الصفحة الرئيسية / مجتمع / التاريخ : 2019-09-12 10:39:59
خيرُ جليسٍ تحت جسر الرئيس... أبو طلال بائع يُسيِّر شراع القُرَّاء
دمشق – بائع الكتب أبو طلال تحت جسر الرئيس في العاصمة دمشق - NPA
دمشق – صفاء عامر - NPA
فوق كرسي مشبك جيداً، محاطاً بجيشٍ من الكتب حولهُ، تحت جسر الرئيس وسط العاصمة السورية دمشق، يجلس الستيني أكرم كلثوم المعروف بأبي طلال، وأمامه لوحةٌ كتب عليها "خيرُ جليسٍ في الأنامِ كتابُ".
تروي تجاعيد وجهه، روايةً كتبَ الوقتُ -الذي إن لم تقطعه قطعك- أحداثها بخطوطٍ برزت بشكلٍ واضحٍ على وجهه، إذ يقول أبو طلال: "لو نملك شعوباً تقرأ لما وصلنا إلى هذه المرحلة... أصبحنا مجتمعات مستهلكةً فقط".
يُوقف الرجل حديثه للحظاتٍ ليدخن إحدى السجائر الوطنية الموجودة في علبتها التي أخرجها من جيبه بتثاقلِ المنتظرِ، ويستأنف حديثه دون إشعالها، قائلاً: "أمةُ إقرأ لا تقرأ".
يتابع أبو طلال "مثلما تُنمي عضلات جسدك، عليك تنمية عقلك"، ويردف "أكثر ما يطلبه اليوم الشباب، هي كتب التنمية البشرية وأحلام مستغانمي وهذه الكتب التي لا تُنمّي أية فائدةٍ"، يتنهد ويطلق كلمتين بأسفٍ بالغٍ "حرام والله".
"المفروض أن يكون بائع الكتب قارئاً، وإن لم يكن فليذهب لبيع البندورة"، هكذا يعلّق أبو طلال على مهنته، ويضيف "لأنَّني كادحٌ اخترت هذه المهنة... كادحٌ وقارئٌ".
يشير أبو طلال بسبابته على بُعد بضعة أمتارٍ قليلةٍ منه "هناك حيث سقطت قذيفة عام 2013، لكني لم أبرح مكاني، فالأرض أرضنا ولا خيار لنا سوى بالبقاء".
أبو طلال البائع، هو في الوقت ذاته، قارئٌ من الطراز الأول، وفصيحٌ، لكنه يخشى الكتابة حسب قوله، ويمتلك خطاً جميلاً، رغم أنَّه حاصل على شهادة التعليم الأساسي فقط ويفضل قراءة الكتب "التي تتحدَّث عن الإشكالات الدينية التي تحفّز العقل على الفكر"، حسب وصفه.
"القراءة ملكةٌ حقيقيةٌ تحتاج إلى استحواذ كل قواك كي تقرأ وهذا ما نفتقده اليوم"، يكمل حديثه: "ليس الأفضل أن تكون كاتباً بل أن تكون قارئاً ذكياً محترفاً لديك نظرة عميقة بما تقرأ".
لا يرى أبو طلال نفسه سوى بائعاً للكتب، ويصف نفسهُ بأنَّه تاجرٌ فاشلٌ. ويختم حديثه: "بائع الكتب مثل الريح التي تُسيّرُ الشراع، وأنا أُسيّرُ القارئ نحو القراءة الهادفة".