حلب.. مبالغ مالية تدفع لسماسرة للإسراع في استخراج جواز سفر أو تجديده
حلب- نورث برس
أكثر من ثلاثة ملايين ليرة سورية هو المبلغ الذي طلبه سمسار من عبد الغفور الأديب (36 عاماً)، من سكان مدينة حلب، لقاء الإسراع في استخراج جواز سفر له.
وينوي “الأديب” وهو خريج كلية الهندسة الكهربائية، السفر إلى دبي للبحث عن فرصة عمل بعد فشله في إيجاد عمل في مدينته.
لكن نية السفر والحلم بتحسين الوضع المعيشي يصطدم بصعوبة استخراج جواز سفر ودفع “مبالغ طائلة” للسماسرة في سبيل الحصول عليه.
وفي حلب، يقول سكان إنهم يضطرون لدفع مبالغ مالية لسماسرة في سبيل الإسراع في استخراج جواز سفر أو تجديد القديم، وخاصة أن تسجيل الطلب على المنصة الإلكترونية التابعة لوزارة الداخلية قد يستغرق أشهراً، على حد قولهم.
ومنذ أكثر من شهرين، يتردد “الأديب” لمبنى الهجرة والجوازات في حلب لحجز دور للحصول على جواز سفر، “لكن دون أي نتيجة”.
وقام “الأديب” وهو لا يزال في سن المطلوبين للخدمة العسكرية الاحتياطية، باستصدار وثيقة تجنيد ودفع 50 ألف ليرة للبنك العقاري، “واستغرق انتظار موافقة التجنيد مدة 20 يوماً تخللها دفع مبالغ وصلت لـ 50ألف كإكراميات”، من أجل تسريع الحصول على موافقة التجنيد.
وبعد الحصول عليها، توقع الشاب أن يحصل على جواز السفر بشكل أسرع، لكنه فوجئ بقرار حجز الدور على المنصة الإلكترونية، “لذا لم يعد لي من خيار سوى دفع المبلغ للسمسار من أجل تسريع استخراج الجواز”.
ويضيف: “وكأن الحكومة تضع أمامنا عراقيل ومصاعب لكي نلجأ للسماسرة”.
أزمة مستمرة
وتشهد سوريا منذ العام الماضي، أزمة في تأخير إصدار جوازات سفر، ظهرت ملامحها بطوابير أمام دوائر الهجرة في كافة المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة، تبرّرها وزارة الداخلية بأسباب تتعلق بنقص الورق الخاص لطباعتها.
وفي التاسع من الشهر الماضي، قال مصدر مسؤول في فرع الهجرة والجوازات في حلب، إن آلاف جوازات السفر في حلب تنتظر تأمين الورق الخاص لطباعتها.
وأضاف المصدر، لنورث برس، حينها، أن عدد الجوازات غير المطبوعة وصل إلى 47 ألف جواز بين مقدم لطلب حديث ومنتظر للاستلام.
وفي الرابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أصدرت وزارة الداخلية قراراً يمكن من الحصول على جواز السفر الفوري خلال 24 ساعة مقابل مبلغ 100 ألف ليرة سورية.
ولكن عملية التسليم الفوري لم تستمر إلا لبضعة أيام، بحسب ما ذكره المصدر، مضيفاً أن السبب هو “عدم توفر الورق الخاص بطباعة الجوازات”.

ويعتقد حميد دياب وهو اسم مستعار لضابط برتبة رائد، بفرع الهجرة والجوازات في حلب، أن وجود سماسرة يعملون على إخراج الجوازات بشكل أسرع مقابل مبالغ مالية أمر طبيعي.
ويبر ذلك بالقول: “الظروف مواتية لهؤلاء لكسب الأموال في ظل الازدحام الشديد وغياب المواد لصنع جواز السفر”.
ويشير إلى أن مشكلة تأخر إصدار الجوازات، إلى جانب نقص الورق الخاص لطباعتها، يعود أيضاً إلى الإقبال الشديد والمتواصل للسكان للحصول على جواز سفر جديد أو تجديد القديم، إضافة إلى نقص عدد الموظفين.
كسب وقت مقابل المال
وأمام استمرار هذا الحال، لم تجد صباح الأسود (23 عاماً) وهي طالبة جامعية في كلية الآداب في حلب، إلا أن تدفع 300 ألف ليرة لموظف في مبنى الهجرة والجوازات للإسراع في حجز دور لها على المنصة الإلكترونية الخاصة بفرع الهجرة والجوازات.
وترى الطالبة الجامعية أن هذه المنصة التي تقول الحكومة إنها تهدف إلى تخفيف الازدحام على مباني الهجرة والجوازات خلقت مشكلة جديدة وسماسرة جدد.
“فمنذ شهرين وأنا أحاول الدخول إلى موقع الهجرة والجوازات على شبكة الإنترنت لتسجيل اسمي وتسجيل طلب الحصول على جواز سفر لأول مرة ولكن دون جدوى”.
وتضيف “الأسود” أن عليها السفر في تموز/ يوليو لإتمام مراسم الزواج من خطيبها المقيم في مصر، لذا اضطرت لدفع المبلغ للسمسار للإسراع في الحصول على جواز سفر.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2021، عملت الوزارة على إنشاء نافذة خاصة على موقعها الرسمي بشكل يضمن تسجيل طلب للمتقدمين للحصول على جواز جديد.
وجاء ذلك الإجراء لتقليل عدد المنتظرين أمام أبواب أفرع الهجرة والجوازات في المحافظات السورية، بحسب ما ذكرته وزارة الداخلية.
وتشير “الأسود” إلى أن السمسار أخبرها أنه سيتم إضافة اسمها خلال اليومين المقبلين، لكن عليها الانتظار حوالي 50 يوماً قبل أن يتم إرسال اسمها لمبنى الهجرة والجوازات ليتاح لها استخراج الجواز ومن ثم الانتظار 30 يوماً أو ربما أكثر لاستلامه جاهزاً.
وتضيف: “في حال لم أدفع لتسجيل اسمي لربما استغرق استخراج جواز سفر سبعة أشهر أو أكثر”.