ارتفاع الأسعار والتضخم.. فجوة كبيرة بين دخل الأسرة السورية ونفقاتها المعيشية
دمشق - صفاء عامر – نورث برس
تعاني الأُسر السورية من أزمة معيشية كبيرة نتيجة الارتفاع الفاحش في الأسعار على إثر انخفاض قيمة الليرة السورية مما ولّد تفاوتاً كبيراً بين دخل الأسرة السورية ونفقاتها المعيشية.
فبحسب مؤشر قاسيون الربعي لتكاليف معيشة أسرة من خمسة أشخاص في دمشق، أشار بأن متوسط تكلفة المعيشة حوالي /385/ ألف ليرة سورية، بينما الحد الأعلى للرواتب المقطوعة للفئة الأولى هو /80,240/ ليرة، وذلك بعد دمج تعويض المعيشة، أمّا الحد الأدنى لها فهو /47,675/ ليرة للفئة الخامسة.
يقول علي (38 عاماً) لـ "نورث برس" وهو موظف حكومي في إحدى الدوائر الحكومية بمحافظة دمشق، عند سؤاله فيما إذا يكفيه دخله الشهري طوال الشهر: "إنه اليوم الثالث عشر من الشهر الحالي لم يبقى من راتبي الشهري سوى عشرة آلاف ليرة سورية، سأشرب وعائلتي الشاي خالياً من السكر وسنقضي ما تبقى من شهرنا نتناول المؤونة والحواضر".
يضيف علي متهكماً على حاله "لا عليكم وشكراً لسؤالكم, ما هي إلا أيام وسيُقبل الشهر الجديد وسنستطيع تناول وجبتي غداءٍ دسمتين، ونبدأ حياة كريمة جديدة".
تقول زوجة علي إسراء (36 عاماً): "بعد اللهيب الجنوني للأسعار في الأيام الأخيرة خاصة أسعار المواد الغذائية ستضطر عائلتنا والعوائل الشبيهة بوضعنا لشدّ أحزمة التقشف".
تعلق إسراء على الدراسة المذكورة، "من أين لنا بعشرة أضعاف المبلغ هذا، أنا وزوجي نعمل ودخلنا سوية لا يصل لـ /200/ألف ليرة ".
تصمت للحظات ثم تردف بالقول: "وكأن لسان حال الحكومة والتجار يقول لنا سافروا خارج البلاد".
وهذا يعني أن الأسر السورية تعاني من أزمة معيشية كارثية يصعب تصوّرها, تستثنى منهم أسر الطبقة المخملية التي ربما يكون الراتب الشهري لأي عامل سوري هو مصروف جيب لأحد الأولاد، أو طاولة عشاء في مطاعم الخمسة نجوم.
ولا تقف أوضاع المواطن السوري عند هذه الحدود، لكنها ستزداد سوءاً نتيجة المضاربات التي تشهدها السوق بين التجار، وكسر سعر صرف الليرة السورية حاجز الألف ليرة مقابل الدولار الأمريكي.
يقول أبو مصطفى (45 عاماً) موظف حكومي: "التجار يتحكمون برقاب العباد والمعنيون بمراقبة الأسعار يقضون شهر العسل وكأنهم يدفعونا لارتكاب الموبقات والحصول على رشى من عملنا لكي نستطيع تمضية ما تيسر لنا من أيام الشهر". مضيفاً، " ولكن الغاية لا تبرر الوسيلة, هذا ما عهدناه من آبائنا".
من جانبها تتساءل عهد وهي معلّمة في مدرسة حكومية: "لا نعرف ما هي المعايير التي يُحدّد على أساسها دخلنا الشهري، ونحن نحتاج لضعفه عشرات المرات، عن أي رواتب مرتفعة يتحدث المسؤولون؟!، ومعظم السوريين يقتربون من خط الفقر".
تنوه عهد أنها تلجأ لإعطاء دروسٍ خصوصيةٍ لطلابٍ ضمن بيوتهم، كي تستطيع مشاركة عائلتها بدفع الآجار الشهري لمنزلهم، وتوفير بعض الاحتياجات التي وصفتها "بالضرورية وليس الكمالية".
الأوضاع المعيشية للأسرة السورية كارثية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى في ظل الفجوة بين الدخل الشهري وتكاليف المعيشة الشهرية, فأزمتهم تجاوزت جميع المعايير، والسؤال الذي طرحه كل من التقته "نورث برس"، هو كيف بمقدور السوري التكيّف مع دخلٍ شهري لا يناسب متطلباته؟، هل يلجأ العاملون الحكوميون نحو الرشى والفساد؟، ما عساهم يفعلون؟.