هل وراء التصريحات التركية عمليات ترحيل جديدة للاجئين السوريين؟
القامشلي- نورث برس
تستمر السلطات التركية في ترحيل اللاجئين السوريين من أراضيها إلى شمال غربي سوريا، تحت ذرائع وحجج تتعلق بعضها بعدم امتلاكهم للوثائق القانونية اللازمة.
وتتالت مؤخراً تصريحات لمسؤولين أتراك تحمل في مضمونها رسائل للاجئين السوريين، مفادها أن تركيا تعمل بكل جهودها “لتأمين عودة آمنة لهم إلى مناطقهم، في تغافل عن الاشتباكات الدائرة فيها”، بحسب مراقبين.
والسبت الماضي، قال رئيس إدارة الهجرة في وزارة الداخلية التركية صواش أونلو، إن بلاده أعدت مناطق آمنة شمالي سوريا، حتى يتمكن السوريون من العودة إلى منازلهم بأمان.
وجاء ذلك في كلمة لـ”أونلو” في جلسة “دور المجتمع الدولي في إدارة تدفقات اللاجئين: سوريا وما بعدها” في منتدى الدوحة 2022.
وتتزامن هذه التصريحات مع ما يشهده شمال غربي سوريا، من موجة هجرة كبيرة بسبب اشتداد العمليات العسكرية بين طرفي الصراع والظروف المعيشية الصعبة لأغلب السكان، بحسب تقارير صحفية.
“عادوا طوعاً”
وأضاف “أونلو”، أن “نحو 500 ألف لاجئ سوري عادوا إلى تلك المناطق بشكل طوعي”.
وأشار إلى أن تركيا “تستضيف 3.7 ملايين لاجئ سوري بالإضافة إلى 300 ألف لاجئ من مختلف دول العالم”.
والأربعاء الماضي، أبلغت رئاسة الهجرة العامة في العاصمة أنقرة، آلاف السوريين المقيمين في أراضيها والذين يحملون بطاقة الحماية المؤقتة بأن قيودهم توقفت بشكل كامل وألغيت الحماية المؤقتة الخاصة بهم.
وأثارت هذه الرسالة، مخاوف من ترحيلهم إلى الأراضي السورية.
وبطاقة الحماية المؤقتة أو ما تسمى بتركيا بـ”الكيملك”، تمنحها المديرية العامة لإدارة الهجرة التركية لللاجئين السوريين وتخولهم التحرك بحرية ضمن أراضي الدولة.
وتنفذ السلطات التركية بين فترة وأخرى حملات اعتقال تطال سوريين تقول إنهم ارتكبوا مخالفات، ومن ثم تنظيم ضبوط بحقهم وترحيلهم إلى سوريا بذرائع تتعلق بعدم امتلاكهم للوثائق القانونية اللازمة، وفق ناشطين.
وفي شباط/ فبراير الفائت، نشرت إدارة معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا بياناً أشارت فيه إلى أن عدد اللاجئين السوريين الذين تم ترحيلهم من تركيا إلى الشمال السوري، وصل إلى 2229 لاجئ سوري خلال شهر كانون الثاني/ يناير.
ومطلع الشهر ذاته، نشرت إدارة معبر باب السلامة إحصائية عن عدد اللاجئين السوريين المرحّلين، من بينهم 59 تم ترحيلهم بشكل قسري إلى الأراضي السورية للإقامة فيها بشكل نهائي.
وتتحدث تقارير عن ترحيل السلطات التركية للاجئين السوريين بعد توقيعهم على وثيقة “عودة طوعية”، ولكن الحقيقة، بحسب التقارير، أنه “تم توقيع الوثيقة بالإكراه”، في الوقت الذي يحظر القانون الدولي على الدول ترحيل الأشخاص إلى المناطق التي تشهد حروب.
وذكر تحقيق لـ”بي بي سي”، أن سوريين كانوا يحاولون العبور من تركيا إلى اليونان احتجزوا وأرغموا على توقيع وثائق تفيد بأنهم “قرروا العودة طواعية إلى سوريا” ثم نقلتهم السلطات إلى سوريا.
وقالت منظمة العفو الدولية إنها تعتقد أن عشرات وربما مئات من السوريين رحلوا إلى سوريا، بحسب التحقيق.
ولكن الحكومة التركية، نفت بشدة تلك المزاعم. علماً بأن القانون الدولي يحظر على الدول ترحيل الأشخاص إلى مناطق الحرب.
موقف المعارضة
وأثارت تصريحات صحفية لرئيس الائتلاف السوري سالم المسلط، بخصوص عودة اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا، موجة من السخط لدى رواد التواصل الاجتماعي من السوريين.
والخميس الماضي، قال المسلط، في اجتماع ضم عدداً من الأكاديميين والصحفيين الأتراك في مدينة إسطنبول، إنه لا يوجد إرادة دولية للوصول إلى حل سياسي في سوريا وتوفير بيئة آمنة لتأمين العودة الطوعية والآمنة للسوريين.
وأضاف أن ما يقف عائقاً أمام ذلك هو “تحقيق الانتقال السياسي في سوريا وتغيير النظام لضمان سلامة جميع العائدين”.
وأشار إلى أن المناطق التي تسيطر عليها المعارضة “غير مهيأة حتى الآن لاستقبال اللاجئين السوريين إلا أن الحكومة المؤقتة التابعة للمعارضة السورية تسعى لضمان عودة آمنة للاجئين وتخفيف الأعباء عن تركيا”.
وأجبرت العمليات العسكرية التي شهدتها مناطق شمال غربي سوريا، في نيسان/ أبريل عام 2019 والتي استمرت حتى مطلع 2020، ما يقارب مليوني شخص من أرياف حماة وحلب وإدلب على النزوح، بحسب تقارير صحفية.
ومطلع تشرين الثاني / نوفمبر 2015، أغلقت تركيا حدودها أمام السوريين، ببناء جدار اسمنتي على طول الخط الحدودي من مناطق بريف اللاذقية وإدلب وحلب ووصولاً إلى ريف الحسكة، إضافة لنشر جنودها على طول الخط المذكور.