الغاز مفقود في مخيمات نازحي عفرين بريف حلب الشمالي والبابور والحطب بدائل
ريف حلب الشّمالي – نورث برس
تستعين فريال عثمان (53 عاماً)، نّازحة من ناحية معبطلي بريف عفرين، ببابور الكاز للطهو في رمضان، بعد نفاذ أسطوانة الغاز لديها منذ اليوم الأول منه، نتيجة الحصار الذي تفرضه حكومة دمشق على مناطق توزع نازحي عفرين بريف حلب الشمالي منذ نحو شهر تقريباً.
وتقول السّيدة وهي تهم بتسخين المياه على البابور في مخيم برخدان، ليستحم أحفادها الأربعة عشر، “من المفترض أنّ يكون رمضان شهر البركة والتّسامح، لكن بدلاً من أنّ تنهال علينا الخيرات منعت عنا الحكومة الغاز”.
وتفرض الحكومة حصاراً متقطعاً على ريف حلب الشمالي، تمنع دخول أسطوانات الغاز إلى المنطقة، شددته منذ عشرين يوماً على حيي الشّيخ مقصود والأشرفية بحلب، الأمر الذي أدى لانقطاع الطّحين وتوقف الأفران، ونقص في كميات الدّواء.
وتشير “عثمان” إلى أنها استعارت البابور من أحد أقربائها، وتُشغله بمادة المازوت عوضاً عن الكاز، ذلك أنه غير مُتوفر بكميات كبيرة في المُخيم.
ويتجاوز سعر الليتر الواحد من الكاز 3 آلاف ليرة سوريّة، وتضيف المرأة، “دخانه خانق، رغم أننا نشغله أمام الخيمة، البارحة أسعفت عدد من أطفالي للمستشفى، وشخّص الطّبيب وضعهم بالتّهاب القصبات الهوائية”.
اسطوانات مصادرة
وفي العام 2018 عقب الغزو التركي رفقة فصائل المعارضة المسلحة، لجأ نحو 300 ألف شخص من نازحي منطقة عفرين للسكن في مخيمات العودة وعفرين وبرخدان وسردم وشهباء، بينما توزع آخرون على 42 قرية وبلدة بريف حلب الشمالي.
وبحسب إحصائية لهيئة الشؤون الاجتماعية والعمل لإقليم عفرين والعاملة حالياً بريف حلب الشمالي، فإن ألفي عائلة نازحة من عفرين تتوزع في المخيمات الخمسة، وحوالي 140 ألف شخص يسكنون في القرى والبلدات.

ونفذت أسطوانات الغاز لدى أغلب الأسر التي تسكن في المخيمات الخمسة، بعد أنّ تبادلوها فيما بينهم.
وتتساءل “عثمان” عن حقهم الانساني، “هربنا من القصف إلى الخيام، فلم لا يأخذ أحدٌ وضعنا بعين الاعتبار”.
وحسب عبد الحنان معمو، الرّئيس المشارك لهيئة الشّؤون الاجتماعية والعمل التابعة للإدارة الذاتية في إقليم عفرين والعاملة حالياً بريف حلب الشمالي، فإن الحواجز الحكومية صادرت سبعة آلاف أسطوانة غاز، مخصصة للنازحين في المُخيمات، بالإضافة لسكان حيي الشّيخ مقصود والأشرفية.
ويعاني النّازحون في تلك المُخيمات من قلة فرص العمل، في ظل تردي الوضع الاقتصادي لهم وارتفاع الأسعار الذّي تشهده كافة المدن السّورية.
“نبقى دون طبخ”
ومنذ عشرين يوماً، تتدبر كوثر شعبان (26 عاماً) أمرها عند إحدى جاراتها في مخيم برخدان، نظراً لعدم قدرتها المادية على تعبئة كيلوغرام واحد من الغاز، لأن سعره يصل إلى 15 ألفاً.
ويبلغ سعر أسطوانة الغاز في السوّق 100 ألف ليرة، بعد أن كانت تباع قبل الحصار بـ30 و40 ألفاً.
ويذكر نازحون أنهم يعتمدون في معيشتهم على المساعدات، في ظل قلة فرص العمل، فهم غير قادرين على تعبئة الأسطوانات دائماً، حسب قولهم.
وتبقى السّيدة من دون طبخ في أحيان كثيرة، وتعتمد على ما هو موجود كالزّيت والزّعتر، لأنهم لا يملكون البابور، وليس لديهم حطب يستعملونه كبديل، حسب ما تقوله لنورث برس.
وتضيف بلهجتها المحلية، “صرنا نستحي نروح عبيت الجيران، الله يساعدهم كمان ما في عندهم غاز”.
وكانت الهيئة توزع بالمجان ألفي أسطوانة غاز شهرياً على نازحي المُخيمات، وبالنسبة للنازحين الموزعين على 42 قرية وبلدة، توزع عليهم بنسبة 40 بالمئة في كل دفعة تدخل للمنطقة، حسب الرّئيس المُشارك للهيئة.
وتتشارك ليلى موسى (45 عاماً) المنحدرة من قرية دوراقلية التّابعة لناحية شران بريف عفرين، المعاناة مع جارتيها، إذ لم تطبخ منذ عشر أيام، “نأكل اللبن من دون شاي”.
وتشير “موسى” إلى أنهم يحضرون زجاجة الحليب لحفيدتها بـ “مياه باردة”، فمشكلة الغاز زادت وضعهم سوءاً.
وبينما كانت تجلس أمام خيمتها المهترئة، تضيف الأربعينية: “نحن سوريون، ولكن حكومتنا تمنع عنا الغاز تارةً، وفي أحيان أخرى المازوت، أو لا يكفي أننا نزحنا من أراضينا”.