الكهرباء التركية تُضرُّ بصناعيين في إدلب وتوقف إنتاج ورَشٍ

إدلب–  نورث برس

يجد زهير مراد (45 عاماً) وهو اسم مستعار لصاحب ورشة خياطة في مدينة سرمدا شمال إدلب، صعوبة في تصريف بضائعه وذلك بعدما رفع أسعارها على خلفية ارتفاع أسعار الكهرباء الصناعية.

ونهاية الشهر الماضي، أوقف الرجل الخمسيني، الإنتاج في ورشته بسبب عزوف التجار عن شراء بضائعه، وخسرت تسع عاملات كن يعملن في الورشة عملهن.

ويخشى “مراد” تعرضه لخسائر “كبيرة” في حال لم يجد مشترياً لبضائعه وبالسعر الذي حدده، وخاصة أنه لا يستطيع بيعها بنفس السعر قبل ارتفاع سعر الكهرباء التي يستجرها من “”Green Energy، الشركة “المحتكرة” للكهرباء والتابعة لحكومة الإنقاذ، الجناح المدني لهيئة تحرير الشام(جبهة النصرة سابقاً).

 وينوي صاحب الورشة العودة إلى نظام الأمبيرات أو المولدة الكهربائية التي باتت “أوفر” من الكهرباء التي تؤمنها الشركة، بحسب قوله، وذلك بعد تصريف البضائع المكدسة لديه.

وفي إدلب الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام، اضطر العديد من أصحاب الورش الصناعية لإيقاف عملهم، بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء الصناعية.

فيما استغنى آخرون عن كهرباء الشركة التابعة لحكومة الإنقاذ وباتوا يعتمدون على نظام الأمبيرات (مولدات كهربائية عامة)، أو تشغيل المولدات الخاصة التي باتت “أوفر” مقارنة مع أسعار كهرباء الشركة، بحسب صناعيين.

ارتفاعات متكررة

وفي الخامس من الشهر الماضي، رفعت “”Green Energy، سعر كيلو واط الكهرباء للاستهلاك المنزلي إلى 2 ليرة تركية لأول 50 كيلو واط من كل شهر، لتصبح 2.5 ليرة تركية باقي الشهر كشريحة ثانية، وذلك عوضاً عن 1.98 ليرة تركية.

فيما رفعت الشركة سعر كيلو واط الكهرباء الصناعية والتجارية والزراعية، بعد أن حولت التسعيرة للدولار الأميركي، إلى 3.15 ليرة تركية، بما يعادل 21 سنتاً أميركياً، حيث سجلت قيمة العملة التركية في تداولات الأربعاء 15 ليرة مقابل الدولار الواحد.

وكانت المؤسسة العامة للكهرباء في إدلب، أعلنت الاتفاق مع شركة خاصة تركية لاستجرار الكهرباء، في آذار/ مارس 2020، وتحديد سعرها آنذاك بـ 80 قرشاً تركياً للكيلو الواحد واقتصرت على المدن ذات الكثافة السكانية العالية.

ومنذ ذلك الوقت، تشهد أسعار الكهرباء التركية ارتفاعاً في أسعارها بين الحين والآخر ويعتبرها البعض، “تضييقاً على السكان”.

وفي الثامن من كانون الثاني/ يناير الماضي، رفعت “Green Energy”، سعر كيلو واط الكهرباء للاستهلاك المنزلي إلى 1.98 ليرة تركية، وإلى 2.40 ليرة للكيلو الواط الواحد للاستهلاك التجاري.

وقبل ذلك، كان سعر الكيلو واط الواحد للكهرباء المنزلية 1.40 ليرة تركية، وسعر الكيلو للاستهلاك الصناعي كان 1.75 ليرة.

وقبل هذه الزيادة بيوم، شهدت مدن الباب ومارع والراعي شمال وشرق حلب، احتجاجات شعبية واسعة ضد تركيا ومواليها في المنطقة، بسبب رفع سعر الكهرباء في تلك المناطق، وفساد المجالس المحلية.

الاستغناء عن الكهرباء التركية

ويعتمد سكان المناطق التي لا تصلها الكهرباء التركية على مولدات الكهرباء ذات الاستطاعة العالية في تلبية احتياجاتهم اليومية وذلك بعد انقطاع الكهرباء النظامية منذ عام 2015، عقب سيطرة المعارضة المسلحة على إدلب.

ويبلغ سعر الأمبير الواحد 90 ليرة تركية شهرياً بنظام تشغيل ثماني ساعات يومياً.

وأمام استمرار الحال على هذا المنوال، يحذر علاء أبو الخير (38عاما) وهو خبير اقتصادي في إدلب من إعاقة عمل الصناعيين عبر زيادة الضرائب ورفع أسعار الكهرباء التشغيلية والتي تعتمد عليها مئات المعامل والورشات الصناعية في استمرار الإنتاج.

ويعتبر “أبو الخير” أن حكومة الإنقاذ “تعمل في ميزان الربح والخسارة عبر احتكار المحروقات والكهرباء وإجبار التجار والصناعيين على شراء هذه المواد بالأسعار التي تفرضها عليهم”.

ويشير إلى أن تفاقم هذه المشكلة سيفضي لإغلاق عشرات الورش الصناعية وفقدان مئات الأشخاص لعملهم.

والشهر الماضي، امتنع خليل الزاكي (35 عاماً) وهو اسم مستعار لحداد في مدينة إدلب، عن استجرار الكهرباء من الشركة، معتمداً على مولدته القديمة والتي كان يعمل عليها قبل وصول الكهرباء إلى إدلب.

ويقول الحداد إن حكومة الإنقاذ تسببت بخسائر كبيرة للصناعيين في إدلب، من خلال احتكارها للكهرباء ورفع سعرها بشكل مستمر، حيث أن الكهرباء لم تشهد استقراراً منذ وصولها إلى إدلب، شأنها شأن المحروقات.

ويضيف أن الحكومة لم تترك للصناعيين أي مرابح، “حيث باتت تنافسهم في الربح من خلال رفع سعر الكهرباء”.

إعداد: سعيد زينو- تحرير: سوزدار محمد