برغلٌ للإفطار وزعترٌ للسحور.. طعام نازحي عفرين بريف حلب في خامس رمضان

ريف حلب- نورث برس

بجانب خيمتها في مخيم سردم بريف حلب الشمالي، تُعد غفران نعسان (38 عاماً) وهي نازحة من منطقة عفرين وجبة الإفطار وهي عبارة عن برغل وسلطة وهو ما لم تعتد عليه ما قبل نزوحها، حيث كانت سفرتها الرمضانية تضم عدة أطباق من الطعام.

وللعام الخامس على التوالي، تجبر ظروف النزوح وضيق الأحوال المعيشية وارتفاع الأسعار، نازحي عفرين لإلغاء طقوس رمضانية اعتادوا عليها قبل نزوحهم، من بينها الاستغناء عن الكثير من أصناف الطعام.

وهذا العام، بات معظمهم يعتمدون على البرغل والأرز والسلطة لوجبة الإفطار، وتكون وجبة السحور مما هو متوفر في خيمهم وغالباً تقتصر على الزيت والزعتر، وسط ظروف معيشية متردية وعدم توفر فرص العمل.

وبالعودة إلى مخيم سردم، تستحضر “نعسان” سنوات ما قبل نزوحها بحنين، “في أول يوم من رمضان كنا نجتمع في منزل العائلة أنا وإخوتي وأخواتي، نحضر أنواعاً من الأطباق المميزة، لكن اليوم نتناول زيت الزيتون والزعتر أثناء السحور ووجبة الإفطار تكون برغل أو أرز”.

مخيم سردم الخاص بنازحي عفرين بريف حلب الشمالي- نورث برس

وتضيف النازحة التي تنحدر من قرية معملي التابعة لناحية راجو بريف عفرين، “كنا نسهر في ليالي رمضان إلى وقت السحور، كنا سعداء لكننا في المخيمات لم نعد نشعر بطعم السعادة في هذا الشهر الفضيل”.

وتزيد على ذلك باكية، “نحزن عوضاً عن الفرح مع حلول شهر رمضان، لم نعد نرغب بحلول العيد لعدم قدرتنا على شراء ما يسعد أطفالنا في ظل هذه الظروف”.

لكن أكثر ما يؤلم السيدة الثلاثينية وهي والدة خمسة أطفال أكبرهم في الخامسة عشر من عمره، هو تشتت العائلة، حيث بات كل فرد من عائلتها في مكان، “أجلس لوحدي مع أولادي على المائدة وليس كالسابق نضحك ونمرح، بل أمضيه في البكاء”.

أسعار تفوق الإمكانيات

ويعيش قسم من نازحي عفرين منذ الهجوم التركي على منطقتهم في كانون الثاني/ يناير 2018 في منازل شبه مدمرة بريف حلب الشمالي، فيما يتوزع آخرون في خمسة مخيمات.

وكما جميع المناطق السورية الأخرى، ارتفعت أسعار الخضراوات والفواكه واللحوم والمواد الغذائية أضعافاً مع حلول شهر رمضان.

ويتراوح سعر الكيلوغرام من البندورة ما بين أربعة وخمسة آلاف ليرة سورية، بعدما كان يباع بـ2800 ليرة، في حين ارتفع كيلوغرام البطاطا من 1800 إلى 2700 ليرة.

وبات كيلوغرام الكوسا يباع بأربعة آلاف والخيار بـ3500، في حين ارتفع سعر الكيلوغرام من الفروج من 8700 إلى 13 ألف ليرة واللحوم الحمراء من 22 ألفاً إلى 25 ألف ليرة للكيلوغرام الواحد.

وفي ذات المخيم، تجلس لطفية حسن (46 عاماً) أمام باب خيمتها وتتحسر على ما آل إليه حالهم، وتتساءل، “تحت سقف هذه الخيم كيف سنصوم؟” حين تكون مهجراً من منزلك وأرضك، قليلاً ما تفكر في معنى الصيام”.

وتعجز السيدة الأربعينية التي تنحدر من ناحية شيخ الحديد كما جميع العائلات في المخيم عن تأمين كافة احتياجاتهم، “من في المخيم قادر على شراء كيلوغرام من اللحمة؟”.

وتعود هي الأخرى بذاكرتها إلى عفرين، “حتى في ظل الغلاء كان هناك إقبال على الشراء، لكن اليوم أرضنا محتله، فمن أين سيأتي الناس بالأموال لشراء احتياجاتهم؟”.

وجبة إفطار محيرة

وعلى خلاف ما اعتادت عليه في السابق، لم تصم “حسن” هذا العام، “لا نشعر بالسعادة رغم حلول شهر رمضان لأننا مهجرون من أرضنا، شعورنا بعدم الارتياح النفسي لا يدفعنا إلى الصيام”.

وتأمل “حسن” بالعودة إلى ديارها، “فقط أدعو الله بأن نعود إلى منازلنا.. أفكر مراراً ما الذنب الذي ارتكبناه ليصل بنا الحال إلى ما هو عليه الآن؟”.

ويعيش في مخيم سردم الواقع جنوب قرية تل سوسين بريف حلب الشمالي، نحو ثمانمئة عائلة بعدد أفراد يصل إلى 3400 شخص، بحسب إدارة المخيم.

وتجلس فاطمة صالح (57 عاماً ) برفقة جيرانها أمام خيمتها في مخيم سردم وهي في حيره من أمرها ماذا ستحضر لوجبة الإفطار؟.

الخمسينية “صالح” تواظب على صيامها مذ كانت في عمر الثانية عشر، وخلال السنوات الأربع التي قضتها في المخيم تلتزم بأداء فريضة الصيام.

وتعد على أصابعها بعض ما يفترشه الصائم على مائدة الإفطار، “التمر غالي، المشروبات غالية، وأنا في حيرة من أمري ماذا سأعد على وجبة الإفطار”.

وتضيف: “أنا وأفراد عائلتي نصوم، لكن ماذا سنأكل عند الإفطار، نعاني كثيراً وسط هذا الغلاء الفاحش”.

وتقول “صالح” التي تنحدر من قرية كفردلي التحتاني التابعة لناحية جنديرس بريف عفرين، “عانينا الكثير خلال هذه السنوات، أحافظ على صيامي.. لكن كل شيء غالي، بعض الفقراء غير قادرين على الصيام ولا يمكن لأحد أن يلومهم”.

إعداد: ناريمان حسو – تحرير: عدنان حمو