باعة متجولون يخسرون أعمالهم بعد رفع “تحرير الشام” لأسعار البنزين في إدلب
إدلب- نورث برس
منذ حوالي الشهر، يبحث رامي العبد الله (35 عاماً) وهو اسم مستعار لنازح في مخيمات دير حسان الحدودية شمال إدلب، شمال غربي سوريا، عن عمل بديل بعد أن اضطر لترك عمله السابق بسبب ارتفاع سعر مادة البنزين المستورد.
ومع بداية شهر رمضان، رفعت شركة “وتد” للبترول التابعة لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، سعر ليتر البنزين المستورد إلى دولار أميركي و173 سنتاً، أي ما يعادل 17.50 ليرة تركية (نحو 4800 ليرة سورية)، عوضاً عن دولارٍ و163 سنتاً لليتر الواحد.
ليكون هذا الارتفاع هو الثالث خلال أقل من شهر، حيث كان سعره 1.143 سنتاً، وفقاً للقائمة التي تصدرها الشركة التي “تتذرع” بأن ارتفاع الأسعار يأتي نتيجة ارتفاع سعر البنزين من المصدر.
وتُعتبر “وتد” التي أنشأتها حكومة الإنقاذ، الجناح السياسي لهيئة تحرير الشام قبل نحو عامين، الجهة الوحيدة المسؤولة عن استيراد المحروقات إلى إدلب، ما يخولها احتكار المواد.
وكان “العبد الله”، يعمل على سيارة نوع (سونغ) التي تعمل على مادة البنزين، ويتجول بين المخيمات المجاورة حاملاً العديد من أنواع الفواكه والخضراوات، قبل أن يجبره غلاء البنزين على الامتناع عن مزاولة مهنته.
ويقول النازح الذي ينحدر من مدينة معرة النعمان التي سيطرت عليها قوات الحكومة السورية أواخر عام 2019، إنه كان يجني ما بين 50- 75 ليرة تركية يومياً (نحو 13 ألف ليرة سورية) من عمله خلال اليوم، وهو مبلغ يمكنه من إعالة أسرته المؤلفة من ستة أشخاص.
ويضيف: “لكن المحتكرين للمحروقات في المنطقة باتوا يقاسموننا وأطفالنا لقمة عيشنا بعد أن ارتفع سعر البنزين”.
“خسارة كبير”
وعلى رصيف قريب من سوق مدينة سرمدا، شمالي إدلب، يعمل رائد الشحنة (28عاماً) وهو من سكان المدينة في بيع الخضراوات والفواكه بعد أن اضطر للتوقف عن عمله كبائع متجول.
ويقول “الشحنة” إنه لا يجيد أي مهنة أخرى تساعده على مواجهة أعباء الحياة ومستلزماتها، فمع غلاء البنزين وعدم قدرته على الاستمرار في عمله السابق “فضلت العمل في السوق الرئيسي على البقاء دون عمل”.
ويضيف الشاب، وبلهجته المحلية، متحسراً على ما آل إليه الحال من سوء الوضع الاقتصادي، “شو بدنا نشتغل وين نروح بحالنا؟”.

وسابقاً كان “الشحنة” يحصل على مبالغ لا تقل عن 50 ليرة تركية يومياً، ولكنه الآن لا يستطيع الحصول على نصف المبلغ بسبب ركود الأسواق في إدلب، وفق قوله.
ولم يكن حال مصطفى الصلاح (45 عاماً) وهو نازح في مدينة الدانا شمال إدلب، أفضل من سابقه، حيث اضطر هو الآخر لترك مهنته على سيارته الجوالة مرغماً، إثر خسارته التي وصفها بالكبيرة.
وبعد أن أصبح عاطلاً عن العمل، دفعت الظروف المعيشية الصعبة، الرجل الأربعيني للعمل في مهنة البناء الشاقة للإنفاق على عائلته المؤلفة من ثمانية أشخاص، بالرغم من أنها “لا تتناسب مع عمري”.
انعدام الأرباح
وتقول إحصائية لفريق “منسقو استجابة سوريا” في شباط / فبراير العام الماضي، إن نسبة البطالة في شمال غربي سوريا وصلت إلى 89% .
يقول “الصلاح” إنه ومنذ نزوحه من مدينة سراقب شرق إدلب، كان يعتمد بشكل أساسي على سيارته في تأمين معيشته ومعيشة عائلته من خلال عمله عليها في بيع الأدوات والمستلزمات المنزلية.
ويشير إلى أنه كان يحصل على 75 ليرة تركية (نحو 20 ألف ليرة سورية) وهو مبلغ يراه جيداً، خاصة وأنه يمكّنه من تأمين بعض مستلزماته المعيشية في ظل موجة الغلاء وتدني مستوى المعيشة.
وبحسب النازح فإن غلاء مادة البنزين بشكل مستمر أدى إلى انعدام الأرباح إذ أن الفوارق بسعر المادة تجاوزت العشرين سنتاً أي ما يعادل 3 ليرات في الليتر الواحد مضافة إلى فوارق التصريف.
وفي عملية حسابية بسيطة يشير “الصلاح” إلى أنه يحتاج إلى 15 ليتراً من مادة البنزين يومياً حيث تصل نسبة الزيادة إلى 45 ليرة تركية أي أكثر من نصف المبلغ الذي يتقاضاه من عمله كبائع جوال.