في مواسمها.. مطاعم دمشقية على وشك الإغلاق والإفلاس
دمشق- نورث برس
تواجه مطاعم ومقاهي في دمشق خطر الإغلاق وأخرى في طريقها إلى الإفلاس، بسبب عدم تحقيق أي إيرادات وسط استمرار دفع المصاريف.
وغيبت الأحداث التي تعيشها سوريا ومنعكساتها وضيق الأحوال المعيشية وارتفاع الأسعار، عادات وطقوساً كان السكان في دمشق يمارسونها خلال شهر رمضان، ومنها السهرات الرمضانية في المطاعم والمقاهي الشعبية.
وهذا العام، تراجعت عائدات وأرباح وديع مصطفى (46 عاماً) وهو اسم مستعار لصاحب مطعم شهير للمأكولات الشعبية واقع على طريق الربوة غرب دمشق، إلى النصف بسبب انخفاض عدد الزبائن، ما دفعه لتقليص ساعات العمل في مطعمه.
ويستحضر “مصطفى” ماضيه بحنين، “فيما مضى كانت السهرات الرمضانية، التي تقام في المطاعم بعد الإفطار، إحدى الطقوس الدائمة والمحببة للعائلات، حيث كانت تتناول كل ما لذ وطاب، اليوم باتت مجرد ذكرى”.
ويرجع صاحب المطعم أسباب ارتفاع الأسعار، إلى عقوبات القيصر التي أعقبتها الأزمة الاقتصادية وتفشي فيروس كورونا واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وضعف الرقابة التموينية، “كلها مجتمعة وجهت ضربة قاتلة لحركة المطاعم”.
ويشير إلى أن هناك ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الغذائية، “بحجة الحرب رغم أن معظمها لا تستورد من أوكرانيا، وهي متوفرة بشكل طبيعي في الأسواق والمخازن”.
ويزيد على ذلك، “نحن رهينة احتكار مسؤولين فاسدين وتجار الأزمات”.
ارتفاع الأسعار
وتشهد سوريا عادةً ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية في شهر رمضان بنسب طفيفة، إلا أن الزيادة هذا العام كانت بنسب تراوحت بين 25 إلى 35%، لبعض المواد، فيماارتفع سعر الزيت النباتي والطحين والبقوليات والبرغل بنسبة مئة في المئة خلال الأيام القليلة الماضية.
وفي السابع والعشرين من الشهر الماضي، قال رئيس شعبة المطاعم في غرفة سياحة دمشق ماهر الخطيب، إن أغلب المنشآت ستغلق خلال شهر رمضان بسبب الارتفاع الخيالي بسعر الغاز الصناعي والمازوت، وارتفاع سعر تنكة الزيت والمواد الغذائية الأخرى بسبب الأزمة الأوكرانية.
وأشار “الخطيب” إلى أن “إقبال السكان على المطاعم انخفض بشكل كبير بسبب الغلاء، حتى المقاهي تشهد تضرراً ولكن أقل من المطاعم”.
وبحسب “الخطيب”، فإن للمنشآت السياحية وحتى التابعة للحرفيين مستحقات شهرية من المازوت، وهذه المستحقات منذ ثلاثة أشهر انخفضت إلى 50%، ومنذ حوالي الشهرين الكمية التي خفضت إلى 50% أيضاً تم تخفيضها بنسبة 50%.
“بمعنى من كانت مستحقاته ألف ليتر مازوت، انخفضت إلى 250 ليتراً، وفي الشهر الماضي، لم نستلم المخصصات نهائياً”، وفق قول رئيس شعبة المطاعم.
وأضاف أن حال أسطوانات الغاز الصناعية مماثل للمازوت، فإذا كان يحق لصاحب المنشأة خمس أسطوانات غاز يومياً، أصبحت اثنتان فقط، وهناك منشآت لا تستلم مستحقاتها ويلجؤون للسوق السوداء.
وذكر “الخطيب” أن “محافظ دمشق قال إنه يحق لنا كجمعية 1600 أسطوانة شهرياً، ولكن المحافظة تحصل على 400 جرة، ووعد بتقديم طلب لشركة سادكوب من أجل زيادة نسبة الغاز والمحروقات، ولكن حتى الآن لم ينفذ شيء”.
“طاولات شاغرة”
ويشعر ناظم يوسف (50 عاماً)، وهو اسم مستعار لصاحب مطعم قديم على طريق الربوة، بالحزن وهو يرى الطاولات شاغرة والقاعات فارغة في هذا الموسم الرمضاني، عكس ما اعتاد عليه خلال السنوات الفائتة.
و”يوسف” ليس المتضرر الوحيد، فلقد أضحى معظم أصحاب المطاعم ومحلات الأكل يعيشون هذا الوضع الكارثي، بعد أن طالت الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها سوريا، الجميع بقسوة غير مسبوقة منذ عقود، دون أن تستطيع الحكومة تجنب الأسوأ أو ما هو قادم.
يقول صاحب المطعم المخصص لإنتاج البيتزا والمعجنات وأنواع مختلفة من الحلويات، إن ارتفاع الزيوت والأجبان والدجاج بشكل مفاجئ، أرهق ميزانية المستهلكين، مما زاد حالة الركود في الأسواق والمطاعم وأربك عملية الإنتاج وخفض المبيعات والأرباح.

وعلى أثر الارتفاعات، يتهم “يوسف” المستوردين بـ”احتكار سلع غذائية أساسية والامتناع عن بيعها طمعاً في مزيد من ارتفاع أسعارها مع حلول شهر رمضان”.
وقبل أربع سنوات، كان “مطعمي منافساً لسلسلة طويلة من مطاعم الربوة، ولكن اليوم على أبواب الإغلاق بعد خسارة الملايين من الليرات السورية”، يضيف “يوسف”.
وقبل شهرين قام “يوسف” الذي يفتقد مطعمه في هذه السنة الزحمة والضجة، بتسريح عدد من عماله القدامى، “فنحن على وشك الإفلاس”.
ويستحضر “يوسف” مشاهد من ذاكرة كل دمشقي، “قبل الأزمة السورية، كانت مطاعمنا مكاناً للمة العيلة التي تأتي مع جميع أفرادها ويقضون وقتاً رائعا على ضفاف نهر بردى”.
ويضيف: “من المؤسف أن مثل هذه الطقوس لم تعد موجودة”.