محللون: تعيين بوتين لمبعوث خاص في سوريا بين تعزيز العلاقات أو الانتداب الروسي

نورث برس

 

تباينت الآراء والمواقف فيما يتعلق بالخطوة التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهي ترفيع السفير الحالي في سوريا "ألكسندر يفيموف"، ليصبح مبعوثاً شخصياً له، الأمر الذي أثار عدداً من التساؤلات حول الأهداف القريبة والبعيدة من تلك الخطوة.

 

ففي حين رأى بعض المراقبين والمحللين أن الخطوة ربما تكون لتعزيز العلاقات بين البلدين، حذر آخرون من تبعات هذا القرار والذي يجعل سوريا بالكامل في قبضة الضامن الروسي، فيما أعرب آخرون عن اعتقادهم بأن تلك الخطوة تأتي في ظل الحديث عن اتفاق روسي ـ تركي إضافة لإيران، للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.

 

وفي هذا السياق، كان مجلس الشؤون الدولية الروسي، مطلع أيار/ مايو الماضي، وبحسب مصادر إعلامية متعددة، قد كشف عن توقعاته بتوصل روسيا وتركيا وإيران إلى توافق على الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، وإقرار وقف إطلاق النار مقابل تشكيل حكومة انتقالية تضم المعارضة وأعضاء من الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية.

 

وقال المحلل السياسي السوري فراس الصقال، والمقيم في تركيا، لـ "نورث برس"، إنه "لا يخفى على عاقل، أنّ الحكم السوري الداخلي والخارجي يُدار منذ سنوات بأمر الكرملين في روسيا، وأنّ مسميات (رئيس سوري أو حكومة)، إنّما هي دُمى غبيّة، تتثاقل وتعيق الحركة بيد مُحركها الروسي، وهذا ما جعل بوتين يضجر من حماقة عامله على دمشق بشار الأسد".

 

وأشار إلى أن "تعيين بوتين مندوبه الخاص إلى سوريا، يحمل العديد من الإشارات المهمة، التي ستنكشف في الأيام القليلة القادمة، فتسمية مبعوثه ممثلاً رئاسياً، هذا وإن كان معروفاً لدى روسيا ولكنه قليل التداول، فهذا يدل على استشعار حدث جلل متوقع يحتاج رقيباً مباشراً، علاقته مع غرفة العمليات الرئاسية، لا مع الخارجية الروسية".

 

وأضاف أن "تعيين صفة مُقربة من الرئاسة الروسيّة يدل على رغبة روسيا في توسيع دائرة سيطرتها الفعليّة على سوريا، وفي جميع المجالات، خاصّة بعد تلك المعارك الداخليّة بين الأسد ومخلوف والأخرس".

 

وأعرب "الصقال" عن اعتقاده أن "حزيران سيكون حاسماً بالنسبة للعقوبات على سوريا، عبر قانون قيصر، وتفاعل المجتمع الدولي (الخجل) معه، والاقتصاد السوري أصبح في الحضيض، فقرار روسيا بتعين موظفها الجديد سيكون بمثابة (الجوكر) في حال الإطاحة بالأسد".

 

تركيا ليست راضية

 

وفيما يتعلق بموقف تركيا من تلك الخطوات والتحركات الروسية في سوريا، قال "الصقال" إن "تركيا ليست راضية عن التدخلات الروسيّة في سوريا، ولكنها تسعى جاهدة لإيجاد حالة من التوازن في المنطقة، فهي تتفاوض مع روسيا من جهة، وتضغط عليها دبلوماسياً من جهة أخرى".

 

وبحسب ما يرى المحلل السياسي، فإنّ إرسال الممثل الرئاسي الروسي الخاص مؤخراً إلى دمشق "سيزيد مخاوف وشكوك تركيا من النوايا الروسيّة، مما سيدفع أنقرة إلى تغيير استراتيجيتها مع موسكو في الأيام الآتية".

 

وكانت وكالة "تاس" الروسية ذكرت في 5 أيار/مايو الماضي، أن "روسيا تظن أن الأسد ليس فقط لم يعد قادراً على قيادة البلاد، بل إن رئيس النظام السوري يجرُّ موسكو نحو السيناريو الأفغاني، وهو احتمال مقلق جداً بالنسبة لروسيا".

 

وأشارت إلى أن موسكو تعمل على مجموعة من السيناريوهات بما في ذلك سيناريو يرى أن "تقبل القوات الموجودة في سوريا بنطاق نفوذ بعضها البعض".

 

انتداب روسي

 

من جهته قال المحلل السياسي التركي مهند حافظ أوغلو، لـ"نورث برس"، إن "تعين ممثل خاص لبوتين في سوريا يمثل سحب الاعتراف الروسي بالأسد كرئيس لسوريا أولاً، وثانياً ما قامت به روسيا على مدى حوالي عشرة سنوات في سوريا لا يمكن إلا أن تضع لها عيناً على سوريا للحضور السياسي الاقتصادي في سوريا ضمن تقاسم الكعكة".

 

وأضاف، أن "تركيا تؤكد على الدوام أن سوريا يجب أن تبقى دولة واحدة غير متجزأة، وأن السوريين هم من يجب أن يحكمها، ولا تعترف تركيا بأي مندوب أو وصي على الشعب السوري، وهي ترى أن سوريا دولة لها حدودها وسيادتها وما ناكفت الأسد ووقفت مع الشعب السوري إلا لإيمانها بأن سوريا دولة حرة ويجب أن تبقى حرة، سيما أنها دولة جوار لتركيا".

 

وتابع "حافظ أوغلو"، أنه "فيما يخص العلاقات التركية الروسية، يجب التأكيد على أن تركيا لن تسمح لروسيا بتحويل سوريا إلى دويلات، كما لم تسمح في السابق بأي محاولةٍ لذلك في تركيا".

 

العلاقات التركية ـ السورية

 

وفيما يتعلق بالعلاقات التركية مع الحكومة السورية أوضح "حافظ أوغلو"، أن تلك العلاقات "سوف تبقى مجمدة مع النظام السوري إلى حين الوصول إلى صيغة سياسية دولية، ولا تقبل تركيا بأي شكل من الأشكال أن يكون هناك علاقات سياسية، وإن كانت هناك علاقات أمنية فلأن هذه العلاقات لا تنقطع في أي حال من الأحوال".

 

ويرى مراقبون، أن روسيا تعمل على أن تكون هي المتحكمة بالملف السوري من مختلف النواحي سواء أكانت عسكرية أم اقتصادية، وهذا ما يبدو واضحاً من خلال الرسائل التي تريد إرسالها لكل الأطراف بأن لها الحصة الأكبر في الاقتصاد السوري وأن أي تطورات بهذا الملف يجب أن تكون على دراية بها، ومن جهة أخرى تعمل على ضبط الجانب التركي ومنعه من تجاوز حدوده في الداخل السوري، وهذا يظهر على أرض الواقع من خلال الدوريات الروسية ـ التركية المشتركة على أكثر من محور شمالي وشرقي سوريا.