ارتفاع أسعار المحروقات في درعا يشلُّ حركة السكان والأسواق معاً

درعا – نورث برس

اضطر عزيز السلاخ (52 عاماً) وهو اسم مستعار لصاحب معمل لإنتاج الألبان والأجبان في درعا، جنوبي سوريا، لرفع أسعار مشتقات الحليب الذي ينتجه معمله، بنسبة 40 بالمئة، تماشياً مع ارتفاع سعر المازوت خلال الأيام الماضية.

ويلجأ “السلاخ” لشراء المازوت من السوق السوداء لتشغيل مولدات الكهرباء الخاصة بالمعمل.

وتشهد مناطق سيطرة الحكومة السورية، ارتفاعاً في أسعار المحروقات في السوق السوداء، تزامناً مع انخفاض قيمة الليرة السورية خلال الأيام الماضية.

وخلال الأسبوعين الماضيين، وصل سعر الليتر الواحد من مادة المازوت في السوق السوداء في درعا، إلى ما يقارب ستة آلاف ليرة، أيّ ما يعادل واحد ونصف دولار أميركي بعد أن كان يُباع بسعر 3500 ليرة.

ويشير الرجل الخمسيني إلى أن معمله يحتاج بشكل يومي لأكثر من 100 ليتر من المازوت، ناهيك عن السيارات الخاصة التي تتولى عملية توزيع الإنتاج على المحال التجارية والبالغ عددها أربع سيارات والتي هي الأخرى تحمل أربعة مبردات وتحتاج  إلى 10 ليترات من المازوت في كل جولة يومية.

ولتخفيف تكاليف شراء المازوت، يضطر صاحب المعمل إلى  تقليص عدد جولات التوزيع من سبع جولات إلى ثلاث.

ووصل سعر الكيلوغرام الواحد من الجبنة البيضاء إلى ثمانية آلاف ليرة، بعد أن كان يُباع بخمسة آلاف ليرة ما قبل ارتفاع سعر مادة المازوت.

عزوف عن الشراء

وفي محله التجاري بمدينة درعا، يقول عيسى الأسود (45 عاماً) لنورث برس وهو اسم مستعار لأحد سكان المدينة، إن زيادة أسعار الألبان والأجبان أثّرت سلباً على الحركة التّجارية ولم تُعد من المواد الرئيسة، ما دفع بسكان للعزوف عن شرائها.

ويشير إلى أن ارتفاع سعر المازوت لم يتسبب برفع سعر الألبان والأجبان فقط، بل ساهم  بشكل كبير في ارتفاع أسعار كافة المواد الغذائية والخضراوات.

وخلال الأيام القليلة الماضية، تجاوز سعر كيلوغرام البندورة حاجز الـ 3500 ليرة، والخيار 3700 ليرة. 

وأمام هذا الحال، يقف منصور بديوي (36 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة درعا، مكتوف اليدين حائراً من الحال الذي وصلت إليه البلاد، فأصبحت أمنيته شراء بعض من الفواكه أو حملِ أكياسٍ تحوي بعضاً من الحلوى كما السابق.

يتساءل الرجل الثلاثيني: “كيف لي أن أتدبر مصروفي بأجرٍ  يوميّ يبلغ 15000 ليرة أجنيه من عملي في محل لبيع الأواني المنزلية؟”.

ويضيف: “ارتفاع الأسعار أدى إلى حرماننا من أشياء كثيرة كنا نعُدها من الأساسيات في كل منزل، لكنّها اليوم تُحسب من الكماليات وأصبحنا ممن تحق عليهم الحسنة من قبل الجيران”، على حد وصفه.

أجور مضاعفة

وفي هذه الأثناء، يحاول سكان البحث عن فرصة عمل أفضل، تقيهم لهيب الأسعار المرتفعة، لكن ذلك يبدو صعباً في ظل الركود الاقتصادي، وهو ما يمنع أصحاب المحال التجارية من زيادة أجور العمال مع ما يتناسب مع الارتفاع الجنوني للأسعار.

ولا يتمكن البعض من إيجاد فرصة عمل في ظل صعوبة التنقل بين مدن وقرى المحافظة، بسبب تخوفهم من الاعتقال أو سوقهم للخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية.

وعلى خلفية ارتفاع سعر المازوت، اضطر أصحاب وسائل النقل العامة لرفع تعرفة الركوب، وخاصة أنهم يلجؤون لتأمين المادة من الأسواق في ظل قلة مخصصاتهم من المازوت.

يقول مازن السعود (38 عاماً) وهو اسم مستعار لصاحب حافلة مخصصة لنقل الركاب من بلدة نوى شمالي درعا إلى مدينة درعا، إنَّ المخصصات التي يتقاضونها من مادة المازوت المدعوم غير كافية، “أستلم 20 ليتراً يومياً لمسافة 70 كم التي تقطعها الحافلة في كل يوم”.

ويشتري السائق ليتر المازوت بستة آلاف ليرة من السوق السوداء، وهو ما دفعه مؤخراً لرفع التعرفة للراكب الواحد من ألفي ليرة سورية إلى أربعة آلاف ليرة.

وعلى الرغم من ذلك، يتغاضى السكان في كثير من الأحيان عن تقديم الشكاوى بحق السائقين لمعرفتهم الجيدة بأسعار المحروقات، كي لا تصادر الحافلات من أصحابها، مما يدفعهم لدفع أجور مضاعفة لركوب سيارات الأجرة الخاصة، بحسب سكان التقت بهم نورث برس.

إعداد: مؤيد الأشقر- تحرير: سلمان الحربيّ