حلب.. أسعار المحروقات في الكازيات والسّوق السّوداء موحدة وسكان يتساءلون عن الرّقابة
حلب – نورث برس
يشتري عبد الجواد القجة (45 عاماً)، وهو صاحب ورشة للألبسة من حي الحمدانية في حلب، البنزين والمازوت من الكازيات التي تخضع لرقابة الحكومة السّورية، بأسعار السّوق السّوداء نفسها.
ويقول الرّجل لنورث برس، إنهم كانوا سابقاً يشترون البنزين والمازوت من السّوق السّوداء، من بعض أحياء حلب الشّرقية.
ويضيف: “حرصنا على إخفاء هذه المواد داخل المحال أو في المنازل خشية الرّقابة التّموينية”.
ولكن بعد الصّراع الرّوسي- الأوكراني، بإمكان أي شخص تعبئة الكمية التي يريدها من المازوت والبنزين بسعر السّوق السّوداء، “في وضح النهار وأمام النّاس”، كما يفيد “القجة”.
وفي الرابع والعشرين من شباط/ فبراير2022، بدأت روسيا الهجوم على أوكرانيا، بذريعة “محاربة الانفصاليين”، وبعد ساعات فقط من الهجوم ارتفعت أسعار المحروقات والأعلاف والخضروات في سوريا، وذلك بذريعة أنّ أوكرانيا كانت مصدراً لهذه المواد، حسب تقارير لنورث برس.
ويبلغ سعر ليتر البنزين في الكازيات 5500 ليرة سورية، والمازوت4 آلاف ليرة، حسب عاملي كازيات.

ويعتبر الرّجل أنّ تجارة المحروقات، لم تعد حكراً على أصحاب البسطات الصّغيرة الذين يبيعون مخصصاتهم من البطاقة الذّكية في السّوق السّوداء، بل انتقلت للكازيات.
وتخضع الكازيات لرقابة حكومية سواء من التّموين أو شركة المحروقات والشّرطة ولجان المدينة، “كل هذه الجهات تراقب عمل محطات الوقود، والكميات الدّاخلة والخارجة إما مشتركة بالتّجارة أو تتغاضى عنها لأسباب نجهلها”، حسب “القجة”.
وفي وقت سابق دعا عضو المكتب التّنفيذي في حلب والمسؤول عن قطاع التّموين عماد غضبان، السّكان إلى الإبلاغ بالاسم والتّاريخ وبالتّفصيل عن المحطات المخالفة، حسب وكالات.
سيارات مدعومة بلا وقود
ومن جانبه يقول زياد أوبري (38 عاماً) وهو من سكان حي حلب الجّديدة، ومالك محل لبيع الموبايلات، إنّ السّيارات التي ما تزال ضمن برنامج الدّعم لا تصلها رسالة إمكانية التّعبئة إلا كل 10أو 15 يوماً.
ويلفت الرّجل النّظر إلى أنّ هذه المدة تزداد مؤخراً.
وضمن الدّعم يصل سعر ليتر البنزين الحكومي إلى 1100 ليرة وكل تعبئة 25 ليتراً، وخلال الشّهر يحصل السّكان على 50 ليتر، عندما تتاح لهم إمكانية التّعبئة مرتين بأفضل الأحوال، حسب “أوبري”.
وخصصت الحكومة 3 كازيات في حلب لبيع البنزين غير المدعوم بـ 2500 ليرة سورية، إلا أنّ هذه الكازيات مغلقة طوال الوقت ولا تفتح إلا لساعات محدودة وتكون مزدحمة في تلك الأثناء، كما يقول الرّجل.
وعلى هذا الحال، يضيف أنه “لم يعد بإمكان أصحاب السّيارات التي ما تزال ضمن برنامج الدّعم أو خارجه إلا شراء ليتر البنزين بـ 5500 ليرة”.
ويعتقد الرّجل أنّ الحكومة تدفع بهم للشراء بهذه الأسعار “عن عمد”.
توفر المحروقات في الكازيات
وبدوره يقول محمد العاصي (52 عاماً) وهو موظف متقاعد من حي ميسلون في حلب، إنّه اشترى بالأمس 50 ليتر مازوت من إحدى الكازيات في حلب، بسعر 4200 ليرة لليتر.
وبعد أنّ أخبره عامل الكازية أنّ بإمكانه الحصول على الكمية التي يريدها، يوجه الرّجل سؤاله للحكومة “أين مخصصاتنا المدعومة؟”.
ومن المفترض أن تحصل كل أسرة على 100 ليتر في هذا العام، بسعر 650 ليرة لليتر الواحد، لكن معظم العائلات لم تحصل سوى على 50 ليتراً، والبعض لم تحصل على أي شيء، حسب “العاصي”.
ويعتبر الرّجل أنّ الحرب في أوكرانيا كانت ذريعة للحكومة لتقليل كميات المحروقات بالأسعار الحكومية المعتمدة، بحجة الأزمة العالمية وصعوبة تأمين النّفط.
وتعاني المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السّورية من ارتفاع الأسعار وصعوبة تأمين مادة الوقود، حسبما نشرته نورث برس في مطلع العام الحالي.
ومجدداً يتساءل الرّجل عن مصدر المحروقات الكبيرة التي تباع في معظم الكازيات وعن الرّقابة التّموينية التي تكتفي بملاحقة أصحاب البسطات بسبب بيع مستحقاتهم، وتغض الطّرف عن الكازيات.

وفي 2021، نشر المرصد السّوري لحقوق الانسان، نقلاً عن مصادره، أنّ “حزب الله” يهرب المحروقات من لبنان إلى سوريا بأسعار تصل إلى ألفي ليرة سورية لليتر المازوت و2500 لليتر البنزين.
ويستشهد بجملة “على عينك يا تاجر” ليوضح ما بعدها بأن عمليات البيع هذه يديرها أصحاب سلطة ونافذون، لا تطبق القوانين عليهم، بل على “البسطاء فقط” على حد تعبيره.