“قانون مكافحة الإرهاب”.. ستارٌ لمصادرة أملاك سكانٍ من شمال حماة

إدلب نورث برس

يعيش الأربعيني منهل الحسن، في مدينة إدلب أوضاعاً صعبة، إذ أنه فقد عمله وصادرت الحكومة السّورية منزله الكائن في طيبة الإمام شمالي حماة، وفقاً لـ”قانون مكافحة الإرهاب”.

وفي تموز/ يوليو 2012، أصدرت الحكومة “قانون مكافحة الإرهاب” الذي يحمل الرّقم 19، ويقضي بمصادرة الأملاك المنقولة وغير المنقولة بموجب حكم قضائي لمناهضي الحكومة، واصفاً إياهم بـ”إرهابيين”. 

وبعد سبع سنوات من النزوح، يقول الرّجل  لنورث برس “عملت قبل ثلاث سنوات في معملٍ لإنتاج مواد التّنظيف في بلدة معر شورين بريف معرة النعمان جنوب إدلب، وكانت الأوضاع المادية جيدة”.

ويشير المُعيل لسبعة أشخاص، إلى أنه منذ بدء الأحداث السّورية وحتى الآن، لم يشارك بأي أعمال “إرهابية” على حد تعبيره، ولم ينضم لأي فصيل عسكري.

وفي أواخر 2019 شنت الحكومة السّورية على ريف إدلب الجنوبي، حملةً عسكرية، الأمر الذي أجبر الرّجل على النّزوح إلى المدينة، واستئجار شقة بخمسين دولاراً شهرياً، حسبما يقول.

وباءت جميع محاولات “الحسن” للبحث عن عمل بالفشل، “كلما تمكنت من إيجاد فرصة يكون الأجر قليلاً، لا يكفي لتأمين مُتطلبات عائلتي المكونة من سبعة أفراد، وخاصة في ظل الغلاء”.

ونظراً لتراكم الدّيون عليه، فكر الرّجل ببيع منزله في قرية طيبة الإمام، الذي خرج منه مطلع العام 2015، وبالفعل تواصل مع أقاربه هناك ليتفاجأ بعدم قدرته على ذلك، حسب أحد أفراد العائلة.

ويقول الرّجل: “نقل لي أقاربي في وقت لاحق، أنّ كل من يُقيم خارج مناطق سيطرة الحكومة هو إرهابي بنظرها”.

حق مأكول

ويضيف “الحسن”: “أخبروني أنّ المخابرات الجّوية وضعت يدها على المنزل بذريعة أنني إرهابي، وأسكنت فيه أحد عناصرها بموجب قانون مكافحة الإرهاب”.

وفي السادس عشر من تموز/ يوليو 2019، قالت منظمة هيومن راتيس ووتش، إنّ الحكومة السّورية تعاقب أسراً كاملة مرتبطة بأشخاص مُدرجين على لائحة “الإرهاب” تعسفاً، عبر قانون محاكمة الإرهاب.

وطالبت المنظمة بإنهاء “العقاب الجماعي للأسر” على حد وصفها، وتقديم أدلة للمُتهمين بأعمال “غير قانونية”، والسّماح لهم بالاعتراض على تجميد أموالهم.

 كما وصادرت قوات الحكومة، منزل رقية الأعرج (37 عاماً) من بلدة خطاب شمالي مدينة حماة، بعد أنّ كانت تعيل أطفالها اليتامى من إيجاره، بحجة أنّ “زوجها إرهابي ويقاتل في صفوف المعارضة السّوريّة”.

ومطلع آذار/ مارس 2017، قُتل زوج رقية بغارة جوية لطائرات القوات الحكومية أثناء عمله بمدينة بنش شرقي إدلب، و”لم يشارك بأي أعمال عسكرية”، حسب قولها.

وخرج الرّجل من مدينته هرباً من الخدمة الاحتياطية في أواخر 2016، عن طريق التّهريب نحو الشّمال السّوري، حسب رقية، التي لحقت وأطفالها الأربعة به بالنّقل الدّاخلي (الباصات)، إذ كانت المعابر مفتوحة بين مناطق سيطرة الطّرفين بريف حماة.

ولحاجتها المادية الماسة، أجّرت المرأة منزلها بـ 20 ألف ليرة سورية، “كان يحول المُستأجر المال لي كل ثلاث أشهر أو أكثر”.

ومع نهاية 2018، أخبرها المُستأجر أنّ عناصر الأمن العسكري أخرجوه من المنزل بالقوة ليصادروه، كما تقول الأرملة.

وبالرغم من محاولات المرأة أنّ تعترض، إلا أنّ جهودها “باءت بالفشل الذّريع”، كما تصفها، لتعتمد في معيشتها اليوم على السّلة الإغاثية التي تقدمها إحدى المُنظمات.

وصادرت الحكومة منذ سيطرتها على ريفي حماة الشّمالي والغربي، كافة أملاك السّكان المقيمين في المناطق الخارجة عن سيطرتها، حسب مالكي عقارات في تلك المناطق.

رشاوى وتهديدات

وتفاجأت ولاء قسوم (42 عاماً)، وهي من سكان مدينة مورك شمالي حماة، بأنها غير قادرة على إصدار شهادة وفاة لزوجها، لتتمكن من نقل ملكية المنزل لها، دون الحصول على موافقة أمنية.

وفي أواخر 2021، وزعت الحكومة السّورية منازل في بلدة الحيالين غربي حماة، لأكثر من عشرين شيعياً، الأمر الذي أوجد مخاوف من إمكانية “التّغيير الدّيمغرافي”، حسب مصادر محلية لنورث برس.

ويأتي هذا لا سيما بعد ورود أنباء منقولة عن تقارير صحفية، بافتتاح “الحرس الثوري الإيراني” حسينية في إحدى المناطق شمالي حماة.

وتشير السّيدة إلى أنّ قوات الحكومة اعتقلت زوجها بتهمة المُشاركة في مظاهرات غير قانونية، وبعد خمس سنوات وصلها خبر وفاته داخل سجن صيدنايا في مطلع 2017، بسبب إصابته بأمراض مُزمنة.

ونتيجة لسعيها في نقل ملكية الأرض والمنزل تقول “فتحت على نفسي أبواباً كانت مغلقة”، فعناصر الأمن العسكري استدعوها عدة مرات للتحقيق.

ولم يقف الأمر عند هذا، إذ تضيف المرأة، “دفعت لمرات عدة رشاوى لمسؤولي الأمن العسكري، من أجل البقاء في منزلي”.

وذكرت مصادر لنورث برس، أنّ هناك مزادات علنية لتأجير تلك الأملاك لأشخاص مقربين من الحكومة في كل عام، بحجة أنّ العائدات تُعطى لعائلات الجرحى والقتلى التّابعين لها.

وتعرضت الأرملة للتهديد من أحد المسؤولين في الأمن، “أخبرني أنه قادر على طردي من منزلي لأن زوجي إرهابي بنظرهم، وكل أملاكه يجب أنّ تضع الدّولة يدها عليها”.

وبناء على ما سبق، تفيد ولاء بأنها دفعت ما يُقدر بنحو 500 ألف ليرة سورية للمسؤول آنف الذّكر، وترك الموضوع كاملاً إلى أنّ “يأتي فرج الله”، على حد تعبيرها.

إعداد: بهاء النوباني . تحرير : آيْلا ريّان