وأجبرت التلفزيونات السورية اليوم على عرضها كما هي إذا استطاعت شراءها.

لكن “حسن” يرى أن “مسلسلات اليوم لا تدفعك للإعادة بعد الانتهاء، بينما أواظب كل أسبوع على إعادة الفصول الأربعة لأنه يعود بي إلى جو بيت جدي وخاصة أصبحنا بزمن نفتقد فيه لجو العائلة”.

وتتباين وجهات نظر السكان في دمشق حول الدراما السورية هذا العام وذلك حسب المسلسلات والممثلين، اللذين تكررت وجوههم واختلفت شخصياتهم في غالبية الأعمال.

إلا أن الجامع في التعليقات أن الدراما السورية لهذا العام غطت وتفوقت على الدراما العربية المشتركة، وخصوصاً اللبنانية السورية.

وتختلف الآراء تبعاً لدرجة الحنين إلى الماضي، وانعكاس الواقع والتربية، وربما اختلاف الأجيال أيضاً، فبعض المشاهد في المسلسلات التي يعتبرها الشباب عادية، يعتبرها الكبار في السن خطاً أحمر وخرقاً للعادات والتقاليد.

وتحظى الأعمال الاجتماعية بالحصة الأكبر على خارطة العرض لموسم رمضان 2022، بعدة مسلسلات منها مسلسل “مع وقف التنفيذ” للمخرج سيف الدين السبيعي، و”كسر عضم” للمخرجة رشا شربتجي، و”على قيد الحب” للمخرج باسم سلكا.

وتمثلت أعمال البيئة الشامية بأعمال متعددة وهي “جوقة عزيزة” للمخرج تامر إسحق، والجزء الثاني لمسلسل “حارة القبة” لرشا شربتجي، وكذلك الجزء الثاني لمسلسل “الكندوش” للمخرج سمير حسين، والجزء الثاني لمسلسل “بروكار” للمخرج محمد زهير رجب.

قيم غائبة

 يقول عيسى عيسى (70عاماً) وهو مدرس متقاعد من  ريف حمص الشمالي الغربي، إنه يحن إلى المسلسلات القديمة التي تعكس “القيم والأخلاق والحب الصادق بين أفراد العائلة والتي تربينا عليها منذ أن كنا صغاراً”.

ويضيف: “نفتقد حالياً لمسلسل الجذور لا تموت حيث يصور علاقة الأب والأم مع أبنائهم وعلاقة الأخ مع إخوته البنات وأفلام غوار الطوشة ومسلسل الفصول الأربعة ومرايا الذي يعكس الواقع ويعالجه دون خدش حياء”.

ويرى أن العلاقات الأسرية التي تعكسها الدراما حالياً هي “علاقات مفككة ويحاولون أن يغذوها فكراً في الشباب. حتى خواتيم المسلسلات اليوم لم تعد تشجع المشاهد على التفكير، فهي غالباً نهايات مغلقة ومعلبة كما يريد الكاتب دون احترام عقل المشاهد”.

وترد على كلامه، هالة عمرو(60 عاماً) وهي من سكان صحنايا بريف دمشق، أن الحنين إلى الدراما السابقة هو مهم رغم جودة الدراما هذا العام، “لكن كمية الشر والفساد وطرق معالجتها تجعل المشاهد متوتراً. بقي متوتراً 12 سنة حرب ومازال وعندما يشاهد الدراما يتوتر”.

وتعتقد أن الدراما السورية هذا العام لم تكن موفقة في الكوميديا بل قدمتها بطريقة مبتذلة مقارنة مع بقعة ضوء ومرايا في الأعوام التي سبقت الحرب.

إعداد: دهب محمد- تحرير: سوزدار محمد