كوباني- نورث برس
تشهد مدينة كوباني، شمالي شوريا، منذ عامين نزوحاً نسبياً من سكانها وخاصة الفئة الشابة إلى المدن السورية الأخرى مثل الرقة والحسكة ومنبج والقامشلي وغيرها بحثاً عن دخل أفضل.
بينما تهاجر نسبة أخرى من الشباب إلى المدن الأوروبية رغم تكاليف السفر الباهظة التي تصل لنحو 14 ألف دولار أميركي وسطياً، وخطورة طرق السفر تهريباً وذلك نتيجة صعوبة الوضع المعيشي، بحسب ناشطين في المدينة.
ومنذ ثلاثة أشهر، انتقل رضوان محمد (٤٠ عاماً)، من سكان كوباني مع عائلته المؤلفة من أربعة أشخاص إلى الرقة.
ويعمل “محمد” سائقاً في منظمة إغاثية بالرقة ويتقاضى نحو 300 دولار أميركي شهرياً، في حين كان راتبه يبلغ 250 ألف ليرة سورية أثناء عمله في مؤسسة تابعة للإدارة الذاتية في كوباني.
ويشير الرجل الأربعيني إلى أن راتبه في كوباني لم يكن يكفيه تلبية احتياجات منزله، واصفاً وضعه المعيشي من عمله الجديد “بالجيد”.
ويضيف أن مجالات واختصاصات العمل في كوباني “ضيقة، فيما هي أوسع نطاقاً في الرقة”.
وتسببت العملية العسكرية التي شنتها تركيا في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019 على مناطق تل أبيض وسريه كانيه (رأس العين)، بإيقاف أغلب المنظمات الإنسانية أعمالها ونشاطاتها في مدينة كوباني، مما شكل نوعاً من الصعوبات الاقتصادية.
وقبل العملية العسكرية، كانت نحو عشر منظمات دولية، وثمانية محلية، تعمل في كوباني، وكان يعمل في كل واحدة منها نحو 50 عاملاً، وتعمل في مجال التنمية البشرية والمساعدات الإغاثية والطبية وانتشال الألغام، ومجالات أخرى.
وبقي منها الآن منظمة دولية واحدة، وخمس محلية، إلا أن تلك المنظمات أوقفت معظم برامجها ونشاطاتها، لقلة الدعم الكافي لهم من داعميهم الدوليين، بحسب مكتب المنظمات في إقليم الفرات.
أجور متدنية
كما تسببت العملية بتوقف الحركة العمرانية في كوباني وهو ما أثر سلباً على الفرص المتاحة للأيدي العاملة.
واضطر بركل شيخو (32 عاماً) وهو من سكان كوباني هو الآخر للانتقال إلى مدينة الرقة بعد أن انتقل عمل المنظمة التي كان يعمل بها من كوباني إلى الرقة.
وقال “شيخو” إنه حاول قبل الانتقال إلى الرقة البحث عن فرصة عمل تناسب دخل عائلته، ولكنه فشل وهو ما اضطره للانتقال إلى الرقة.
وأشار إلى أن غياب المصانع والمعامل في المنطقة، أدى لغياب مصادر تؤمن لسكان المنطقة ما يعينهم على تأمين لقمة عيشهم.
ورأى أن تدني أجور الوظائف في مؤسسات الإدارة الذاتية وأعمال المياومة في كوباني، من أبرز أسباب الهجرة إلى خارج كوباني، “إذ أنها لا تتناسب مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية”.
وتصل الأجرة اليومية لعمال المياومة في كوباني إلى نحو سبعة آلاف ليرة سورية وسطياً، بينما تصل الأجور الشهرية لموظفي الإدارة الذاتية في إقليم الفرات إلى نحو 300 ألف ليرة، وسطياً.
ويتراوح عدد العاملين في إقليم الفرات من ستة إلى سبعة آلاف موظف، أغلبهم يعملون في مجال التربية والتعليم والخدمات، بحسب الإدارة الذاتية في إقليم الفرات.
مشاريع غير كافية
ورأى بانكين العبدالله (30 عاماً) وهو من سكان كوباني أن خروج المنظمات من المدينة خلّف شواغر فيها وأثر على الحركة التجارية وأفرغ المدينة من شبابها بنسبة كبيرة.
واعتبر أن فرص العمل في مؤسسات الإدارة الذاتية محدودة وتقتصر على بعض المؤسسات التعليمية مثل المدارس أو الكوادر الإدارية.
وأشار “العبد الله” إلى ضرورة إنشاء الإدارة الذاتية لمشاريع تؤمن فرص عمل لسكان المنطقة.
ولكن أمينة بكر، نائب رئاسة المجلس التنفيذي في إقليم الفرات، قالت إن الإدارة الذاتية استطاعت تأمين فرص عمل لأغلب شرائح المجتمع وفق إمكانياتها رغم ضعف مؤسساتها وهيئاتها، وذلك بتأسيس مشاريع ومعامل تؤمن العمل لكافة شرائح المجتمع.
وأضافت لنورث برس، أن هناك خططاً ومشاريع لتأمين فرص عمل، ولكن الظروف التي تمر بها المنطقة والتهديدات المستمرة عليها أدت إلى التراجع بتنفيذها وتركيز الإدارة على الخدمات واحتياجات المجتمع الأساسية بشكل مباشر.
ولدى الإدارة الذاتية في إقليم الفرات، بحسب “بكر”، عدة مشاريع عامة سيتم تنفيذها خلال عام 2022 لتأمين فرص عمل للشبان والفتيات.
ولكن تلك المشاريع لا يمكنها تأمين فرص عمل لكافة سكان إقليم الفرات، “بحسب بكر”.