الصفحة الرئيسية / مجتمع / التاريخ : 2019-05-30 11:44:38
مخلفات الحرب تتحول لأعمال وتحف الفنية
الفنان نشأت عمي في ورشته الخاصة - NPA
كوباني- فتاح عيسى/ جهاد نبو-NPA
الصرخة، عازفة الكمان، الرّحال، المايسترو والديك، ليست أسماء لأفلام أو عناوين روايات، إنما هي أسماء قطع فنية، صنعها شاب ثلاثيني من مخلفات الحرب.
داخل حي كانيا كوردان في كوباني/عين العرب، يعمل الفنان نشأت عمي في ورشته الخاصة قرب منزله، على تحويل مخلفات الحرب إلى أشكال ولوحات وتحف فنية.
تحويل قطع الخردة الحديدية من قذائف هاون وقنابل وبقايا تفجيرات إلى أعمال فنية موهبة امتاز بها نشأت، الذي طور نفسه من عامل في مجال الحدادة، إلى أحد الفنانين الذي بات يشارك في كل معرض يقام في شمال وشرقي سوريا.
ولد نشأت في قرية شران شرق كوباني عام 1985، لم يدرس الفنون أكاديمياً فقد ترك المدرسة وهو في الصف التاسع وسافر إلى دمشق عام 2002 ليتعلم مهنة الحدادة.
عمل في مجال المفروشات المعدنية والديكورات والأدوات المنزلية في دمشق لمدة سنتين لينتقل فيما بعد إلى لبنان عام 2004، وهناك عمل في نفس المجال لمدة سنتين، وبدأ بعمل ديكورات معدنية لأشكال وزخارف من الطبيعة في لبنان لمدة ثلاث سنوات.
عاد إلى كوباني عام 2012 مع بدء الأحداث في سوريا ونزح منها إلى تركيا أثناء هجوم مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" على المدينة خريف 2014، ليبدأ بعد هزيمة مسلحي التنظيم مشواره الفني مع الحديد ومخلفات الحرب.
يقول نشأت لـ"نورث برس" "كنت أسير في شوارع المدينة وأشاهد مخلفات الحرب، وخاصة في المناطق التي جرت فيها معارك طاحنة والتي كانت تسمى بالمتحف حيث كنا نرى مآسي الحرب في أبشع تجلياتها، المنازل مدمرة، والمخلفات متراكمة في أغلب الأحياء والشوارع".
تمثال "شهيد عكيد", كان أول عمل فني له، صنعه من الحديد الخالص بطول ثلاثة أمتار ووزن حوالي ألفي كيلو غرام مستغرقاً في ذلك قرابة ثمانية أشهر ليتم نصبه في إحدى ساحات المدينة التي سميت باسم "ساحة عكيد" وذلك نهاية آذار/مارس عام 2017.
وفي نفس العام من شهر أيار/مايو, شارك نشأت في ورشة عمل "سامبوزيوم" في كوباني والتي أقيمت بإشراف اتحاد مثقفي روج آفا كردستان وهيئة الثقافة والفن لمنسقية روج آفا تحت شعار "الفن يبني الجسور بين الشعوب".
وقدم نشأت خلال الورشة، لوحة حديدية تمثل الـ"شهيدة كوجرين آمار"، و الموجودة حالياً في مؤسسة عوائل الشهداء في كوباني.
بعدها صنع نشأت نحو 20// قطعة فنية من مخلفات الحرب التي تناثرت بكثرة في مدينته، ويتابع أعماله لاستكمال نحو ثلاثين قطعة فنية تجهيزاً لمعرضه الفردي.
الإلهام
يقول عمي "المخلفات التي أشاهدها وأحملها معي هي تشبه شيئاً ما، كل قطعة أحملها كانت تعني شيئاً ما في مخيلتي وكأنها منحوتة وجاهزة وبحاجة لتعديل بسيط ولمسة فنية لتكتمل".
إحدى القطع الفنية سماها نشأت "صرخة"، صنعها كما يقول من مدفع "جهنم"، القذيفة التي كان يستخدمها مسلحو التنظيم في قصف مدينته، وتتألف من قاعدة لقذيفة هاون وجرة غاز متفجرة، قام بتركيبها مع بعضها، فأصبحت قطعة فنية.
القطعة الفنية التي تشبه "الديك" كانت جاهزة فنياً بنسبة 60% كما يقول نشأت أثناء العثور عليها بين المخلفات، فالقطعة الحديدية الملقاة في إحدى شوارع المدينة كانت لها ذيل الديك وجناحاه وبحاجة للرأس فقط، لتكتمل.
"عازفة الكمان" هي الأخرى قطعة فنية شاهدها عمي بين مخلفات الحرب في صورة فتاة تلبس زي عازفة في إحدى القاعات الموسيقية، فتخيل المشهد مباشرة، وكأن الفتاة بلباسها وحركة جسدها تريد العزف على آلة موسيقية، فحقق أمنيتها وزودها بالكمان لتكتمل القطعة الفنية.
وتختلف المدة التي تستغرقها كل قطعة فنية لتكتمل، فهناك قطعة تحتاج لأسبوع وأخرى تحتاج ليوم واحد، لكن أهم شيء يأخذه بعين الاعتبار هو عدم الاصطناع في اللوحة أو العمل الفني، محاولاً بقدر الإمكان أن تكون القطعة سلسة ومريحة للنظر، لأن معظم القطع الفنية من مخلفات الحرب هي تشبه شيئاً ما مضيفاً لمسته الفنية فقط, حسب نشأت.