كوباني- نورث برس
لا يدري علي محمد كردي (46 عاماً) وهو صاحب محل جملة للمواد الغذائية في مدينة كوباني، الضريبة السنوية التي سيتحتم عليه دفعها بحسب قانون ضريبة الدخل، ولكن يقدرها ما بين 150 و200 ألف ليرة سورية، ويأمل أن تكون أقل من ذلك.
وفي كوباني، يعبر أصحاب محال تجارية وأطباء وصيدلة وغيرهم عن استيائهم من قانون ضريبة الدخل ويرون أن توقيت تنفيذه غير مناسب في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في المنطقة وتراجع الموسم الزراعي.
وكان القانون رقم 1 الخاص بجباية ضريبة الدخل، صدر في آذار/ مارس عام 2021، وبدأ تطبيقه في كوباني منذ عدة أشهر.
وبدأت لجان جباية الضرائب التابعة لمديرية الضرائب بإقليم الفرات بفرض ضريبة الدخل والأرباح على المحلات التجارية والعيادات الطبية والصيدليات والشركات والمعامل ومحطات وقود منذ عدة أشهر، حيث تقدر حجم العمل اليومي والربح وعلى أساسها تحدد المبلغ.
بينما ضريبة الدخل على الرواتب لموظفي الإدارة الذاتية في إقليم الفرات يتم اقتطاعها منذ الأول من تموز/ يوليو 2021.
ويقول “كردي” إنه يدفع 100 ألف كضريبة سنوية للبلدية، و150 ألف ليرة رسوماً سنوية للسجل التجاري، بالإضافة للرسوم الجمركية التي يدفعها على البضائع التي يجلبها من مدينة منبج، وهذا العام سيدفع ضريبة الدخل وهو يؤثر على دخله.
“الضرائب رمزية”
وعلى صفحته الشخصية في فيسبوك، عبر شيخو المصطفى وهو طبيب اختصاص قلبية في كوباني عن استيائه من الضريبة السنوية التي فرضت عليه وهي 510 آلاف ليرة سورية.
وعلق بالقول: “بعد الرجوع إلى مسقط رأسي لخدمة أهلي وأقاربي وأهل مدينتي وبعد أن وقفنا بجانب الجميع بدون مقابل أو مقابل دخل محدود دون أن ننتظر من أحد جزاءً أو شكور ولن ننتظر هذا الشيء وبدل أن نجد مكافأة أتفاجئ هذا اليوم أنه قد توجب علينا دفع ضريبة دخل بعد كل هذا التعب والالتزام”.

فيما كتب محمد عارف الذي ينحدر من تل أبيض وهو طبيب اختصاص أشعة على صفحته في “فيس بوك”، بعد أن فرض عليه مبلغ 800 ألف ليرة كضريبة دخل سنوية، “فرض الضرائب في زمن الحرب لا يختلف عن فرض الإتاوات، ما زلت نازحاً وأرضي وقريتي مغتصبة ويفرض علي ضرائب بدلاً من تعويضي”.
وأضاف: “هناك من يتخذ قرارات لا تخدم الإدارة الذاتية وتقوض جهودها وتزيد الضغط على الشعب في ظل عدم تأمين متطلباته اليومية، بدلاً من مكافأة من تبقى في الوطن يتم الضغط عليهم بقرارات خاطئة. معاً لدعم الإدارة لتصويب القرارات”.
ولكن محمد أحمد، الرئيس المشارك لمديرية الضرائب في إقليم الفرات، يجد الضرائب رمزية مقارنة مع ما يجنيه أصحاب المحال والأطباء والصيادلة وغيرهم.
“الاعتراض على الضريبة”
وبعملية حسابية يوضح “أحمد” وجهة نظره، فصاحب محل البقالية الذي يبيع يومياً بمبلغ 50 ألف ليرة سورية، يتم ضرب المبلغ بـ300 يوم ليصبح 15 مليون ليرة، وتم تحديد نسبة الربح 20 بالمئة أي ثلاثة ملايين ليرة.
ويتم إعفاءه من مليونين و400 ألف ليرة من الضريبة وفق القانون، فيبقى 600 ألف ليرة تفرض عليها الضريبة بنسبة 3 بالمئة أي أنه سيدفع سنوياً 18 ألف ليرة.
وكذلك بالنسبة للأطباء والصيادلة، إذا افترض أنه يجني 60 ألف ليرة يومياً، فإن نسبة الربح هي 50 بالمئة، ويضرب هذا المبلغ 60 ألف ليرة بـ300 يوم عمل، فيصبح المبلغ 18 مليون، فتكون نسبة الربح هي 9 ملايين ليرة.
ويتم إعفاءه من مليونين و400 ألف منها، وتفرض ضريبة 3 بالمئة على الستة ملايين الأولى، وضريبة 5 بالمئة على باقي المبلغ الذي يزيد عن ستة ملايين، أي أن الطبيب الذي يعمل بمعدل 60 ألف ليرة يومياً، سيدفع ضريبة 210 آلاف ليرة سورية سنوياً.
وبالنسبة لموظفي مؤسسات الإدارة الذاتية إذا كان الراتب 300 ألف، فإنه سيدفع 3100 ليرة شهرياً أي 40 ألف ليرة كضريبة دخل سنوية.
ويشير “أحمد” إلى أنه “من حق أي شخص الاعتراض على الضريبة إذا اعتبر نفسه مظلوماً من قبل اللجنة، بعد دفع مبلغ ثلاث آلاف ليرة فقط، لتقوم لجنة بمتابعة ودراسة أرباحه، وإعادة المبلغ له في حال كان مظلوماً”.
ولكن في حال رفض أي شخص دفع الضريبة، يقوم الجابي بتبليغه لدفع المبلغ خلال عشرة أيام، وإذا لم يدفع خلال هذه الأيام العشرة، تفرض غرامة عليه بنسبة 10 بالمئة، ومن ثم يتم تبليغه مرة أخرى وتصبح الغرامة 20 بالمئة.
وفي حال تأخر الدفع لمدة عام ستصبح الغرامة 50 بالمئة.
“نسب غير عادلة”
ويجد نايف شاهين، وهو صيدلي في كوباني، أن تحديد قانون ضريبة الدخل نسبة أرباحهم بـ 50 بالمئة “نسبة غير عادلة”.
ويقول إن نسبة الربح لديهم لا تصل إلى 50 بالمئة، وإن مستودعات الأدوية تفرض نسبة الربح 30 بالمئة أو 35 بالمئة وأخرى 40 بالمئة، أما نسبة الربح لدى الصيدلية هي 20 بالمئة، “فيما لا تتجاوز النسبة الحقيقية للربح 15 بالمئة إذا ما تم حساب المبيعات بشكل عملي وحساب تلف بعض الأدوية”.
ويدفع “شاهين” كما جميع الأطباء والصيادلة 50 ألف ليرة سنوياً كرسوم للبلدية، فضلاً عن رسوم لنقابة الصيادلة وهيئة الصحة والبلدية.
كما يدفع ضرائب جمركية، ارتفعت من 250 دولاراً ثم 350 دولاراً إلى أن وصلت إلى 500 دولار عن كل متر مكعب من الأدوية القادمة من مناطق حلب ودمشق.
ويشير الصيدلي إلى أن الصيادلة يضعون رأس مال في الصيدلية وأغلبهم يدفعون أجار الصيدلية بالدولار، إضافة لمصاريف أخرى.
ويرى بعض الأطباء ممن تم تحصيل جباية الدخل منهم، أن اللجنة التابعة لمديرية الضرائب والتي تقدر حجم العمل اليومي والربح، ليس لديها خبرة، وتقع في أخطاء تقديرية، وذلك بحسب أحاديث لأطباء في كوباني لنورث برس.
ويرى “شاهين” هو الآخر أن القانون “غير عادل” وأن على الإدارة في حال أرادت أن تفرض الضرائب يجب أن تقدم خدمات لسكانها في المقابل، بحسب قوله.