مواقع أثرية ومزارات دينية في كوباني تنتظر الترميم منذ سنوات

كوباني- نورث برس

تقول مديرية حماية الآثار في إقليم الفرات (تضم مدينتي كوباني وتل أبيض وأريافهما)، إن جميع المواقع الأثرية والمزارات الدينية التي تعرضت للتخريب والنهب خلال الحرب السورية في المنطقة، لم ترمم حتى الآن.

وترجع المديرية السبب إلى وجود قانون من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) يمنع التنقيب عن الآثار خلال الحرب، “حيث ترتبط عملية الترميم والتنقيب ببعضهما”، بحسب الرئيس المشارك للمديرية علي سليمان.

وخلال سنوات الحرب، تعرضت التلال الأثرية في إقليم الفرات للتخريب والتنقيب من قبل مسلحين وتجار آثار وتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، ونُقلت أغلبها إلى تركيا عبر الحدود، بحسب “سليمان” وشهادات سكان ومهتمين بالآثار.

ويقول “سليمان” إن كل التعديات التي طالت المواقع الأثرية تم توثيقها بالكتابة والصور.

ويشير إلى أنهم لا يستطيعون التنقيب عن المواقع الأثرية حالياً “كون سوريا في حالة الأزمة، كما أنه لا تتوفر كوادر متخصصة في ذلك”.

ويضيف: “التنقيب بحاجة إلى خبراء مخبريين لتحليل القطع الأثرية ورسامين ومهندسين طبوغرافيين والكشف الجوي”، وهو ما تفتقر إليه المنطقة.

ومنذ عام 2017 وحتى عام 2022، وثقت المديرية 69 موقعاً أثرياً، بينها تلال وكهوف أثرية ومقابر تاريخية، في الإقليم.

وتتواجد أغلب تلك المواقع على طول نهر الفرات، وأهمها تل برسيب (تل أحمر) وقرية بوجاغ بريف صرين، وهي مواقع قامت بعثات أجنبية بالتنقيبات فيها، بالإضافة إلى تل الشيوخ فوقاني وتل الشيوخ تحتاني وتل قوملق وجعدة المغارة.

تهريب إلى تركيا

وتفتقر منطقة إقليم الفرات كما جميع مناطق شمال شرقي سوريا إلى متحف، وتضم فقط مستودع يحتوي على الآثار التي تم تنقيبها من قبل البعثات الأجنبية في المنطقة قرب نهر الفرات وهي عبارة عن أواني فخارية وبرونزيات صغيرة من العصر البرونزي.

ويشير الرئيس المشارك للمديرية إلى أن إنشاء متحف مرتبط بالإمكانات، في إشارة منه إلى ضعف إمكانات الإدارة للقيام بهكذا مشروع.

ويقف أحمد عبو (45 عاماً) وهو من سكان ريف كوباني الغربي، وعمل مع بعثة إيطالية للتنقيب عن الآثار في المنطقة قبل الأزمة، بالقرب من مدفن روماني، بينما يتحدث عن الانتهاكات التي طالت أغلب المواقع الأثرية التي تقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات.

ويؤكد الرجل الأربعيني، كما “سليمان”، أن فصائل “الجيش الحر” و”داعش” وتجار آثار كانوا يهربون القطع الأثرية إلى تركيا، بعد تنقيبات سرية باستخدام أجهزة خاصة أدت لتخريب لوحات الفسيفساء وسرقة المدافن الرومانية في المنطقة.

ويعد تل الشيوخ فوقاني وتل الشيوخ تحتاني وتل قوملق وتل أحمر وجعدة المغارة، أهم هذه المواقع التي تعرضت للتخريب والسرقة، بحسب “عبو”.

تعديات

وطالت التعديات لوحة فسيفساء تعتبر من بين أهم اللوحات الأثرية المكتشفة في بلدة شيوخ تحتاني، حيث حاول التجار سرقتها وتهريبها إلى تركيا، “إلا أن كبر حجمها وعدم وجود تقنيات لحملها، حال دون ذلك”، وفقاً لقول “عبو”.

ويشير الرجل إلى مدافن رومانية في المنطقة القريبة من تل قوملق لم تسلم من السرقة خلال السنوات التي سيطرت فيها المجموعات المسلحة وتنظيم “داعش” على المنطقة.

وظهرت مدافن أثرية تعود للعصر البرونزي في منطقة تل الشيوخ التحتاني، حيث كانت تحتوي على جرار فخار وقطع البرونز، أثناء عمل البعثة الإيطالية، التي توقفت عن العمل بسبب الحرب دون إنهاء عملها.

وقامت مجموعات مسلحة معارضة أثناء فترة سيطرتها على المنطقة بإنشاء نقطة عسكرية فوق موقع تل الشيوخ التحتاني الأثري، وفقاً لما يرويه “عبو” لنورث برس.

 كما قام “داعش” بعد نزع المنطقة من فصائل المعارضة، ببناء سور من التراب وحفر الجدران وأجرى تنقيبات سرية وسرق جرات الفخار، بحسب “عبو”.

وقبل الحرب، كانت بعثة بلجيكية تعمل بالتنقيب في تل أحمر الأثري، وبعثة فرنسية في قرية جعدة الأثرية، وبعثة فرنسية مع سوريين في تل عبر الأثري، إضافة لبعثة فرنسية في منطقة قره قوزاق، إلا أنها جميعاً توقفت عن العمل مع بدء الحرب.

تدمير مزارات دينية

واتخذ “داعش” من قرية بوجاغ الأثرية مركزاً له عندما سيطر على المنطقة، حيث تضم القرية معبداً تم حفره لوضع السجناء فيه، “ولكن الغاية كانت سرقة الآثار منه”، وفقاً لما يذكره الرئيس المشارك لمديرية حماية الآثار.

ويشير هو الآخر إلى أن  أغلب الآثار هربها “داعش” وأن ما بقي منها هي قطع صغيرة مثل الأواني الفخارية.

وفي قرية شيران، 8 كم شرقي كوباني، قام عناصر التنظيم بتفجير المزار الديني الذي يسمى “شيخ سروجي”، وفقاً لما ينقله  شيخو علي (70 عاماً) وهو من سكان ريف كوباني الشرقي.

وبعد طرد “داعش” من المنطقة، قام سكان القرية بإعادة ترميم المزار، بعد تدمير قبته الأثرية التي تعود إلى أكثر من 200 عام على الأقل.

وتعرضت أغلب المزارات الدينية القديمة في المنطقة للتفجير والتخريب على يد “داعش”، مثل مزار الشيخ صحن في قرية خالجك جنوب كوباني، ومزار الشيخ حسن حمان في بلدة الشيوخ فوقاني، وعدة مزارات أخرى.

إعداد: فتاح عيسى- تحرير: سوزدار محمد