وسائل تدفئة بدائية تهدد حياة عائلات مخيمات الشمال السوري بإدلب
إدلب – نورث برس
يضطر قاطنو بعض المخيمات في إدلب شمال غربي سوريا على الحدود السورية التركية لاستخدام وسائل بدائية للتدفئة تفتقر لمقوّمات الصحة والسلامة، في ظل تردي الأوضاع المعيشية وغياب الخدمات الأساسية.
ولجأت عائلات في المخيمات، مع نازحين جدد وصلوا من مناطق النزاع في ريفي إدلب الشرقي والجنوبي، لاستخدام الفحم الحجري للتدفئة لقلة تكلفته مقارنة مع المازوت والحطب، رغم أضراره الصحية التي قد تصل إلى حد الوفاة.
وقال فرج الياسين، وهو مهجّر من جنوبي إدلب، متزوج وأب لثلاثة أطفال، لـ"نورث برس"، إن ابنه الأصغر أصيب بمرض الربو التحسسي نتيجة استخدام الفحم.
"الفحم يهدد بتحويل كل ما حوله إلى اللون الأسود ويصدر رائحة كريهة لدرجة أن أطفالي يمرضون بشكل مستمر".
وقال سلطان البدر، وهو بائع فحم في تجمع مخيمات الكرامة على الحدود السورية التركية، إن ثلاثة أنواع للفحم الحجري تتوفر في المخيمات بأسعار متباينة حسب جودته، " فالأبيض هو أردأ الأنواع، وأفضلها الأزرق، ويتوسطهما الأحمر"،
أما أبو وليد، وهو نازح من اللطامنة، اضطر لشراء إطار سيارة تالف وقام بتقطيعه ليلقي قطع المطاط في المدفأة، على الرغم من إدراكه جيداً للأضرار الصحية المترتبة على استخدام الإطارات كوسيلة للتدفئة إلّا أن "تردي وضعه المادي، واستمرار الطقس البارد" دفعه لذلك، على حدّ قوله.
ووثق فريق "منسقو استجابة سوريا"، وهي منظمة محلية معنية بتوثيق الوضع الإنساني لمناطق شمال غربي سوريا، في /13/ شباط/فبراير الجاري أكثر من تسع حالات وفاة في مخيمات "الشمال السوري" خلال الفترة الماضية نتيجة البرد والحروق والاختناقات، في ظل استمرار موجات نزوح جديدة من أرياف إدلب وحلب.
وقال مصدرٌ محلي من مخيم "الضياء 3" لـ "نورث برس"، رفض كشف هويته، إن عائلةً مؤلفةً من أربعة أشخاص، رجل وزوجته وطفليهما، تَوفوا في المخيم ، بسبب استخدام مدفأة تعمل على الفحم، والتي وتُعَّد غير آمنة، لكن الأهالي يستخدمونها لانخفاض أسعارها وتوفرها.
وقال مدير مخيم "الزيتون" غرب إدلب، لـ "نورث برس"، إن طفلتين من نازحي بلدة قسطون بسهل الغاب توفيتا وأصيب والداهما، بسبب وقوع المدفأة داخل خيمتهم ما أدى لاشتعال النيران فيها.
واضطر لاجئون آخرون لاستخدام روث الحيوانات "الجلة" وقطع الأقمشة والنايلون كوقود للمدافئ لعجزهم عن تأمين الحطب والمازوت بسبب ارتفاع أسعارهما، وهو ما فعلته فاطمة أم محمود، وهي نازحة من غربي حلب، والتي قامت بتحضير الجلة صيفاً، لتستخدمها مع الأقمشة والنايلون في هذه الأيام الباردة.
وقال محمد أبو حسن، نازح من مدينة مورك شمالي حماة، لـ "نورث برس"، إنه اضطر لإرسال طفليه، اللذين يبلغ أكبرهما /12/ عاماً، إلى الجبال القريبة لجمع العيدان والنايلون، لعجزه عن توفير الدفء لأطفاله، وذلك بسبب إصابته التي تعرض لها بقصفٍ جوي استهدف منزله.
من جهة ثانية، قال محمد خليل، مدير مخيم الناعورة في حديث لـ "نورث برس" إن معظم قاطني المخيم، وعددهم نحو /3000/ شخص موزعين على /350/ خيمة، لا يملكون إمكانات شراء مادة المازوت التي يبلغ سعر الليتر الواحد منها /800/ ليرة سورية، أو الحطب الذي وصل سعره لأكثر من /150/ ليرة للكيلو الواحد.
وقال مسؤول في إدارة المخيمات، رفض نشر اسمه، إن بعض المنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية تقوم بتوزيع وقود التدفئة على النازحين في المخيمات، إلا أن هذه المخصصات لا تكفي إلا عدداً قليلاً من النازحين، "عدا عن قيام هيئة تحرير الشام بفرض ضرائب على المنطقة وأخذ ما يقارب من /30/ % من كميات المازوت المخصصة للتوزيع لصالحها، وذلك بحجة توزيعه على عوائل عناصرها".
وتطلق تسمية مخيمات "الشمال السوري" على مجموعة من المخيمات الواقعة على طول الحدود السورية التركية شمالي محافظة إدلب بالقرب من بلدات عقربات وقاح وكفر لوسين والدانا وأطمة وسرمدا ومشهد روحين، وتمتد من حارم غرباً حتى أطمة شرقاً، ويقطنها أكثر من مليوني نازح من مختلف المحافظات السورية ولا سيما من حلب وإدلب.