باحثان غربيان يعتبران مكالمة بن زايد مع الأسد فرص سياسية وفرتها "كورونا" .. وتعيقها العقوبات الأمريكية
واشنطن – هديل عويس – نورث بريس.
استبعد الباحث البريطاني "صامويل راماني" أن تؤدي مكالمة محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، والتي أجرها أمس الجمعة، مع الرئيس السوري بشار الأسد إلى امكانية تقديم دعم مادي حقيقي لدمشق، بسبب العقوبات الأمريكية التي تتحاشى دول كالصين تجاوزها.
وقال "راماني" في حديث لـ"نورث برس": إنه على الرغم من الدعم المعنوي المتكرر في أكثر من مناسبة من دولة الإمارات لدمشق، إلا أنها كنت تتراجع في مناسبات سابقة عن تحويل هذا الدعم الكلامي والسياسي للأسد الى دعم مادي.
وارجع الباحث السبب في ذلك إلى العقوبات الأميركية والأوروبية التي تستمر بعزل النظام السوري، والتي من الممكن أن تعرّض أي حكومة أو جهة تابعة للقطاع الخاص الى عقوبات اقتصادية مشددة، إذا ما أقدمت على تقديم الدعم المادي لدمشق.
واعتبر "راماني" أن محاولة الإمارات تذويب الجليد في العلاقة مع دمشق من خلال أول مكالمة رسمية بين ولي عهد أبو ظبي والأسد، "تحرك هام"، لكنه لا يعتقد أنه من الممكن أن تتطور إلى علاقة بناءة تفيد دمشق، "ولا تخرج عن سياقها الرمزي"، بحسب وصفه.
وأشار الباحث إلى أن الصين التي تعتبر مستقلة ومغردة في سرب بعيد عن الولايات المتحدة اقتصادياً، ترددت في تقديم أي دعم مادي لإعادة إعمار سوريا، "لأنها تريد تجنب الكلفة الكبيرة لهذه الخطوة، التي قد تجلب عقوبات هي بغنى عنها"، وفق قوله.
ويرى "راماني" أنه ومع سريان مفعول حزمة عقوبات "سيزر" الأميركية الأخيرة على سوريا، التي مررها الكونغرس وصادق عليها الرئيس ترمب، تصبح قدرة دول كالإمارات والصين على دعم الأسد أضعف بكثير، "ما يجعلنا نستبعد الى حد كبير أن تتحول خطوة مد الجسور بين الإمارات ودمشق لاعتبارات سياسية، خطوة فعلية تساعد دمشق"، بحسب رأيه.
ويلفت "راماني"، إلى أن العقوبات الأوروبية لا تزال أيضاً سارية على دمشق، دون وجود نوايا لرفعها، كما أن "هدف العقوبات الأميركية الأخيرة كان في الأساس منع الدول من التطبيع مع الأسد ومده بما يحتاجه ليعود الى المشهد السوري والدولي كرئيس فعلي، قادر على النهوض ببلاده".
ويعتبر الباحث البريطاني أن العقوبات على دمشق تأتي في مسار يحظى بتوافق سياسي عليه ما بين الحكومات الأوربية وواشنطن التي تصر على وجوب مضي الأسد بعملية انتقال سياسي جذرية، وإحداث تغييرات هائلة مقابل رفع العقوبات.
ويعتقد "راماني" أن "الفرص السياسية" التي تتاح للأسد وتناقضات التحالفات في الشرق الأوسط لن تساعد دمشق على النجاة دون إحداث تغيير كبير، ويضيف "صحيح أن الدول الغربية لا تتحرك لإسقاط نظامه بشكل جذري، إلا أنها تتخذ قرار عزله بجدية"، وفق تعبيره.
من جانبه يعتبر "جوزيف باحوط" الباحث الزائر في برنامج كارنيغي للشرق الأوسط، أن اتصال ولي عهد أبوظبي، الأمير محمد بن زايد بالرئيس السوري بشار الأسد "فرصة سياسية وفرتها أزمة انتشار وباء (كوفيد – ١٩).
إلا أن الباحث يؤكد لـ"نورث بريس" على أنها "خطوة لن تفيد الأسد بالضرورة ولن ينظر اليها الغرب بإيجابية".
وكانت دولة الإمارات قد أعادت فتح سفارتها في دمشق أواخر العام ٢٠١٨، بعد مقاطعة دبلوماسية استمرت منذ العام ٢٠١2. كما سبق أن أشاد القائم بالأعمال الإماراتي "عبد الحكيم النعيمين" من دمشق بالرئيس السوري، معتبراً أن "قيادته حكيمة".
وكان ولي عهد أبو ظبي قد أكد للأسد، دعم بلاده للشعب السوري في هذه الظروف الاستثنائية، مشيراً إلى أن "التضامن الإنساني وقت المحن يسمو فوق كل اعتبار، وأن سوريا الدولة الشقيقة لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة"، بحسب قوله.
من جانبه رحب الرئيس السوري، بمبادرة بن زايد، وثمّن موقف دولة الإمارات العربية المتحدة في ظلّ ما تشهده المنطقة والعالم من هذا التحدي المستجد، مُرحباً بهذا التعاون خلال هذا الظرف.