ذكريات من طين.. منازل عمرها مئة عام في الرّقة يحاول مالكوها ترميمها

الرَّقة – نورث برس

يعتز أحمد الشّلهوم (40 عاماً) وهو أحد سكان شارع المعتز في الرَّقة، بالذّكريات المحفورة على جدران منزله الطّيني المُهدم، لدرجةٍ يرفض فيها إعطائه لأحد المُتعهدين لهدمه وبناء طوابقَ مكانه.

ويقول لنورث برس، إنه لا يستطيع ترميم منزله ذو المئة عام، “تصدعت جدرانه وانهار معظمها، حاله كالمنازل الطّينية الموجودة ضمن أحياء الرَّقة القديمة كحارة البكري والعجيلي وشارع المنصور ومحيط مبنى المتّحف”.

وتجد المنزل الهرِم محاطاً بعدد من الطّوابق العالية، “بعض مالكي منازل الرّقة الطّينية هدموها، ليبنوا منازل حديثة، وآخرون بقوا في منازلهم دون ترميم بسبب الوضع الاقتصادي المتردي”، حسب “الشّلهوم”.

ويشير الرّجل إلى أنه تدريجياً اختفت المنازل الطّينية في الرقة، والتي بني معظمها في بداية القرن العشرين ونهاية القرن التاسع عشر، بسبب عجر مالكيها مادياً عن التّرميم.

ولا توجد إحصائية مُوثقة عن عدد المنازل الطّينية التي تبقت في الرّقة أو مساحاتها، ولكن مُعظمها متواجد ضمن أحياء المدينة الرّئيسية.

ويحتاج إعداد “لَبِنات البناء” إلى مواد رخيصة من البيئة المحلية كالتَّراب والقش المُتبقي بعد حصاد محاصيل القمح والشَّعير، إلى جانب مصاريف لتأمين المياه والأيدي العاملة، ودرجاتُ الحرارة ينبغي أنّ تكون مُرتفعة، حسب تقرير لنورث برس.

ومنذ مطلع العام الجاري، يرمم محمد الحمود ( 50عاماً) من سكان الرقة، منزله الطّيني في حي العجيلي بالمدينة القديمة مُستعيناً بإحدى المنظمات المحلية التي تكفلت بالعمل.

كما وتُعيد منظمة محلية ترميم مضافات بعض الأسر في المدينة، باعتبارها كانت موقعاً لتجمع الزّوار وحل الخلافات العشائرية، حسب سكان.

وبنى المنزل جد “الحمود” منذ مئة عام، “ظهرت الصّدوع على الجدران بفعل عوامل الزّمن، ولكن ترميمه يعني الحفاظ على تراث المدينة التي خسرت الكثير خلال سنوات الحرب العشرة”.

وخلال السّنوات الثلاثة الماضية رممت لجنة الثّقافة والآثار في مجلس الرّقة المدني، أجزاء من سور الرّقة الأثري وباب بغداد، اللذان يعودان للفترة العباسية، إضافة لموقع بيت البعثة الألمانية في تل البيعة على أطراف المدينة الشّمالية الشّرقية، حسب تقارير صحفية.

ويدعو الرّجل، مالكي المنازل الطّينية لتجنب هدمها والبحث عن حلول وطرق لإعادة ترميمها، إذ يعتبر منزله  “قصراً” لمن يُقدر قيمته، لذا رفض جميع العروض لشرائه كي لا يهدم.

ويعتبر سكان أنّ المنازل الطّينية أكثر راحة من المباني السّكنية الإسمنتية، كونها باردة صيفاً وحارة شتاءً، إضافة لأنها أقل تكلفة.

وفي بداية العام الجاري، وصل سعر الطّن الواحد من الحديد المستعمل في الرّقة إلى 700 دولار أميركي، والجديد 870 دولاراً، بينما الإسمنت التّركي والعراقي بلغ 95 دولار للطن الواحد، ومتر الرمل 13 ألف ليرة سورية.

وبالنسبة لمتر النّحاتة الواحد تراوحت قيمته بين 16 و28  ألف ليرة سورية، وسعر متر البحص بين 10  و14  ألف ليرة بحسب أنواعه، بينما البلوك تراوح بين الـ400 و 650 ليرة للقطعة الواحدة، حسب وكالات.

ومن جانبها تقول نسيبة مصطفى، رئيسة مكتب الآثار في الرّقة، إنّ المُنظمة المذكورة “تراث من أجل الإنسانية” تنسق مع لجنة الثّقافة والآثار في مجلس الرّقة المدني.

وتضيف: “الهدف هو العمل على ترميم المضافات، التي تعد من تراث المدينة، بينما لا مشاريع حالية لإعادة ترميم المنازل المُدمرة”.

وفي 2019 نشر “معهد الأمم المتحدة للبحث والتّدريب” وجود 12 ألف و781 مبنى مُتضرر في الرّقة، منها 3326 مبنى مدمر كلياً و3962 لحق بها الدّمار بشكل كبير، و5493 لحق بها الدّمار جزئياً، في الرّقة، بعد خروج”داعش” منها، حسب وكالات.

وتضررت المنازل بشكل كبير خلال السّنوات الماضية، “ولا تعد مسألة ترميمها ضمن أولويات العمل في لجنة الثّقافة، لأن هناك مواقع أثرية أكثر أهمية بحاجة لذلك”، حسبما تقوله نسيبة.

إعداد: عمار عبد اللطيف . تحرير: آيْلا ريّان