في ظل انعدام مقوماتها... البداوة وتربية المواشي في سوريا نحو الزوال
الرقة – أحمد الحسن- NPA
يشهد نمط الحياة البدوية في سوريا تراجعاً كبيراً منذ اندلاع الازمة السورية عام 2011 والعمليات العسكرية.
وكان الآلاف من أبناء البادية السورية يعتمدون على رعي الأغنام في معيشتهم، ولكن بعد اندلاع الحروب، وتشكُّل الفصائل المسلَّحة، وانتشار مظاهر السلب والنهب، والاعتقالات العشوائية في تلك المناطق، أُجبر السوادُ الاعظمُ من البدو على النزوح بأغنامهم الى مناطق شرقي الفرات طلباً للأمان أولاً، ولتدبير معيشة غنمهم ثانياً.
إلَّا أنَّ تشكُّل تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) وما شهدته المنطقة خلال السنوات الأخيرة من حصارٍ للقضاء على التنظيم، كان كفيلاً مع سنوات القحط التي شهدتها البلاد بأن تقضي على هذه الثروة الحيوانية.
حيث اضطر سكان البدو الى بيع اغنامهم بسبب قلة المراعي وانخفاض أسعارها، خلال فترة حكم التنظيم، الأمر الذي أدى الى تدهور اوضاعهم المادية بشكلٍ كبيرٍ،
حيث لجئ الكثيرون منهم الى العمل في مجالاتٍ اخرى كالزراعة والصناعة وغيرها من الاعمال ليؤمنوا قوتهم.
صبحة الخلف نازحةٌ من ريف حمص، تسكن هي وزوجها الكبير في السن واطفالها الصغار، في خيمة كانت شمس الصيف قد مزقت اجزاءً منها، لذلك تعمل على ترقيعها ببقايا الألبسة التي جمعتها من القرية التي تقيم بجوارها، لكي تستقبل فصل الشتاء.
تحدَّثت صبحة عن معاناتها لـ"نورث برس" قائلةً: "كنا نملك ألف رأسٍ من الغنم، ولم نكن نحتاج الى أحد، ولكن لم تُبقي لنا الحرب منها شيئاً، لذلك أصبحنا ننتظر مواسم الزراعة لكي نعمل فيها".
وتضيف صبحة أنَّهم لم يتلقوا أية مساعدةٍ من أي جهةٍ رغم أنَّ "أوضاعنا مأساوية و لم نعد نحتمل".
أمّا حمدان النزال نازحٌ من ريف حماة، كان يعمل مربّياً للأغنام في البادية السورية، تحدَّث لـ"نورث برس" عن معاناته قائلاً "لقد كنا نعتمد على الله ثم على أغنامنا في معيشتنا، ولكن الآن لم نعد نمتلك شيئاً منها".
وبيَّن النزال أنَّه نتيجة فقدانهم لتلك الأغنام اضطر أبنائه للعمل في مهن أخرى "يعمل أبنائي اعمالاً مختلفةً لا يتقنونها، ولكن الحاجة دفعتنا الى ذلك مضطرين".
هذا وقد لجئ البعض من البدو الى بيع اغنامهم، والعمل في التجارة وغيرها من المشاريع الصغيرة، محاكين بذلك سكان المناطق التي يقطنونها، في خطوة للاندماج وتوفير حياةِ مستقرةِ لهم ولأبنائهم.
موسى الحسين الخلوف، نازحٌ من ريف حمص، كان يعمل مع أهله على تربية الاغنام ولكن ظروف الحرب دفعتهم الى بيعها بأسعارٍ بخسةٍ، وامتهان بيع المحروقات في محلٍ صغيرٍ كان قد استأجره في قرية رويان غربي مدينة الرقة بـ/30/ كم.
يقول الخلوف "لقد بعنا أغنامنا بسبب ظروف الحرب والقحط " مبيّناً " استأجرت هذا المحل لكي أوفر لأهلي حياةً مستقرةً ".
وأضاف الخلوف "حالي هو حال الكثيرين من سكان البادية الذي نزحوا الى ريف الرقة، حيث عمل البعض بالصناعة أو التجارة أو الزراعة أو غيرها من المهن ليؤمنوا قوت عيالهم".
أمّا محمد عوض الصالح وهو نازحٌ من منطقة السخنة بريف حمص، كان يعمل كمربّي للأغنام ، فقال "ليس لدينا الخبرة الكافية للعمل في الزراعة أو الصناعة، فنحن مربو أغنام، ولكن ظروفنا أجبرتنا أن نعمل بهذه الأعمال بعد أن فقدنا أغنامنا" مطالباً المنظمات الانسانية أن تنظر في وضعهم، لأنَّهم "يعانون الأمرَّين من الفقر".
و يسكن النازحون من البدو الرُحَّل في مخيمات عشوائية على اطراف القرى في ريف الرقة، حيث بلغ عدد تلك المخيمات /28/ مخيماً، بحسب أحمد الاحمد، رئيس مكتب الإغاثة التابع للجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في مجلس الرقة، والذي بين أنَّه يقطن تلك المخيمات نحو /4300/ عائلة معظمهم كانوا من مربّي الاغنام .
وخلال الفترة الماضية قام الكثيرون من البدو بشراء الاراضي وبناء البيوت الطينية على اطراف القرى، في محاولةٍ للاندماج بالمجتمع وتعلم مهنٍ جديدةٍ .
يُذكر أنَّ تربية المواشي، كانت تُعد أحد أهم المصادر لتلبية احتياجات السوق المحلية من مشتقات الحليب كالألبان والأجبان وغيرها، كما أنَّه كانت رافداً مهماً لتأمين احتياجات السوق من اللحوم.