معنويات محطمة ومستقبل مجهول.. حال طلاب كليات جامعة الفرات بالحسكة

الحسكة – نورث برس

يبحث خوشناف حسو (20 عاماً)، طالب سنة ثانية في كلية الحقوق بجامعة الفرات بمدينة الحسكة، شمال وشرق سوريا، عن عمل، ليؤمن نفسه بعد استئناف الامتحانات في كليات الجامعة، منذ حوالي شهرين ونصف.

ويقول “حسو” لنورث برس، إنّ الوضع النّفسي لهم “سيء”، نظراً لتوقف الامتحانات في مُختلف الكُليات وحتى التي ما تزال قائمة منها ومن بينها كلية الحقوق والعلوم والزّراعة، “تضرر فقط جراء تمرد داعش، كليتي الهندسة المدنية والاقتصاد”.

وهنا يتساءل العشريني عن السّبب الذي دفع وزارة التّعليم العالي ورئاسة الجامعة، لإيقاف العملية الامتحانية بشكل عام، وبالأخص في الكليات الواقعة تحت سيطرتها، كالحقوق التي يقع مبناها في المربع الأمني.

وأدت أحداث سجن الصناعة في الحسكة في العشرين من كانون الثاني/ يناير، لتدمير كليتي الاقتصاد والهندسة المدنية بشكل كبير، إضافة لمعهد المراقبين الفنيين، فيما أخذت قوات سوريا الدّيمقراطية كلية الهندسة الزّراعية، مما تسبب بإيقاف الامتحانات الجامعية في يومها الثّاني.

ويشير الطّالب الجامعي إلى أنّ حوالي 25 ألف طالب مصيرهم مجهول، “الغالبية العظمى منهم غير قادرة على التّنقل والدّراسة في الجامعات الأخرى، لأن الظّروف المادية المُتردية تمنعهم من ذلك”.

“مصير معلق”

وفي وقت سابق، صرح محافظ مدينة الحسكة غسان خليل حليم، لوسائل إعلام، أنهم يعملون بالتّنسيق مع الرّوس، لإعادة الجامعات إلى سيطرة الحكومة السّورية، وإجراء الامتحانات التي تأجلت.

وما لم يتم إعادة الجامعات لترميمها، سيرسل الطّلبة وخاصة من كليتي الهندسة المدنية والاقتصاد إلى دير الزّور لمتابعة تحصيلهم العلمي، حسب “حليم”.

ويتخوف الطّلبة وذويهم من نقل الحكومة الكليات إلى مدينة أخرى، الأمر الذي من شأنه أن يرتب عليهم تكاليف يعجزون عن سدادها.

ويتعجب العشريني أسامة حمد، أحد طلاب كلية الهندسة المدنية في السّنة الرّابعة، من بقاء “مصير الطّلبة معلقاً حتى الآن ومعنوياتنا مُحطمة”.

ولم تجد الحكومة السّورية أي حلول حتى الآن لإعادة استئناف الدّوام، في حين كان بإمكانها تأدية الامتحانات للطلاب على دفعات، أو توزيع معظمهم على المدارس التي لم تتضرر.

ولكن كلية الهندسة المدنية والاقتصاد بحاجة للدوام، الأمر الذي لن تستوعبه جامعات الحسكة الحالية كون طلابها أيضا عليهم الحضور فيها.

ويكاد الفصل الثاني ينتهي في جامعات المحافظات الأخرى، في حين لم تنتهِ امتحانات الفصل الأول في كلية الفرات بالحسكة بعد.

ويرى آلان سيدو (37 عاماً)، وهو طالب في كلية الحقوق، عبر نقاشاته اليومية مع زملائه، أنّ مستقبلهم غير معروف، “نحمل المسؤولية للجهات التي تدير البلاد، وتعنى بالموضوع وبالأخص مسؤولي جامعة الفرات”.

ومنذ 2012، أوقف “سيدو” دراسته في الكلية، لأن ظروفه المادية والأوضاع الأمنية سيئة، “انقطعت عن الدّراسة لـ10 سنوات، وعدت إليها منذ عام تقريباً، بعد أنّ تحسنت أوضاعي، ولكن مشكلة إغلاق الجامعات أوقفتني مرة أخرى”.

بلا مبرر

ويعتبر “سيدو” أنّ الكليات التي تعرضت للضرر في حي غويران يمكن إيجاد حلٍ لها، “لا مبرر لإغلاق جميع الكليات”. 

ويرى أنّه إن كانت الحكومة السّورية “تتعمد” إيقاف الكليات، فإن ذلك “ضرب للسلم في المنطقة وتحريض على جهة معينة”. ويضيف: “لسنا وقوداً لشرارة الفتنة، إننا طالبو علمٍ، ولا علاقة لنا بالأطراف المُتصارعة”.

وفي وقت سابق، طالبت الحكومة السورية، الإدارة الذاتية بتسليمها كلية الهندسة الزّراعية لاستئناف الامتحانات، ولكن  البعض يرى أن الحكومة تتذرع بذلك لإيقاف الامتحانات.

وتواصلت نورث برس، مع مجلس مقاطعة الحسكة حول أسباب عدم تسليم كلية الهندسة الزراعية لرئاسة الجامعة، إلا أنه رفض التصريح.   

وفي حال نقل الكليات إلى مدينة دير الزّور وهو الخيار المطروح على طاولة النّقاش، لن يسافر “سيدو”، إضافة لآلاف الطّالبات، نظراً لسوء الأوضاع من جميع النّواحي وطول المسافة، حسب ما يقوله.  

ويقول طلبة الكليات لنورث برس، إنّ تكلفة الدّراسة في الحسكة كبيرة عليهم، إذ أنّ الطالب من المدينة نفسها وبدون إيجارات ومصروف شخصي، بحاجة إلى 150 ألفاً شهرياً، ناهيك عن الاشتراك في المكتبة، فكيف به الأمر لو اضطروا للذهاب إلى دير الزور؟.

ويعتبر البعض وأغلبهم من طلاب السّنوات الأخيرة في الكلية، أنّ السّفر ليس خياراً “متاحاً أمامهم”، لذا في حال جاء القرار بإلزامية الدّراسة في جامعة أخرى سيتركون مقاعد الجامعة، ويمتنعون عن الحصول على الشّهادة التي “ما عادت تطعمني خبزاً”، على حد وصفهم.

إعداد: جيندار عبدالقادر – تحرير: آيلا ريّان