منبج ـ نورث برس
يحصل علي كمال (37 عاماً) وهو سائق تكسي عمومي في منبج، على 15 ألف ليرة سورية، يذهب منها ثمن وقود السّيارة وإصلاحها، وبهذا لا يستطيع شراء العديد من المستلزمات الغذائية المتطلبة للمعيشة، بسبب الغلاء النّاجم عن احتكار التّجار وغياب الرّقابة التّموينية.
ويقول معيل الأسرة المكونة من أربع أفراد، لنورث برس، جملة عامية تختزل وضعه، “إذا بدي أشتري علبة زيت ما عم يضل معي شي”.
ووصل سعر علبة الزّيت بمقدار أربع ليترات إلى 38 ألف ليرة سورية، والسّمن لـ37 ألف ليرة.
وينعت الرّجل بائعي منبج بـ”تجار الأزمة”، لأنهم ينتهزون أي فرصة لاحتكار المادة ورفع أسعارها، كما حدث بمادة السّكر إذ ارتفع سعر الـ10 كيلو غرام من 25 إلى 45 ألف ليرة سورية.

ويقترح السّائق تخفيض الجمارك المفروضة على المواد الغذائية التي تدخل المدينة، كما فعلت الإدارة الذّاتية عندما رفعت الجمارك عن المواد العلفية، بسبب الجفاف.
هذا وتدخل البضائع المدينة عبر ثلاث معابر، اثنان منها من مناطق تسيطر عليها الفصائل الموالية لتركيا، وهما عون الدّادات وأم جلود، والمعبر الأخير بين الإدارة المدنية في منبج ومناطق سيطرة الحكومة السّورية وهو التّايهة.
“كارثة حقيقة”
ومن جانبه يربط أحمد الخضر (39 عاماً) وهو صاحب محل بيع مواد غذائية ضمن السّوق الرّئيسية في منبج، ارتفاع الأسعار بالعلاقة الطردية بين العرض والطّلب، فكلما زاد الأخير ارتفع الأول.
وعددُ التّجار المسؤولين عن إدخال المواد إلى منبج وتحديد الأسعار، هو 10 تجار تقريباً، حسب صاحب المحل.
ويرجح الرّجل أنّ السّبب وراء رفع الأسعار، هو شراء بعض المواد بالدّولار، في حين أنّ البيع يتم بالليرة السّورية.
ويذكر البائع أسعار بعض المواد عنده ومنها كيلو الشّاي الذي وصل لـ 22 ألف ليرة سورية، وكيس البرغل وزن 10 كيلو غرام، بـ 31 ألف ليرة.
وحددت مديرية التّموين في منبج مخالفات لرفع الأسعار، إذ تقدر قيمة المخالفة الأولى بضعف سعر المادة، والثّانية تضاعف أكثر، أما الثّالثة فتصل إلى ضعفي قيمة المادة ويشمع المحل.
وبدوره يعتبر عبد الله عبد (60 عاماً) من سكان مدينة منبج، احتكار التّجار للمواد “كارثة حقيقية”، ولا سيما مع الظروف الاقتصادية الصّعبة التي تمر بها المنطقة.
وعدد الأفراد الذي على “عبد” وولديه، إعالتهم في المنزل يبلغ 20 شخصاً، “أجمع الصّناديق البلاستيكية من باعة الخضار، لأبيعها وأشتري بها بعضاً من حاجات المنزل، بينما ولداي يعملان كعتالين في سوق الحبوب”.
ويرى الرّجل السّتيني أنّ ارتفاع الأسعار أكثر من ذلك سيجعلهم “عاجزين عن تأمين أبسط متطلبات المعيشة”.
“رقابة غائبة”
وينتقد “عبد” ضعف الرّقابة التّموينية في منبج، “كل تاجر يبيع بالسّعر الذي يعجبه”، مطالباً بـ”محاربة الغلاء” على حد وصفه، وتحديد الأسعار لتتناسب مع قدرات السّكان.

وفي السابع والعشرين من شباط/ فبراير 2020، عقدت اللجنة القانونية للمجلس العام للإدارة الذّاتية لشمال وشرق سوريا جلسة قانونية، لمناقشة قانون “حماية المستهلك”، وتشديد الرّقابة التّموينية.
وعند إيجاد مواد محتكرة في المخازن تصادر، ويدفع التّاجر ضعفي قيمة الكمية، حسب سحر عبد الهادي، نائبة الرّئاسة المُشاركة في مديرية التّموين في منبج.
ويعتبر سكانٌ أنّ الغلاء لا يضر بالعمال فقط بل بالموظفين أيضاً، إذ لا يتجاوز راتب موظفي الإدارة الذّاتية في منبج260 ألف ليرة سوريّة، وهو لا يكفي مقارنة بارتفاع الأسعار.
وتدعو “عبد الهادي”، السّكان للتعاون مع المديرية، عبر الإبلاغ عن التّجار الذين يحتكرون المواد، ليتم التّعامل معهم وفق القوانين والأنظمة.