منبج _ نورث برس
يوجه مهند الجدوع (30 عاماً)، من سكان منبج، العمال بما تبقى لديهم من مواد أولية في معملٍ لتصنيع الخزانات ورفوف المحال التّجارية، إذ يستعدون للتوقف عن العمل قريباً، بسبب تكلفة المواد الباهظة.
وارتفعت أسعار المواد الأولية، بسبب الضّرائب الجمركية المفروضة عليها، إضافة لتكاليف النّقل، كما يقول “الجدوع”.
ويعتمد المعمل على الصّفائح المعدنية (الصّاج)، إذ يقصها العمال بالأشكال المطلوبة، ويضعون كل واحدة على حدى في آلات مخصصة.
ويعتبر الرّجل الصّاج “أساس عملهم”، فمن دونه لا يمكن للمعمل الاستمرار، إذ سينعكس ذلك سلباً على الصّناعة المحلية في المدينة، وعلى العمال الذين يؤمن المعمل مصدر رزقهم.
هذا ويصل سعر الطّن الواحد من الصّفائح المعدنية إلى 1400 دولار أميركي، يضاف إليها 125 دولاراً كأجور نقل وجمركة، حسب مصادر مطلعة.

تراجعٌ ملحوظ
ويبلغ عدد العمال الذّين يعملون في معامل ومصانع المدينة 1500 عامل، حسب اتحاد العمال في منبج.
ويشير “الجدوع” إلى أنهم يعانون من استيراد بضائع مشابهة لما يبيعونه بسعرٍ أرخص، الأمر الذي تسبب بـ”كساد إنتاجهم”.
ويبيع المعمل منتجاته بالكيلو غرام، إذ يبلغ ثمن الكيلو غرام من الغازان دولارين، بينما المستورد دولار ونصف، وزوايا الجبصين ثمن الكيلو غرام دولار ونصف، والمستورد دولار وخمسة وثلاثين سنتاً، حسب عمال في المعمل.
وبالنسبة لرفوف المحال التّجارية فثمن الكيلو غرام المحلي دولارين والمستورد دولار وأربعين سنتاً، كما يقول “الجدوع”.
ولا يوجد تشجيع لأصحاب المنشآت الصّناعية في المدينة، والدّعم المُقدم غير كافٍ ويقتصر فقط على مادة المازوت، لتشغيل المولدات، كما يرى رئيس العمال.
ويبلغ سعر الليتر الواحد المدعوم من المازوت 85 ألف ليرة سورية، وتقدمه مديرية الصّناعة في منبج لأصحاب المعامل، حسب مصدر مسؤول فيها.
ويطالب الرّجل بتخفيض الرّسوم الجمركية، “نريد إنتاجاً ينافس البضائع المستوردة بالسّعر والجودة”.
ويرتبط منع دخول المواد الأولية إلى المدينة بالجهات المُسيطرة على المعابر من الطّرف الآخر، وارتفاع الأسعار من مصدر المواد “الصّين” لذا لا تتحكم فيها مديرية الصّناعة، حسب رئيسها المُشارك.
ومنذ أربعة أو خمسة أشهر، لم ينتج المعمل شيئاَ، “قررنا اليوم العمل بما تبقى لدينا من مواد أولية وإغلاقه، حتى حل مشكلتنا”، كما يقول “الجدوع” لنورث برس.
ويشير الرّجل إلى أنّ فائض إنتاجهم كان يصل لكافة المناطق في شمال شرقي سوريا، “الآن لا يمكننا تغطية الحاجة في منبج فقط”.
وتراجع إنتاج مختلف ما يُصنع في المعمل من عشر أطنان إلى طن واحد في اليوم، حسبما يقول “الجدوع”.
دعم ضعيف
ويقول مصدر مسؤول في المديرية، إنّ عدد المنشآت الصّناعية المُسجلة في مديرية الصّناعة بمنبج وصل إلى 640 منشأة حتى الآن، تتضمن معامل الحديد والبطاريات والبلوك والأدوية والبلاستيك وإعادة التدوير وغيرها.
ومؤخراً، افتتح معمل لإنتاج أكياس البلاستيك (النايلون) للخضار والخبز والخيم الزّراعية، جنوبي منبج، حسب المسؤول الفني عن المعمل منير محمد.
ويعتمد المعمل على حبيبات البلاستيك التي يتم تصنيعها عن طريق صهر البلاستيك التالف، حسب عماله.
ولكنه يفتقر لمادة المازوت، لتشغيل مولدات الكهرباء، ويقول المسؤول “الكميات التي نستلمها من مديرية الصّناعة في تراجع”.
ويعتبر الرّئيس المُشارك لمديرية الصّناعة في منبج، إبراهيم العلي، أنّ كمية المازوت التي تسلم لكل معمل، تكون بحسب حجم المعمل والحمولة المطبقة على المحرك كل 14 يوماً.
وتراجعت كمية المازوت المسلمة للمعامل من 100 بالمئة، حسب حاجة كل معمل إلى 35 بالمئة، الأمر الذي تسبب بتراجع الإنتاج وتوقف معظم المعامل، حسب المدير الفني للمعمل.
بينما يرد “العلي” على الاتهامات الموجهة إليهم، بأنهم يقدمون الدّعم للمعامل حسب “الإمكانات المُتاحة”.
ويشير المسؤول الفني بالمعمل، إلى أنه “لو كان يوجد خط كهرباء صناعي للمعمل فلا حاجة للمازوت، أغلب المعامل لا خط كهرباء بالقرب منها”.
ووصلت نسبة المعامل المستفيدة من الكهرباء الصّناعية في منبج إلى 25 بالمئة من إجمالي عدد المعامل، “بالنسبة للمعامل المتبقية نحاول

التّنسيق مع شركة الكهرباء لإيصال الكهرباء الصّناعية لها”، حسب “العلي”.
وينتج معمل البلاستيك في منبج ما يقارب طناً من الأكياس وباقي المنتجات الأخرى التي يصنعها، حسب عماله.
ويحذر مالكو معامل من تأثير تراجع إنتاج منشآتهم على شمال شرقي سوريا عامة، معتبرين أنّ الحل يكمن بـ”توفير المواد الأولية بأسعار مناسبة وتخفيض الضّرائب الجمركية، وتسهيل دخولها”.
وبلغت نسبة أصحاب المعامل من خارج المدينة 70 بالمئة، وتحقق هذه المعامل الاكتفاء الذّاتي وتصدر باقي الإنتاج إلى مناطق شمال شرقي سوريا، كما يعتبر الرّئيس المُشارك بمديرية الصّناعة “العلي”.
ويصف المسؤول الفني بالمعمل، الصّناعة بـ”عصب الحياة”، إلا أنه في ظل قلة الدّعم الذي تقدمه المديرية للمعامل “ربما لن تستطيع الاستمرار بالعمل”.