“زواج المتعة”.. تمدد شيعي وتغيير تركيبة المجتمع في دير الزور
دير الزور- نورث برس
تعيش تيم صالح (25 عاماً) وهو اسم مستعار لشابة من بلدة القورية ٦٠ كم شرقي دير الزور، الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، في منزل والدها وتحمل في أحشائها طفلاً لا تعلم ماذا سيكون مصيره وخاصة أن زوجها لا يعترف به “لأسباب مجهولة”.
وتقول الشابة إن والدها أجبرها على الزواج من أحد عناصر لواء القدس الفلسطيني الموالي لإيران وذلك لمدة ثلاثة أشهر فقط مقابل مهر قدره 200 ألف ليرة سورية.
وتشير إلى أن هدف والدها، الذي يعمل كمستخدمٍ في أحد المزارات الشيعية، من زواجها كان “الطمع في الأموال والمكافئات ولكي يرضي قيادي في الفصائل الشيعية”.
وفي مناطق دير الزور الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، تنتشر حالات ما يسمى بـ”زواج متعة”، حيث تتزوج فتيات من عناصر فصائل إيرانية منتشرة في المنطقة لمدة محددة مقابل مبلغ من المال.
ووفقاً للفقه الشيعي، يقوم زواج المتعة بموجب عقد بين متبعيه، تحدد فيه المدة والمهر، إلا أنه محرم لدى فقهاء السُنّةَ.
ومعظم المتزوجين بعقد زواج المتعة في دير الزور هم قياديون وعناصر في الفصائل الإيرانية وعاملون في المزارات الشيعية أو مدنيون لهم صلات قرابة أو مدعومين من الفصائل، بحسب سكان في دير الزور.
ومنذ بداية 2021، وصل عدد حالات زواج المتعة إلى 25 حالة ولم تتجاوز عقودها ثلاثة أشهر، بحسب ناشطين مدنيين في دير الزور.
إجبار على زواج متعة
وتسيطر القوات الحكومية والفصائل الإيرانية على المناطق الغربية من نهر الفرات، من مدينة دير الزور وصولاً إلى البوكمال في أقصى شرقي دير الزور.
وبدأت الفصائل التابعة لإيران تغلغلها في أرياف دير الزور منذ سيطرتها على المدينة وأريافها غرب نهر الفرات في العام 2017 بعد معارك مع مسلحين تابعين لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وعمدت الفصائل الإيرانية بعد تثبيت وجودها إلى استقطاب أبناء المنطقة، وذلك عبر تحويل غالبية المساجد إلى “حسينيات ومراكز تشيّع”، لتنفيذ أجنداتها من تفكك اجتماعي عبر أساليب الترهيب والترغيب، بحسب سكان.
ويتخوف سكان في ريف دير الزور من استمرار التمدد الإيراني الذي يهدف إلى تغيير التركيبة السكانية عبر عادات مغايرة لعادات وأعراف المنطقة، في ظل تشجيع الشباب على زواج المتعة.
وهرباً من الانتقادات الاجتماعية المحيطة، انتقل علي الصالح (٦٣عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة دير الزور منذ أشهر، إلى مناطق الإدارة الذاتية، بعد أن تزوج ابنه المنتسب إلى فصيل تابع للحرس الثوري الإيراني في المدينة، من أكثر من فتاة بعقد “زواج المتعة”.
ويقول الرجل الستيني، “أصبحت منبوذاً بين أبناء بلدتي بسبب زواج ابني من أكثر فتاة بزواج المتعة، فهو يتخذ سياسة القوة للزواج، لم أسلم من تهديداته، لا سلطة لي عليه”.
ويشير “الصالح” إلى أنه لا يمكن لذوي فتاة رفض طلب عناصر الفصائل في زواج المتعة إن لم يكن له نفوذ بين الفصائل، “فمن يرفض سيكون مصيره السجن والإهانة دون قانون يحق ذلك”.
ويؤكد الرجل أن معظم الحالات التي حدثت كانت إكراهاً دون موافقة الفتاة ورغبة ذويها بالمال، خاصة مع الوضع الاقتصادي الصعب في سوريا، إذ وصلت المبالغ التي دفعت لعقود زواج المتعة إلى نحو 350 ألف ليرة سورية.
“تنافي العادات والتقاليد”
ويثير زواج المتعة الذي أفتت به المرجعية الشيعية بدير الزور، حالة خوف وهلع بين السكان، كونها ظاهرة دخيلة على المنطقة وتنافي العادات والتقاليد والفقه السني الذي يتسم به سكان المنطقة.
وكانت أول حالة زواج المتعة منذ عامين، لفتاة تبلغ 16 عاماً من حي الجورة في دير الزور من عنصر من لواء فاطميون أفغاني الجنسية بمهر يبلغ ١٥٠ ألف ليرة سورية لمدة خمسة أشهر.
ووفقاً لسكان من الحي ذاته، فإن والد الفتاة يسير على الفقه السني، إلا أن انضمامه للفصائل الإيرانية وطمعاً بالمكافآت والمناصب جعله يعتنق يغير معتقده إلى الشيعي.
وترفض هدلة العطوان (50 عاماً) العودة إلى بيتها في البوكمال شرقي دير الزور، “خشية على بناتي من عادات وتقاليد جديدة فرضتها الفصائل الايرانية في المنطقة، دون رقيب”.
واضطرت السيدة للنزوح من البوكمال بعد أن أخرجتها الفصائل الإيرانية من منزلها لأنه يقع في المربع الأمني وفقاً لما ترويه لنورث برس.
وتشير “العطوان” إلى أن هناك أسباباً أخرى دفعتها للخروج من منزلها، وهي خشيتها على بناتها من إجبارهن أو استدراجهن إلى المزارات والحسينيات الإيرانية، “والغوص في العادات الشيعية التي فرضوها على المناطق السنية”.
وتعيش السيدة في بلدة الشعفة شرقي دير الزور، منذ سنتين بغياب زوجها الذي اقتاده عناصر الفصائل الإيرانية دون الكشف عن مصيره إلى الآن، مع بناتها اللاتي تبلغ أكبرهن 25 عاماً وأصغرهن 17 عاماً وطفلين صغيرين.
وتضيف: “خشيت أن يأخذ عناصر الفصائل بناتي في سبيل زواج المتعة التي لا توافق شعائر ديننا ولا تتناسب مع عادات مجتمعنا”.