القطاع الصناعي في الرقة.. محاولات لإعادة النشاط وتسهيلات لأصحاب المعامل
الرقة - مصطفى الخليل - نورث برس
عندما قامت الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا بتشكيل مجلس الرقة المدني في بلدة عين عيسى في شهر آذار/ مارس عام 2017, ارتأت أن يكون هناك لجنة مهمتها إعادة تأهيل الاقتصاد في الرقة, خاصة أن ثمة علاقة وطيدة ما بين قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة، وأن هناك حاجة ماسة للنهوض بواقع مدينة الرقة التي بلغت نسبة الدمار فيها نتيجة الحرب أكثر من /90/% وفقاً لتقارير ولوقائع مازال السكان يتحدثون عنها حتى الآن.
انتقلت اللجنة الاقتصادية كغيرها من لجان مجلس الرقة المدني إلى داخل مدينة الرقة بعد فقدان تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) سيطرته عليها، وعودة الناس إليها بداية عام 2018.
وكانت هذه اللجنة آنذاك في طور النشأة إذ كان يبلغ عدد أعضائها /6/ أعضاء فقط، بحسب ما أفاد به الرئيس المشارك للجنة الاقتصاد في مجلس الرقة المدني رشاد كردو لـ"نورث برس"، الذي يصف الرقة في تلك الفترة بأنها كانت "مدينة مدمرة بالكامل، وأشبه ما تكون بمدن الأشباح، وبطبيعة الحال سيكون القطاع الصناعي في ظل هذه الظروف لا وجود له".
يتابع الكردو "بفضل تكاتف أعضاء مجلس الرقة المدني وجهودهم وخلال عامين توصلنا لمراحل متقدمة من النشاط الاقتصادي، وأصبحت الرقة مركز التجارة في مناطق شمال وشرقي سوريا", على حد قوله.
تأمين مادة الطحين
ويشير الكردو إلى أن باكورة أعمال لجنة الاقتصاد في الرقة كان إعادة تأهيل "مجبل شمس الفرات"، وذلك "نظراً للدمار الذي حل بالرقة, فالبنية التحتية كانت شبه معدومة والأبنية كانت مهدمة وبحاجة لإعادة تأهيل"، مضيفاً "وأيضاً من أجل تزويد المشاريع الزراعية بمادتي البيتون المقاوم والعادي ولتزويد السكان بالمادة بأسعار منخفضة لإعادة إعمار بيوتهم وممتلكاتهم، المهدمة نتيجة الحرب".
وهناك نقطة هامة استفاد منها السكان في الرقة من إعادة تأهيل وتشغيل "مجبل شمس الفرات"، وهي أن صوامع الحبوب في الرقة كانت بحاجة لإعادة تأهيلها من جديد، وذلك نظراً لحاجة السكان لطحن الحبوب من أجل الحصول على مادة الخبز، فكمية الطحين التي تحتاجها الرقة لعام واحد تُقدر بـ/90/ ألف طن, بحسب الكردو.
وقامت لجنة الاقتصاد في الرقة ومنذ انطلاقة عملها بإعادة تأهيل ثلاث صوامع وهي (بدر والرافقة والسلحبية) بطاقةٍ تخزينية تبلغ حوالي/11/ ألف طن لكل صومعة على حدة.
كذلك تم إنشاء غرابيل لغربلة مادة القمح، فقسم يذهب للطحن والقسم الآخر يتم تخزينه كبذار للموسم الزراعي القادم بعد تأمين الكمية المطلوبة لمادة الطحين وهي/90/ ألف طن والتي هي محفوظة في مخازن قريبة من مركز مدينة الرقة.
ويبيّن الكردو أنه يوجد في الرقة حالياً /70/ معملاً، تشمل كافة المهن بشكل تقريبي، ومنها الغذائي والكيميائي والبترولي.
وينظر الكردو إلى أن هذه المعامل القائمة في عملها حالياً في الرقة، "ما هو إلا دليل على الاستقرار الأمني"، وأنهم ما يزالون حتى الآن يتلقون طلبات من صناعيين للحصول على موافقات لترخيصها.
مطالب الصناعيين
واضطر علي الحمادة وهو صاحب معمل قساطل بيتونية من الرقة إلى توقيف معمله لمدة خمس سنوات، بسبب الأوضاع التي مرت بها الرقة أثناء سيطرة عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وقبلها الفصائل التي سبقتها.
ومنذ عامين عاد معمل الحمادة للإنتاج من جديد، ويُصنع حالياً القساطل البيتونية العادية والمسلحة والتي تستعمل في مجال الصرف الصحي والبنى التحتية والعبارات الطرقية, حيث يقوم المعمل بإنتاج /8/ مقاسات متنوعة، مع إمكانية إنتاج قساطل ضخمة في حال طُلب ذلك، على حد قول الحمادة.
ويطالب الحمادة غرفة الصناعة ومكتب الصناعة التابع للجنة الاقتصادية في الرقة بضرورة تسريع الدعم في تقديم مادة المحروقات للصناعين، إذ أنهم ومنذ أكثر من شهرين أصبح الدعم المقدم لهم "قليلاً" نتيجة ازدياد الطلب على مازوت التدفئة، مما يضطرهم لشراء هذه المادة من السوق السوداء بأسعار مرتفعة.
رخصة معمل
بدوره يقول مسؤول الإعلام في اللجنة الاقتصادية في مجلس الرقة المدني إبراهيم أحمد الخلف، إن شروط ترخيص منشأة صناعية أو معمل "بسيطة وغير معقدة"، وهي صورتين للهوية الشخصية لصاحب الترخيص، وأن يكون المعمل خارج المدينة، وذلك "حفاظاً على صحة المواطنين، ومنعاً للإزعاج"، إضافة لكتاب من البلدية مصدق عليه من الكومين ومجلس الشعب من كل منطقة.
ويوضح الخلف أن قيمة الرسوم المطلوبة للترخيص تتراوح قيمتها من /100/ ألف ليرة سورية إلى/300/ ألف ليرة سورية, حسب نوعية المعمل واستطاعته الإنتاجية.
كان وما يزال القطاع الصناعي في الرقة خجولاً حتى في فترة ما قبل اندلاع الحرب سنة 2011ولا تعتمد مدينة الرقة في اقتصادها على القطاع الصناعي كبعض المدن السورية مثل ريف دمشق، وحلب التي توصف قبل الحرب بأنها العاصمة الاقتصادية لسوريا، وقِبلة الصناعيين الكبار.
في حين تبلغ نسبة السكان العاملين في قطاع الزراعة أكثر من /75/% , فالرقة مدينة زراعية بامتياز وذلك يعود لوفرة الماء واتساع رقعة الأراضي الزراعية الخصبة المنتشرة في أريافها.