مشروبات رمضانية.. حاضرة على موائد وغائبة عن أخرى في إدلب
إدلب – نورث برس
يستغني محمد الديبو (35 عاماً) وهو نازح في مخيمات دير حسان الحدودية شمال إدلب، على خلاف ما اعتاد عليه خلال السنوات الماضية، عن المشروبات الرمضانية هذا العام بسبب ارتفاع أسعارها وعدم تناسبها مع مدخوله اليومي.
ولا تتجاوز الأجرة اليومية، للنازح الذي ينحدر من مدينة معرة النعمان جنوب إدلب ويعمل في مهنة البنا،ء أكثر من 35 ليرة تركية (نحو عشرة آلاف ليرة).
ويتساءل: “كيف أشتري ليتراً واحداً من التمر هندي والسوس والجلاب التي وصلت أسعارها إلى 10 ليرات تركية نحو (2800 ليرة سورية)”. والعام الماضي، كانت أسعار هذه المشروبات لا تتعدى الخمسة ليرات تركية، بحسب سكان.
ويعتبر سكان أن رمضان هذا العام هو الأصعب عليهم في ظل ارتفاع أسعار المواد الأساسية وسوء الظروف المعيشية.
وكان السوس والتمر هندي والجلاب وقمر الدين من المشروبات الرمضانية الأساسية التي تكون حاضرة على موائد الإفطار في شهر رمضان، ولكن غلائها هذا العام دفع البعض للاستغناء عنها كما مواد أساسية أخرى.

وفي إدلب كما جميع المناطق السورية الأخرى، شهدت الأسواق منذ بداية شهر رمضان، ارتفاعاً مضاعفاً في أسعار كافة المواد الغذائية والاستهلاكية وهو ما أثر على القدرة الشرائية لسكان ونازحين يعانون في الأساس أوضاعاً اقتصادية متردية.
وتعتمد شريحة واسعة من السكان في شمال غربي سوريا في دخلها المادي على الأجور اليومية التي لا تتجاوز 30 ليرة تركية، ما يحول دون تمكنها من تأمين الاحتياجات الأساسية.
وتلجأ رويدة صبوح (40 عاماً) وهي من سكان مدينة إدلب إلى صناعة المشروبات الرمضانية في منزلها، كونها تجيد فن صناعتها.
وتصنع السيدة الأربعينية السوس والتمر هندي، حيث تعلمت طريقتها من والدتها، وتوفر بذلك ثمن شرائها من السوق، بالإضافة إلى أن جودتها تكون أفضل، بحسب قولها.
وتشير “صبوح” إلى أنها اعتادت على هذه العادة منذ سنوات طويلة وكانت تعدها أيضاً لجيرانها الذين قاموا بدورهم هذا العام لصناعتها في المنزل مع غلائها في الأسواق.
وعلى مقربة من السوق الرئيسي في مدينة سرمدا شمال إدلب، يعمل حمدي منديل (48 عاماً) وهو من سكان المدينة في تحضير المشروبات الرمضانية منذ قرابة 25 عاماً.
ويقول الرجل إنه لم يشهد هذا الركود في الأسواق طيلة فترة عمله في المهنة، إذ أنه لا يستطيع بيع أكثر 15 ليتراً من المشروبات الرمضانية يومياً، في حين كان يبيع أكثر من 100 ليتر العام الماضي.
ويرجع البائع سبب غلاء المشروبات هذا العام إلى ارتفاع أسعار المواد الخام التي ارتفعت بشكل غير مسبوق، حيث وصل سعر كيلوغرام من السوس إلى 35 ليرة تركية.
في حين وصل سعر عبوة الجلاب إلى 250 ليرة تركية ( نحو 65 ألف ليرة سورية)، بينما تباع علبة الخام من التمر هندي بمئة ليرة تركية.
ورغم غلائها، لم يستغنِ رواد التركي (42عاماً) وهو نازح في مدينة الدانا شمال إدلب، عن السوس والتمر هندي هذا العام.
وبينما كان يتجول في أسواق الدانا باحثاً عن أحد الباعة المحترفين في صناعة المشروبات، يقول إنه لا يمكن أن يمر يوم في رمضان دون المشروبات التي “تشعرنا بحلاوة الصيام على المائدة”.
ويضيف: “اعتدت عليها على مر العقود من زمن أبي وجدي الذين كانوا يحضرونها بأنفسهم”.
ولكن “التركي” الذي ينحدر من مدينة كفرنبل جنوب إدلب، لم يخفِ استيائه من غلاء هذه المشروبات، خاصة وأنه لا يتقاضى أكثر من 40 ليرة تركية في عمله كحارس ليلي في مصنع لصناعة النايلون شمال إدلب.