الحوالات المالية في درعا مصدر يدعم معيشة السّكان

درعا – نورث برس

يستلم عارف عياش (55 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان درعا جنوبي سوريا، شهرياً حوالة مالية بمقدار 200 دولار أميركي، من ابنه الذي أرسله إلى ألمانيا قبل ثلاث سنوات بعد أنّ باع أرضه بـ 15 ألف دولار أميركي.

ويقول الرّجل لنورث برس، إنه “ضرب عصفورين بحجر واحد”، حين خلّص ابنه (23 عاماً) من الخدمة الإلزامية، وأرسله ليعمل في مكان أفضل بكثير، ولا سيما مع تدني أجور العاملين.

ولم يبقَ لـ”عياش” عملٌ بعد بيع أرضه، فلا مال كافٍ لديه لافتتاح مشروع، “اعتمد على ما يرسله ابني الذي يعمل بتوزيع المواد الغذائية في ألمانيا لدى إحدى الشّركات”.

ويشير الرّجل إلى أنّ المبلغ الذي يحصل عليه عبر حوالة مالية يرسلها له ابنه يعادل 750 ألف ليرة سورية، “هذا أفضل بكثير من المال الذي نحصل عليه هنا بافتتاح مشاريع فردية”.

ولم يبقَ في منزل “عياش” سوى ابنه (14 عاماً) وابنته ( 16عاماً) والمبلغ الذي يُرسل إليه كافٍ بالنسبة له، حسب قوله.

وسبق أن أشارت الباحثة الاقتصادية، رشا سيروب، لوكالات إعلامية، أنّ الحوالات الخارجية هي “طوق النجاة” للسكان في سوريا.

وفي ظل الغلاء السّائد، تصل تكلفة معيشة الفرد إلى أكثر من 208 آلاف ليرة شهرياً تقريباً، في حين أن متوسط الراتب الشهري لموظفي الحكومة بعد الزيادات الأخيرة يصل لـ100 ألف ليرة، حسب موظفين بدرعا.

خسائر  أقل

ويرى أسامة العابد (50 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد العاملين في مجال الصّرافة والحوالات المالية، أنّ الحوالات تحولت لمصدر “يعتمد عليه معظم السّكان”.

ويُسلم الخمسيني يومياً أكثر من50  حوالة مالية، تتراوح بين الـ 100 ألف والمليون ليرة سورية، وهو واحد من بين أكثر من 20 شخصاً يعملون في السّوق السّوداء في المدينة فقط. 

وأكثر من 80 بالمئة من المحولين موجودون في البلاد الأوروبية، ويرسلون الحوالات بشكل شهري دون انقطاع، حسب الصّراف.

وعن السّبب حول تفضيل التّحويل عن طريق مكاتب السّوق السّوداء يقول: “يتفادون بذلك الخسارة، فالمكاتب النّظامية تتعامل مع البنك المركزي التّابع للحكومة السّورية”.

ويضيف: “يحتسب الدّولار  الواحد في السّوق السّوداء بـ 3800 ليرة سورية تقريباً، وفي المكاتب النّظامية بـ 2500 ليرة”.

ويفضل سكان استلام حوالاتهم عبر أشخاص قادمين من الأردن أو لبنان أو سائقي تكاسي عاملين على الخطوط الدّولية كخيار بديل.

ويتوقع الصّراف أنّ تشهد الأيام القادمة زيادة في الحوالات المالية مع اقتراب شهر رمضان، “من المعروف أنّ التّكاليف فيه كثيرة”.

وبلغت نسبة حوالات السّوريين المغتربين في 2021 ما يقارب 3 أو 4 ملايين دولار يومياً، وفي رمضان تجاوزت الـ 10 ملايين دولار يومياً، حسب رئيس قسم المصارف في دمشق علي كنعان.

فروق مادية

ومن جانبه، يقول منصور الزّايد، وهو اسم مُستعار، لنورث برس ، إنّ ابنته غادرت إلى أميركا منذ سنوات مع زوجها، وترسل له كل ثلاثة أشهر تقريباً حوالة مالية، تقدر بـ 300 دولار.

ويستلم الرّجل حوالته عن طريق مكاتب نظامية، بالليرة السّورية حصراً، وعلى سعر صرف البنك المركزي.

ويتكبد بهذا خسارة تصل لـ 120 ألف ليرة سورية في كل 100 دولار أميركي، حسب قوله.

وحالياً، يفكر “الزّايد” بإيجاد طريقة بديلة لعملية التّحويل عن طريق المكاتب غير النظامية في السّوق السّوداء، “الأمر يحتاج لإرسال المبلغ إلى دول مجاورة كلبنان والأردن”.

ويضيف: “يجب أنّ يكون هناك من يستلم النّقود ليعيد إرسالها  إليّ مرة أخرى”.

ويأتي الفرق في سعر الصّرف إلى مُسمى “إعادة الإعمار” الذي تتذرع به الحكومة لصرف الحوالات بسعر أقل من السّوق، حسب تقارير صحفية.

ويبحث معاذ الغالب ( 45عاماً) وهو سائق سيارة أجرة عند أحد الأشخاص عن عملٍ إضافي، “راتبي 15 ألف ليرة سورية، وهي لا تكفي لتأمين وجبة طعام واحدة في اليوم”،  مما دفعه للتفكير بالهجرة غير الشرعية.

ويشير المعيل لثلاث أطفال، أنّه لا يوجد أحد يرسل له الحوالات المالية من الخارج، ولا يستطيع تأمين مبلغ للخروج، إذ تتجاوز  تكلفة الهجرة 10  آلاف دولار أميركي.

ويصف الرجل حياته بـ”شبه المعدومة”، لأنه حتى غير قادر على شراء قطعة حلوى لطفلته، بسبب عدم امتلاكه المال.

إعداد: مؤيد الأشقر . تحرير: آيْلا ريّان