مهارة إعداد الحلويات تتحول لمصدرِ رزقٍ لمعيلات في إدلب
إدلب – نورث برس
تعجن صبيحة الكامل ( 32عاماً) وهي إحدى سكان سرمدا التي تنحدر من سراقب في إدلب، الطّحين بيديها بسعادة، إذ لم تتوقع أنّ مهارتها بإعداد الحلويات ستكون مصدر رزقٍ لها بعد وفاة زوجها.
وتقول لنورث برس: “وقفت حائرة، لم يكن لدي شهادة علمية ولا أتقن أي صنعة”.
وفي 2019 توفي زوج صبيحة إثر إصابته بسرطان الدّم بعد معاناة دامت ست أشهر، وتركها مع خمسة أطفال أصغرهم بعمر الثّلاث سنوات، حسب صبيحة.
وفي شهر حزيران/ يونيو 2020، بدأت الأرملة بالعمل على صناعة الحلويات التي تعلمتها من والدتها بإمكانات بسيطة تتماشى مع ظروفها المادية المتردية، “في بادئ الأمر كنت أبيع ما أنتجه لجاراتي وصديقاتي”.
ومع الوقت طورت مهاراتها عن طريق اليوتيوب، “أعد الغريبة والبرازق والبقلاوة والعوامة وغيرها، وأبيع الكيلو غرام بـ 30 ليرة تركية” حسبما تقول.
وعندما شعرت أنها بحاجة لتطوير العمل، بدأت بشراء الأدوات الخاصة كالصواني وقوالب خاصة للمعمول، إضافة لعلب التّغليف لصناعة كميات أكبر، و”تفرغت بشكل تام للعمل” على حد تعبيرها.
وتستهلك الأرملة في عملها حوالي 10 إلى20 كيلو غرام طحين لكل صنف تعده في اليوم، وتغطي بعملها كافة نفقات المواد الدّاخلة، حسب قولها.

نجاة من الفقر
وتشرح صبيحة أنها تتقن صناعه المعمول “بشكل جيد” على حد وصفها، إذ تضع الطّحين وتخلطه بنصف مقداره من السّمن، “الحشوة بالتّمر بـ 30 ليرة تركية والجّوز 60 ليرة تركية والفستق الحلبي 80 ليرة تركية”.
وتشير إلى أنها ترسل ابنها الأكبر (14عاماً) لتوزيعها على المحال والبقاليات، إضافة للطلبات التي تتلقاها.
وتقول: “حياتنا تحسنت، أنا الآن راضية عما وصلت إليه، ونحن قادرون على تلبية حاجياتنا دون مساعدة أحد إذ نجني في اليوم من 50 إلى 100 ليرة تركية حسب الإنتاج”.
وتعتبر المرشدة الاجتماعية إلهام سماق (38 عاماً) من مدينة سراقب، أنّ نساء إدلب وضعن أمام تحديات كبيرة، وخاصة أنّ كثيرات منهن فقدن المعيل أو تعرض لإصابة.
وتصف المرشدة ذلك بـ “الواقع المرير”، الذي أبت المرأة أن تقف مكتوفة اليدين أمامه، لذا “العمل منفذها للعيش والهروب من الفقر”.
وتشير “سماق” إلى أنّ الكثير من العاملات والموظفات “لا وقت لديهن لإعداد الحلويات في المنزل، لذا يشترونها جاهزة وهذا ما وفر مصدر رزق لمعيلات أخريات”.
هذا وتؤمن الطّالبة الجامعية روان العبود ( 22عاماً) من سكان إدلب، مصاريفها الدّراسية، إضافة لمساعدة والدها المصاب بمرض الدّيسك، والذي لم يعد يستطيع العمل بسبب تقدمه في السّن.
وتتشارك الشّابة عمل إعداد الحلويات مع والدتها وأخواتها الثلاث الأصغر منها منذ عام، وتشبه الأمر بـ”الفريق المُتكامل”، فهي تتولى إعداد العجين، وتضع والدتها الحلويات أو المعجنات في فرن الغاز.
وتقول “الحياة صعبة، وتحتاج لتكافل جميع أفراد الأسرة، لذا نحن بحاجة لأن نكون قويات ونعمل لكي لا نحتاج أحد”.
تذليل الصّعوبات
ويشتري والدّ الشّابة لهن مُتطلبات العمل، ويوصل الطّلبيات إلى أصحابها، “نتلقى طلبيات كافة المناسبات كأعياد الميلاد من قوالب حلوى ومعمول وفطائر وغيرها عبر الهاتف”.
وتشير إلى أنّ التّشجيع الذي تلقته ممن حولها عزز ثقتها بنفسها، فعملها بحاجة لـ “الصّبر والنّظافة”.
والآن تذلل روان الصّعوبات، عبر “تنظيم وقتها” حسب تعبيرها، إذ تعمل بعد دوامها الجّامعي وتدرس في فترة المساء.
وتلفت الجامعية النّظر إلى أنّ الطّلب على الحلويات يتزايد في شهر رمضان والأعياد، “نبيع الكيلو غرام الواحد من المعمول بـ 25 ليرة تركية، وقوالب الحلوى تتراوح بين 25 و 50 ليرة تركية”.
وبالنسبة للأسعار فهي متعلقة بارتفاع وانخفاض سعر السّكر والطّحين وتكلفة الغاز، “لهذا السّبب الحلويات لم تعد متوفرة للجميع”.
ويبلغ سعر الكيلو غرام الواحد من السّكر 15 ليرة تركية، ليتر الزّيت 35 ليرة تركية، وأما أسطوانة الغاز فوصلت إلى 190 ليرة تركية، حسب سكان محليين.
وترى الشّابة أنّ الإقبال على الشّراء “جيد”، إذ يبلغ عدد زبائنهم حوالي 100أسرة، وهم “يتزايدون باستمرار”.
وأكثر الأصناف مبيعاً بحسب روان هي قوالب الحلوى، “نبيع من 2 إلى 3 قوالب يومياً”.
وتجني الأسرة من عملها بين 150 و 200 دولار أميركي، إضافة لما يرسله ابنهم العامل في تركيا (26 عاماً)، الأمر الذي يلبي احتياجاتهم، حسب قولها.

وتخطط روان لافتتاح ورشة بفريق من الأرامل وأمهات الأيتام، اللواتي يحتجن لعمل ليتمكن من “تأمين دخل ثابت”.
وتشتري سلام الحسين (41 عاماً)، الحلويات من جارتها روان، “المنتجات المعدة في المنزل أكثر جودة ونظافة وبسعر أرخص من التي تعرض في الأسواق”، على حد قولها.
وتشجع السّيدة النّساء على العمل والإنتاج “ظروف الحرب التي تمر بها السّوريات قاسية ولكنها تقويهن، والعمل سبيلهن لتحدي الصّعوبات”.