حلب – نورث برس
يعجز فراس قاظان (55 عاماً) وهو من سكان حي الشيخ أبو بكر في حلب، شمالي سوريا، عن تلبية كافة الاحتياجات الأساسية لأفراد أسرته بدخلٍ شهريّ لا يكادُ يكفي لأيام.
ويعد “قاظان”، واحداً من بين آلاف الأشخاص في حلب الذين غلبت مظاهر البؤس على أفراد عائلاتها خلال شهر رمضان والشّهور السّابقة.
ويسكن الرجل الخمسيني في قبو بناء سكني مكون من غرفتين صغيرتين لا تدخلهما شمسٌ ولا ينعشهما هواءٌ، بأثاثٍ “بسيط ومتواضع جداً”.
ويعمل الرّجلُ في محل لبيع الكعك والصمون وبدوام يصل لثماني ساعات يومياً، مقابل أجرٍ شهري لا يتجاوز المائتي ألف ليرة في الشهر، لا يواكب واقعاً يحتاج مليوناً ونصف المليون كمصروف كي يتأقلم معه.
الغلاء المُستشري ورثّة حال الرجل الخمسينيّ دفعه وزوجته، إلى اتخاذ نظام التقنين في المأكل والمشرب، “نطبخُ المجدرة والبرغل على مائدة الإفطار مع بعض المخللات من صنع زوجتي وأحياناً نقضيها على النّواشف”.

وفي حلب، يقول سكان إن أوضاعهم المعيشية باتت تحت “خط الفقر”، حيث يعجزون عن تأمين أبسط احتياجاتهم وباتوا يستغنون عن مواد غذائية أساسية.
وأدى ارتفاع الأسعار في سوريا عامةً وحلب خاصةً إلى حرمان الآلاف من السوريين من طقوس رمضان ونغَّصَ الفقر والعجز صيامهم.
وفي الخامس من هذا الشهر، أعلن برنامج الأغذية العالمي، في تقريره السنوي لعام 2021، أن ثلاثة من كل خمسة سوريين يعانون من “انعدام الأمن الغذائي”، بعد الارتفاع المستمر لأسعار المواد الغذائية وتدهور الاقتصاد في جميع أنحاء سوريا.
وذكر “الأغذية العالمي” في تقريره، أن عدد الأشخاص الذين حصلوا على الغذاء في سوريا سجل تراجعاً عما هو في السنوات العشر الأخيرة.
وبعد العمل لعشرات السّنوات في سلك التّعليم لدى الحكومة السورية، يجدُ مازن أبو الكيف (60 عاماً)، من سكان حي مريديان في حلب، صعوبةً بالغة في التّأقلم مع الواقع المعيشيّ الحاليّ.
ويحمّلُ المعلمُ المتقاعد، المسؤولين في الحكومة تدهور أحول الآلاف من العائلات وفقرهم في حلب.
ويقول: “المسؤولون وحدهم من يشعرون بالاكتفاء والتخمة من خيرات هذا البلد، أما المواطنون فقد أهلكهم الغلاء ولم يشفع لهم صمودهم في وجه الحرب، فكان الذلّ جزاء الصمود والصبر”.
ويبلغ المعاش التقاعدي للرجل الستيني، 70 ألف ليرة سورية شهرياً، “ولكنه لا يتوافق مع الأسعار في الأسواق، فالخضار أسعارها ملتهبة واللحوم والفواكه أصبحت من الماضي ونحن في صيام وصمود”.

وأمام تفاقم الوضع المعيشي لعائلتها، تلجأُ رغد يخني (40 عاماً) من سكان حي محطة بغداد، إلى إعداد أنواعٍ من الأطعمة بعيدةٍ عن اللحوم نتيجة ارتفاع الأسعار.
تقول السيدة الأربعينية: “مائدة الإفطار لم تعد تحظى بالتنوع كما في الماضي، أنا أطبخ اليوم صنفاً واحداً من الطعام ليومين متتالين وهذه العادة لم نعتد عليها قبل هذا العام”.
وتضيف: “لا بد من البحث عن البدائل في هذه الظروف الصعبة، أقوم ولو بشيء بسيط لتهيئة أجواء رمضان ضمن أسرتي ولو كانت في الحد الأدنى من الإمكانيات”.