دلالات قرار مجلس الأمن حول ليبيا.. إدانة لتركيا في انتظار "التطبيق العملي"
القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس
قللت مصادر برلمانية ودبلوماسية ليبية من إمكانية التعويل على قرار مجلس الأمن رقم (2510) لسنة 2020، معتبرين أن "القرار في حد ذاته لا يمكن أن يفرض واقعاً ميدانياً بعينه إلا إذا وجدت آليات جادة لضمان تطبيقه، وهو أمر مستبعد في ظل تفاقم الصراع والدعم والتدخلات الخارجية".
ويضع القرار تركيا وفصائل المعارضة السورية المسلحة التابعة لها، "في المخنق" على أساس أن استمرار التدخل التركي ومد أنقرة للميلشيات في طرابلس بالدعم المادي واللوجيستي والمقاتلين يعد خرقاً تركياً جديداً لقرارات مجلس الأمن، وهو ما يُحمل تركيا ضغوطات أكبر، ويؤزم موقفها في ليبيا، حال اتخاذ إجراءات عملية لتطبيق القرار المُعبر عن مقررات ونتائج مؤتمر برلين.
وأقر المجلس، الأربعاء، مشروع القرار البريطاني بشأن الأزمة الليبية، والذي دعا إلى وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا، وصوتت /14/ دولة لصالح القرار، فيما امتنعت روسيا عن التصويت.
ويقضي القرار بالتزام أطراف النزاع الليبي بوقف إطلاق النار وتقيد المجتمع الدول بتنفيذ الحظر المفروض على السلاح، إلى جانب استمرار اجتماعات اللجنة العسكرية (خمسة زائد خمسة) من أجل الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار.
وقال مصدر دبلوماسي ليبي، في تصريح لـ "نورث برس" عبر الهاتف تعليقاً على القرار، إن ما تم إقراره بمجلس الأمن يمثل إدانة للتدخلات الخارجية في ليبيا، في إشارة واضحة لتركيا بشكل خاص، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في التصدي للتدخلات الخارجية التركيّة في ليبيا من خلال إجراءات عملية تصعيدية ضد أنقرة "التي ما فتئت تعطي ظهرها للقرارات الدولية وتتجاوزها، سواء في سوريا أو في ليبيا".
ويشدد على أن تاريخ أنقرة في خرق القرارات الدولية طويل وممتد، وبالتالي هذا القرار الأخير "لن يقدم جديداً دون آليات تفرض تطبيقه ودون تحمّل المجتمع الدولي هذه المهمة"؛ فتركيا هي نفسها التي خرقت قرار مجلس الأمن الدولي رقم (1970) للعام 2011 بإرسالها مقاتلين إلى ليبيا، وهي التي خرقت مخرجات مؤتمر برلين وقرار الهدنة، وغيرها من المحطّات التي تؤكد أن "القرار قد لا تظهر تداعياته على الأرض بالشكل المأمول".
وفي أول تعليق رسمي صادر من جانب حكومة الوفاق (المدعومة من أنقرة)، أعرب وزير الخارجية المفوض محمد سيالة، عن ترحيبه بقرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في ليبيا، مشدداً، على أن "المهم في قرار مجلس الأمن الداعي لوقف إطلاق النار جنوب العاصمة طرابلس هو تنفيذ وتطبيق هذا القرار".
وإلى ذلك، يسلط رئيس المؤتمر الوطني الليبي، محمد العباني، في تصريحات خاصة لـ "نورث برس" عبر الهاتف، الضوء على الإشكاليات التي تواجه ليبيا عملياً، والتي تحد من تأثير القرارات الدولية بشكل مباشر على الأرض في ليبيا، لافتاً إلى "ضعف البرلمان الليبي وعدم وجود سياسيين قادرين على إقناع المجتمع الدولي وتوضيح الصورة الحقيقية لما يجري داخل ليبيا".
وشدد السياسي الليبي في الوقت ذاته على أن "هذا الضعف وغياب دور السياسيين دليل على توغل المليشيات والتدخل الخارجي"، متوقعاً أن "تُفرض قرارات على البرلمان والقوات المسلحة، وهذه القرارات ستفرض على الطرفين الالتزام بالتنفيذ".
وأشار إلى أن "ليبيا أصبحت دوله بدون سيادة، مسلوبة الإرادة، وتتحكم بها دول حسب مصالحهم".
علاوة على أن هذا التحكم والتصارع بين قوى إقليمية ودولية على المشهد الليبي يحد من تأثير القرارات الدولية وتنفيذها على أرض الواقع، وهو ما حدث في مرّات عديدة كان آخرها قرار وقف إطلاق النار الذي تمخض عنه مؤتمر برلين الأخير بشأن تركيا، على اعتبار المصالح المتصارعة بين الأطراف المتنازعة على الساحة الليبية، بحسب العباني.
كما ينظر عضو مجلس الدولة الاستشاري السياسي الليبي عبد الرحمن الشاطر، إلى قرار مجلس الأمن بأنه "سيلقى مصير الفشل على غرار فشل مخرجات مؤتمر برلين"، واصفاً القرار بأنه "وضع العربة أمام الحصان"، كما أنه "لن ينجح في أن يأتي بجديد، وستظل الأمور كما هي عليه تدور في حلقة مفرغة، لجهة أنه لن يتم الالتزام بتنفيذ القرار من قبل الأطراف المعنية".
ورحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في بيان لها الخميس عبر موقعها الإلكتروني، باعتماد مجلس الأمن للقرار (2510) لعام 2020 الذي يصادق على نتائج المؤتمر الدولي حول ليبيا والذي عقد في برلين.
وقالت البعثة إن صدور هذا القرار، الذي يؤكد الحاجة إلى وقفٍ دائمٍ لإطلاق النار؛ ويطالب جميع الدول الأعضاء بالامتثال التام لحظر التسليح، ويعرب عن دعمه القاطع للممثل الخاص للأمين العام، غسان سلامة، والحوار الليبي ـ الليبي الجاري بتيسير من البعثة، يعد بمثابة رسالة قوية إلى الشعب الليبي بأن مجلس الأمن يدعم الجهود الرامية لتحقيق السلام والاستقرار "والمضي نحو مستقبل أكثر إشراقاً".