مسيحيو السويداء.. مكوِّن منتشر في المحافظة قلَّصت الحرب تواجده
السويداء - جبران معروف - NPA
تُماثل السويداء غيرها من مناطق الجغرافية السورية، من حيث تنوّع المكوّنات المشكِّلة للمجتمع السوري، حيث يحضر بين تلك المكوّنات، وإن كان "الموحدون الدروز" المكوّن الأكبر عددياً، المكوّن المسيحي بعددٍ من طوائفه الدينية.
وتتصدّر الطوائف المسيحية في السويداء طائفة "الروم الأرثوذكس"، حيث تمثلهم مطرانية بصرى وحوران وجبل العرب، ومن ثّم يليها طائفة الروم الملكيين الكاثوليك، وتتمثل في الأبرشية.
وينتشر المسيحيون في غالبية بلدات ومدن السويداء، وخاصة في النصف الغربي من المحافظة، وكثير من تلك المناطق تحتوي على كنائس، وإن كانت غالبيتها تُعتبر "كنائس قديمة".
وحصلت "نورث برس" من مصادر خاصة (رفضت الكشف عن نفسها)، على إحصائيات حول أعداد أتباع الديانة المسيحية، حيث قُدّر عام 2010 أعداد رعاية بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس في السويداء، وهي أكبر طائفة مسيحيَّة في سوريا، بنحو /30/ ألف نسمة.
كذلك قُدّر عددهم في سائر المناطق السورية بنحو مليون نسمة، في عام 2015، فيما تراجعت أعداد رعايا البطريركية إلى النصف تقريبا، بسبب السفر، جراء الأعمال العسكرية وتردّي الوضع الاقتصادي.
لدى بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، علاقات وثيقة مع الكنيسة الروسية الأرثوذكسية، والتي ساعدتها في إنشاء "دائرة العلاقات المسكونية في بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس".
دائرة العلاقات المذكورة آنفاً لعبت دوراً إنسانياً كبيراً خلال السنوات السابقة، إن كان على مستوى المساعدات الإنسانية من سلال غذائية ورعاية طبية، إلى التدريب والتمكين والدعم النفسي، بدعم من الجمعية الأرثوذكسية العالمية.
واللافت في الدائرة أنَّها قدّمت بشكل رئيسي دعمها للوافدين إلى السويداء، من مختلف المناطق السورية، بغض النظر عن الانتماء الديني أو المذهبي، كما أنَّها قبلت المتطوعين من مختلف المكوّنات، ليتحول العمل ضمنها إلى فرصة عمل دائم مقابل مبلغ مالي.
كما يُقدّر عدد رعايا كنيسة "الروم الملكيين الكاثوليك" في عام 2015، بنحو /27/ ألف نسمة.
وأشاد العديد من أبناء السويداء لـ"نورث برس"، بتجربة العيش المشترك مع المكوّن المسيحي في المحافظة، والذي يعود إلى مئات السنوات الفائتة.
وأكّدوا على "احترام الخصوصية وحرية ممارسة الشعائر الدينية، ومشاركة بعضهم البعض وبالفطرة الإنسانية بالمناسبات والزي الشعبي في المنطقة".
ولفتوا إلى أنَّ المسيحيين كسائر أبناء المحافظة، عانوا من غياب التنمية عن بلداتهم ومدنهم، وانحسار مصادر الرزق، فكان ملجأهم الهجرة الداخلية باتجاه دمشق، والسفر إلى دول الاغتراب، لتأمين حياة كريمة.
وأضافوا أن بعض البلدات خلت تماما من المسيحيين، في حين مازال أهالي بلداتهم يتذكرون أسماء عائلاتهم ومنازلهم، التي إمّا باعوها أو تضرّرت بنسب مختلفة جراء الاهمال.
وتابعوا أنَّ الوضع اختلف من بعد عام 2011 واشتداد المواجهات العسكرية، حيث بدأ أبناء الطوائف المسيحية بالتوجه إلى اللجوء أو الهجرة.
هذا الفرار جاء هرباً من الوضع المعيشي السيء، والأعمال العسكرية والخدمة العسكرية، والأهم البحث عن مكان مستقر لتأمين مستقبلهم، واللافت أنَّ هناك دائما تسهيلات، من قبل كثير من الدول والمنظمات لهم، للسفر خارج البلاد.